الهجرة غير القانونية وآليات حماية وإدماج المهاجرين الأفارقة في المغرب (تقرير أطروحة)

20 أغسطس 2022 - 10:42 م فضاء المكتبة , أطروحات جامعية , فضاء المكتبة , في الواجهة
  • حجم الخط A+A-

أناس الشاوني دكتور في الحقوق

تقرير أطروحة دكتوراه في القانون العام للباحث “أناس الشاوني”، تم مناقشتها بتاريخ 28 يوليوز 2022، برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة.


باسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

السيد الرئيس، السادة أعضاء لجنة المناقشة الموقرين، الحضور الكرام.

اسمحوا لي قبل أن أضع بين أيديكم تقريرا موجزا حول موضوع أطروحتي للدكتوراه المعنونة بـــ:

الهجرة غير القانونية وآليات حماية وإدماج المهاجرين الأفارقة في المغرب.

أن أتقدم بالشكر لله تعالى على نعمة العلم والتعلم والتوفيق لإتمام هذا العمل، كما أتقدم بعبارات الشكر وعظيم الامتنان إلى فضيلة الدكتور أحمد درداري لتفضله بالإشراف على هاته الأطروحة وإخراجها إلى حيز الوجود. من خلال توجيهاته النيرة وملاحظاته العلمية. ويسرني أن أغتنم هذه الفرصة لأعبر له عن أصدق المودة والتقدير.

كما أتقدم بخالص عبارات التقدير والاحترام والشكر لأعضاء اللجنة العلمية على قبولهم مناقشة هذا البحث.

وأنا على يقين بأن مناقشتَكُم ستكون إضافة نوعية لهذا البحث، وتوجيها نقديا سيصوب مضمونه ويقوي عناصره ويرقى به إلى الأحسن.

كما أقدم شكري الموصول لكل من كان له الفضل في مساعدتي على إتمام هذا البحث.

إن البحث العلمي أداة أساسية لتطوير الإنتاج (المادي والرمزي)، وعنصر مركزي لخلق التنمية الشاملة والأمن الدائم، ذلك أن مخرجاته لا تقتصر على تطوير تقنيات جديدة ومنتجات أفضل، بل تتجاوز ذلك إلى تطوير أشكال التكيف مع محيط كل مجتمع، وتدبير الممتلكات الرمزية والمادية تدبيرا متوازنا يضمن الاستقرار والأمن للجميع. مثلما تسعى أيضا إلى ضمان كرامة الإنسان وصيانة حقوقه الأساسية.

ومن هذا المنطلق نشير إلى ضرورة اضطلاع الجامعة بدورها المعرفي والثقافي في تكريس التنافسية والإبداعية والمبادرة، وعلى لزوم انخراط كافة الفاعلين الجامعيين (طلبة وأساتذة باحثين وأطر إدارية وتقنية) في كل المشاريع الرامية إلى الرفع من جودة البحث العلمي، مع ما يعنيه ذلك من وجوب إشاعة جو من الثقة والحوار والمسؤولية والشفافية والحكامة داخل المؤسسة الجامعية من جهة، ثم بين هؤلاء ونظرائهم من المتدخلين السوسيواقتصاديين والسياسيين من جهة ثانية. أما الغاية الأسمى من كل ذلك فهي بالتأكيد تعزيز جاذبية المؤسسات البحثية، وتحقيق الإقلاع الاقتصادي المنشود، وضمان التنمية البشرية المستدامة، وتحقيق الأمن بكل تجلياته داخل المجتمع، بالموازاة مع حفظ حقوق الإنسان المواطن والمهاجر على حد سواء.

ونتطلع أن يكون بحثنا هذا حلقة متواضعة ومولودا جديدا يساهم في تطوير البحث العلمي المغربي وإغنائه، في انتظار تحقيق التأهيل العلمي الرصين والهادف والمنفتح على سوق الشغل بكل تجلياته الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.

وتأسيسا عليه، فقد عرف المجتمع الدولي خلال العقود الأخيرة تحولات كبيرة بفعل التطورات العلمية لا سيما في المجالين التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة، مما أفرزت معه ظواهر اجتماعية جديدة، كظاهرة الهجرة غير القانونية، التي أصبحت تؤرق الدول والمجتمع الدولي بحكم أنها ترتبط بعوامل أخرى اقتصادية وسياسية وثقافية، زد على ذلك أنها تتداخل مع ظواهر أخرى مثل ظاهرة الإتجار بالبشر، والتطرف، ومشاكل الاندماج.

والمغرب بحكم موقعه الجغرافي وقربه من أوروبا أضحى محطة استراتيجية لشبكات الهجرة غير القانونية سواء مهاجري دول جنوب الصحراء أو دول أخرى. لكنه بدأ يولي اهتماما خاصا للمهاجرين الأفارقة والعمل على إدماجهم بالتعاون مع المجتمع الدولي، وبذل مجهودات تتعلق بتفكيك الشبكات المتخصصة في تهريب البشر.

وعلى هذا الأساس، أصبحت تطرح مجموعة من الإشكالات المتعلقة بسياسة الهجرة والهجرة غير القانونية، مع ضغط اتفاقيات حقوق الإنسان على مختلف صناع القرار، علاوة على هاجس الأمن المرتبط بقوة مع ظاهرة الهجرة غير القانونية.

فقد أصبحت الهجرة في هذا العالم ظاهرة مقلقة لجل الدول ومعقدة ومتداخلة تماما مع عدد من الظواهر السلبية، حيث أصبح الموضوع يستأثر باهتمام دولي ووطني وخصوصا منها الهجرة من دول الشمال إلى دول الجنوب، والهجرة فيما بين دول الجنوب، وتتداخل كذلك في هذه الحركية عوامل وأسباب كثيرة وأهمها ما يرتبط بأزمة التنمية، ولمقاربة موضوع الهجرة يجب التطرق للأمن من مختلف الزوايا والأبعاد والتخصصات، خصوصا أننا في حاجة ماسة إلى تأمين الإنسان وربط الهجرة  بالديمقراطية  وبالحركة البشرية، تفاديا لانزلاقات خطيرة، كالوقوع في الاتجار في البشر والانخراط في التنظيمات الإرهابية وكذا في تجارة المخدرات عبر الحدود، والجريمة المنظمة، وانتشار الإرهاب  الدولي، والهجرة غير القانونية، وظواهر أخرى مشينة التي ترتبط بالإنسان، وأن المقاربة الأمنية تتوخى اليوم رصد ظاهرة الهجرة من زاوية تنموية وإنسانية وحقوقية وقانونية.

إننا نحتاج اليوم إلى نص قانوني يأطر المهاجر داخل كل دولة وذلك تماشيا مع حقوق المهاجر على مستوى حقوق الإنسان، كما جاء ذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في البند 13 منه، الذي ينص على: “حق أي شخص في اختيار مكان إقامته وحرية التنقل داخل أي يلد شاء”، كما يؤِكد أنه: “لكل شخص الحق في مغادرة أي بلد والعودة لبلده الأصلي”، وهذا تكريس للحق في التنقل، وذلك تماشيا مع الثقافة الحقوقية وتنامي الظاهرة الحقوقية في العالم، بحيث أصبحنا اليوم نعيش جيلا جديدا من حقوق الإنسان، في حين أن الشعوب داخل أوروبا تعاني أزمة الاعتراف بالإنسان وأزمة كرامة الإنسان.

كما يجب رد الاعتبار للقارة الإفريقية وللشعوب التي تغذي الهجرة، وبأن تكون هناك نظرة حقيقية وموضوعية للإنسان الذي يعيش حياة هشة وصعبة، لأن الماء والفقر والبطالة والحروب والنزاعات والاحتباس الحراري والأمراض كلها عوامل تؤدي إلى الهجرة.

فاليوم، الهجرة الطوعية ليست هي الهجرة بالإكراه نظرا لوجود عوامل مؤثرة ومقلقة تدفع إلى الهجرة لاسيما النزاعات والحروب والصراعات والانقلابات وجرائم التنقل والأعمال الإرهابية، وبسبب وجود منظمات إرهابية، ظواهر تؤدي إلى هجرة أعداد كبيرة من السكان بحثا عن مناطق آمنة ودون التفكير في العودة، الحالة التي تعرفها العديد من الدول الإفريقية ودول أخرى، بفعل خوفهم على حياتهم، وأحيانا تكون هناك دوافع إنسانية أو اجتماعية واقتصادية فيبحثون عن ملجأ وحياة ومكان آمن قصد استمرارهم على الأرض.

والمغرب اليوم أصبح قويا ورائدا على المستوى المقاربة الأمنية، وفي المرتبة الأولى عالميا في مجال حماية السلم والأمن الدوليين، ويعمل اليوم على تقاطع الهجرة والأمن لتذكير الجاليات بمقاربة جديدة يتحول منها المغرب من بلد العبور إلى بلد استقرار للمهاجرين، أمام رفض أوروبا للمزيد من تدفق المهاجرين نحو دول الشمال الشيء الذي يطرح الإمكانيات المالية الدولية لبقاء المهاجرين في المغرب، وتنمية أوضاعهم نظرا لتوفر الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي للمغرب، وترجيح مقاربة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتوفير حياة أفضل للمهاجرين داخل القارة الإفريقية وبعيدا عن مناطق التوتر والتهديد في نفس القارة.

وفي هذا الإطار فإن جلالة الملك محمد السادس (نصره الله)، أحدث المرصد الإفريقي للهجرة من أجل النهوض بأوضاع المهاجرين، وهناك تنسيق مغربي أوروبي لدراسة أوضاع هذه الفئة، حيث أن المغرب لا يمكن أن يشغل دور الدركي في مجال الهجرة، بحيث يجب أن يعتبر شريكا حقيقيا وفاعلا في مقاربة هذه الظاهرة، لأن القانون الدولي  الخاص والقانون الوطني والمواثيق الدولية تتقاطع فيما بينها، حيث ينبغي أن تولد لنا سياسة عمومية خاصة بالمهاجر وأن يكون هذا الأخير ممثلا في جميع برلمانات العالم حتى يكون هناك كرسي في قبة البرلمان بدءا من المغرب، حتى نستطيع أن نلامس الهجرة من داخل المؤسسات التشريعية والمؤسسات الصانعة للسياسات العمومية.

مقال قد يهمك :   الصعوبات المحاسبية عند تقييم الشركات موضوع الاندماج

وعليه، فإن قضايا الأمن والهجرة أثارت اهتمام الباحثين والمتخصصين في مختلف أنحاء العالم ومن مختلف التخصصات والزوايا: القانونية منها والاقتصادية، والاجتماعية، والمجالية، والتاريخية، والثقافية…، فأضحت بذلك الهجرة واحدة من أهم القضايا التي لا سبيل لتجنبها في عالمنا المعاصر أمام تعقدها وتعدد سياقها وتجلياتها وإفرازاتها.

ومن خلال التأطير العام للموضوع الذي سبق، يتبين لنا بوضوح أن الهجرة غير القانونية أثارت جدلا واسعا في أوساط المجتمعات سواء المصدرة أو المستقبلة لها من ناحية احترام وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان من عدمه في سن قوانينها المتعلقة بالهجرة، وإجراءات إعادة ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية نظرا لأعدادهم الهائلة التي تصل إلى حدودهم البحرية والبرية، أو العمل على حمايتهم وإدماجهم، وهذا ما يطرح إشكالا أساسيا وهو:

ما هي المقاربة التي ينهجها المغرب في محاولته لاحتواء ظاهرة الهجرة غير القانونية؟ وما هي الصعوبات الأمنية التي تواجهه في مجال حماية وإدماج المهاجرين غير الشرعيين؟

كما استعنا في إجابتنا على الإشكال المحوري بالأسئلة الثانوية الآتية:

  • ما معنى الهجرة غير القانونية وكيف تتم؟
  • لماذا يعتبر المغرب بوابة مهاجري دول جنوب الصحراء نحو أوروبا؟
  • كيف ولماذا تحول المغرب من بلد عبور إلى بلد استقبال واستقرار؟
  • هل توفق المشرع المغربي في حماية المهاجرين غير القانونيين؟
  • الهجرة والأمن، أية علاقة؟
  • من هي الجهات الموكول إليها السهر على إدماج المهاجرين غير الشرعيين في المجتمع المغربي؟
  • هل يمكن لأوروبا أن تقدم الدعم الكافي للمغرب للمساهمة في إدماج هؤلاء المهاجرين؟

بعد هذا التمهيد واستعراض الإشكال الرئيس والأسئلة الفرعية، نورد إليكم خلاصة القسم الأول الذي يقع تحت عنوان: “الإطار التاريخي والمفاهيمي للهجرة غير القانونية على الصعيدين الدولي والمحلي (المغربي)“.

على الرغم من أن ظاهرة الهجرة قديمة، وعلى إثرها تكونت الحضارات ونشأت المجتمعات، إلا أنها في عصرنا هذا ومع الزيادة المطردة في عدد السكان، وتردي الظروف الاقتصادية، وثورة الاتصالات والمواصلات التي ساهمت في تسهيل حركة العجلة الاقتصادية، كما ساهمت أيضا في تسهيل حركة انتقال الأفراد بين الدول، لكل ذلك بات الحالمون بفرصة عمل لائقة يتطلعون إلى الانتقال إلى أرض جديدة حيث يمكنهم أن يحسنوا أوضاعهم الاقتصادية.

ومع تغير الظروف الاقتصادية والسياسية بعيد الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، أصبحت الهجرة الحرة غير مرحب بها من تلك الدول مقصد المهاجرين. وبتضييق فرص قبول الهجرة إلى الدول المرغوب فيها، لجأ المهاجرون والباحثون عن فرص عمل إلى أساليب غير مشروعة للنفاذ إلى تلك الدول، فظهرت “الهجرة غير القانونية”.

ومع ظهور الهجرة غير القانونية ظهرت بالتوازي جريمة الاتجار بالبشر، وتتمثل في شبكات متخصصة تقوم باستغلال ظروف راغبي الهجرة مقابل مبالغ من المال نظير نقلهم بشكل غير قانوني عبر الحدود.

كما يمكن اعتبار ظاهرة الهجرة غير القانونية إحدى توابع جريمة الاتجار بالبشر، حيث يتم الاتفاق مع المهاجر على نقله بشكل غير قانوني إلى حدود الدولة المُهَاجر إليها مقابل مبلغ من المال، وغالبا ما تكون عملية النقل هذه غير مأمونة المخاطر.

ويلاحظ أن عملية الاتجار بالبشر لا تعد فقط انتهاكا لقوانين الهجرة في البلد -المهاجَر إليه- من جانب المهاجر وشبكات الاتجار، بل هو أيضا انتهاك لحقوق الإنسان المهاجر من جانب المتورطين في هذه العمليات الإجرامية.

ويتعرض حاليا كثير من الشباب لخطر الموت أثناء عمليات التهريب وهم يحاولون الوصول إلى الدول التي يعتقدون أن فرص العمل متاحة فيها، حيث تتركهم شبكات التهريب في البحر أو الصحراء عرضة للموت.

وترجع ظاهرة الهجرة غير القانونية لعدة أسباب لعل أهمها يتمثل بالتفصيل في:

o   تردي الظروف الاقتصادية وانتشار الفقر في بعض مناطق العالم، والزيادة السكانية المتصاعدة فيها، وسوء توزيع الدخل، مما يستتبع ارتفاعا في معدلات البطالة بين الشباب وندرة فرص العمل الذي يحقق طموحاتهم.

ومن الملاحظ أن الأفق لا يبين ملامحا لنهاية هذه الظاهرة التي تتداعى نتائجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، وذلك نتيجة لاستمرار اطراد عواملها واتساع الفجوة بين الغني والفقير، أو بين من يملك ومن لا يملك، مما يؤدي إلى تزايد ظاهرة النزوح الجماعي غير المشروع من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية، سعيا للحصول على فرص معيشية بعيدا عن ظروف اقتصادية قاسية أو نظم سياسية متهورة. وهذا بالتزامن مع الحاجة الماسة إلى تأمين الإنسان وربط الهجرة بالديمقراطية  وبالحركة البشرية، تفاديا لانزلاقات خطيرة، كالوقوع في الاتجار في البشر والانخراط في التنظيمات الإرهابية وكذا في تجارة المخدرات عبر الحدود، والجريمة المنظمة، وانتشار الإرهاب  الدولي، والهجرة غير القانونية، وظواهر أخرى مشينة التي ترتبط بالإنسان، وأن المقاربة الأمنية تتوخى اليوم رصد ظاهرة الهجرة من زاوية تنموية وإنسانية وحقوقية وقانونية.

وتجدر الإشارة إلى وجود جهود دولية من طرف المنظمات الدولية المعنية، أو على مستوى الاتفاقيات الجماعية أو الثنائية في إطار التعاون الدولي لحصر الظاهرة، إضافة إلى دور المغرب الفعال فيها، حيث سنعرض من خلال هذه الأطروحة للانعكاسات الأمنية للظاهرة التي أبانت عن تهديدات أمنية من نوع جديد سواء للدول المصدرة أو المستقبلة ودول الممر أو العبور، مما أدى إلى فتح قنوات اتصال مباشرة بين الأجهزة الأمنية للدول المعنية من أجل محاصرة هذه الآفة.

وذلك ما قمنا بتناوله من خلال فصلين، حيث خصصنا الفصل الأول لمفهوم الهجرة غير القانونية وإطارها التاريخي، أما الفصل الثاني عالجنا فيه مدى تأثر المغرب بالهجرة غير القانونية.

ونمر الآن إلى عرض خلاصة القسم الثاني الذي اخترنا له عنوان: “الاستراتيجية المغربية في مجال الهجرة وحماية المهاجرين الأفارقة“.

تتعدد أبعاد الإستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة بحيث تراعي الجانب الحقوقي والإنساني والاقتصادي، والمقاربة الإدماجية للأفارقة، والبعد الحقوقي الذي تبناه جلالة الملك محمد السادس في خطبه منذ اعتلائه العرش، والذي يتماشى مع مبادئ كونية حقوق الإنسان الواردة في المواثيق الدولية، ومبادئ دستور 2011، وعلى التقرير الشامل الذي وضعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة عام 2013.،  وكان آخرها ندوة ثانية نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول “الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء وضرورة ملاءمة الإطار القانوني”، وذلك يوم الخميس 23 يونيو 2022 (كانت الندوة الأولى يوم الخميس 26 ماي 2022).

وقد حاول المغرب في تعاطيه مع ملف الهجرة المزاوجة بين مراقبة الحدود للحد من تدفق المهاجرين، والقيام بتسوية أوضاع أولئك الذين يحطون رحالهم داخل المغرب وتتوفر فيهم الشروط، متوخيا بذلك البعد الحمائي والإدماجي في التعاطي مع مشكلة الهجرة وليس البعد الأمني أو الإقصائي فقط.

ورغم المجهودات، يدرك المغرب أن إشكالية الهجرة في إفريقيا تتجاوز إمكانياته، فالمهاجرون الأفارقة يتقاطرون على الحدود المغربية، في مسعى للانتقال إلى أوروبا عبر إسبانيا، وفي ظل التشدد الأمني الإسباني في مراقبة حدودها مع المغرب والتنسيق بين الرباط ومدريد في محاربة تدفق المهاجرين يتحول المغرب إلى بلد إقامة بدلا من دولة عبور، وهو ما يطرح مشكلات أكبر أمامه بفعل الحاجة إلى تسوية أوضاع هؤلاء ورعاية شؤونهم.

وفي الوقت الذي انصب فيه اهتمام المغرب على تدبير هجرة مواطنيه بالخارج، والانكباب على إعداد سياسة عمومية تستجيب لحاجياتهم، ويوفر لهم الدعم والمؤازرة أمام ما يعترضهم من مشاكل في بلدان الاستقبال خصوصا الصعوبات المرتبطة بالاندماج، والبحث عن ضمان ارتباطهم بالمغرب كهوية، ووطن، وقيم عن طريق خلق وإنشاء مؤسسات دستورية تعنى بذلك، فإن موقع المغرب الجغرافي القريب من أوروبا جعلته نقطة جذب وطريق مفضل لدى المهاجرين الأفارقة، الذين تجمعوا في غابات محيطة بمدن شمال وشرق المغرب، ترقبا لفرصة الهجرة إلى أوروبا ” الفردوس الأوروبي”.

مقال قد يهمك :    طرق إبرام الصفقات العمومية بالمغرب وأنواعها على ضوء مرسوم 20 مارس 2013

غير أن عسر وشدة المراقبة على الحدود الخارجية لدول “شينغن”، وسنها تشريعات، واتخاذها سياسة موحدة في ميدان الهجرة، وخلقها وكالات مختصة في تلك المراقبة “فرونتكس”، وتعاقدها مع دول جنوب المتوسط، والساحل وجنوب الصحراء في أفريقيا، ومنها المغرب في إطار التدبير التعاوني للهجرة، من أجل محاربة الهجرة غير القانونية، كل ذلك جعل المغرب يجمع بين استقبال وعبور المهاجرين.

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب نهج خطة سياسية واستراتيجية جديدة كتمركزه القوي في الاتحاد الإفريقي، وحاجته إلى ضمان ود الدول الإفريقية، وكذلك فك كل ألغاز العملية الأمنية في إطار نهجه الاستباقي، ومراعاة لالتزاماته بمقتضى القانون الدولي، وتقديره للجانب الإنساني والتضامني، فقد أقر بوجود أعداد من المهاجرين جنوب الصحراء فوق إقليمه يقدرون بالآلاف، وأعلن منذ 2014 عن نهجه سياسة استثنائية في ميدان الهجرة، بفتح الباب لتسوية الوضعية الإدارية للمهاجرين فوق ترابه،  حيث بلغت حصيلة الإجراءات المتخذة في مجال التشغيل منذ متم سنة 2015 إلى غاية نهاية شهر دجنبر 2021، في التأشير على حوالي 1261 عقد عمل أجير أجنبي لهذه الشريحة من المهاجرين، منها 1003 عقود عمل مبرمة لأول مرة و258 في إطار التجديد، كما أن 512 منها تم خلال 2021 و2022.

وذلك ما قمنا بتناوله من خلال فصلين، حيث خصصنا الفصل الأول للحديث عن السياسة الوطنية في مجال الهجرة غير القانونية، أما الفصل الثاني تطرقنا فيه إلى سبل إدماج المهاجرين غير القانونيين بالمغرب.

يتضح مما سبق تنامي ظاهرة الهجرة غير القانونية وانتشارها وتشعب طرقها، كما تعددت الأبحاث والدراسات التي اهتمت بالعوامل المؤدية إليها، عاكسة وجهة نظر الباحثين، فمنهم من تبنى العامل السياسي، في حين اهتم آخرون بالجانب النفسي الاجتماعي للمهاجر غير القانوني المدفوع عن طريقها إلى حاجاته المختلفة، بينما وجد المشتغلون على البيئة الاقتصادية أن عامل البطالة وما يرتبط به من متغيرات اقتصادية أخرى يمكن أن يكون سببا في بروز الهجرة غير القانونية وشيوعها.

وعليه، فإن ظاهرة الهجرة غير القانونية ظاهرة معقدة الأسباب والدوافع، وبالتالي لا يمكن معالجة آثارها المتعددة الأبعاد بمعزل عن المشكلات السياسية والاقتصادية والإنسانية ذات الصلة الوثيقة بها.

وقد شكلت الهجرة إحدى الظواهر البارزة التي عرفتها الإنسانية منذ القدم، فبدافع الحصول على الرزق والبحث عن سبل العيش أحيانا، وتحت إكراه الحروب والصراعات القبلية أحيانا أخرى فيقوم أفراد الجماعة بتغيير مستقرهم.

ولقد أصبحت الهجرة اليوم تتخذ أبعادا أخرى يتداخل فيها الاقتصادي بالسياسي والاجتماعي والأمني…، الأمر الذي تطلب وجود إجراءات قانونية تواكب هذا التطور.

وقد عمل المنتظم الدولي على تقنين هذه الظاهرة، ومن بين الاتفاقيات الصادرة في هذا الشأن، الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين التي صدرت في 18 دجنبر 1990.

وعلى صعيد التشريعات المقارنة فقد عملت دول حوض البحر الأبيض المتوسط وخصوصا بلجيكا وفرنسا وإسبانيا على وضع تشريعات حديثة تهدف في جوهرها إلى التعامل مع مسألة الهجرة غير المشروعة بنوع من الصرامة والحزم.

لقد أصبحت الهجرة تطرح العديد من الإكراهات والتحديات، ترتبط أساسا بقضايا الهوية والانتماء والأمن بشكل حاد وعميق، ويعود ذلك إلى طبيعة التدفقات البشرية التي عرفتها البلدان المستقبلة للمهاجرين من جنسيات وانتماءات عرقية وثقافية مختلفة، ويشكل ذلك تحديا كبيرا وحقيقيا للهوية الوطنية في هذه البلدان، والتي تندرج بالأساس في إطار نظرة المهاجرين إلى أنفسهم ونظرة المواطنين الأصليين إلى المهاجرين من حيث القواسم المشتركة بينهم واختلافها. ولهذا تعمل هذه البلدان على تعزيز فكرة الانتماء من خلال بناء مبدأ المواطنة والاندماج، كبديل وكجامع لفكرة الهوية الجماعية والعرقية التي ينتمي إليها المهاجرون، من أجل محاولة بناء تناغم اجتماعي يضمن تساوي العلاقة بين المواطنين بغض النظر عن العرق والجنس والدين والمكانة، وذلك وفق منطق الحق والواجب ومفهوم المواطنة.

والمغرب بدوره لم يكن بمعزل عن هذه الحركية التشريعية، فأصدر أول تشريع في هذا الصدد بظهير 8/11/1949 الذي يعود لمرحلة الحماية، إلا أن هذا الأخير لم يعد يساير التطورات المرحلية التي عرفها ميدان الهجرة غير المشروعة، لهذا تم إصدار قانون رقم 02.03 المتعلق بدخول الأجانب إلى المملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، والذي هدف إلى توحيد النصوص التشريعية وتحيينها مع المستجدات الطارئة في هذا الميدان، ثم ملاءمة التشريع الوطني مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالهجرة، دون أن ننسى هاجس الوفاء بالالتزامات اتجاه الشركاء الأساسيين للمغرب.

أما على المستوى المؤسساتي، فقضية الهجرة في المغرب تم تقوية إطارها المؤسساتي بإحداث المرصد الإفريقي للهجرة، ولا تزال محل اشتراك بين عدة مؤسسات رسمية وغير رسمية، مما يطرح مشكل التنسيق بين عدة هيئات، غير أن ذلك لا يمنع القول بأن ملف الهجرة قد تمت مأسسته بشكل مكثف.

وإذا كانت الهجرة حق من حقوق الإنسان، أقرتها مواثيق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إلا أن هذا الحق يجب أن يمارس من خلال الأطر القانونية التي تحددها كل دولة لدخول أجنبي إلى أراضيها، وفي حالة مخالفة هذه الأطر فإن الهجرة تتحول من حق إلى عمل غير مشروع تحدده كل دولة وفقا لقانونها، كما تحدد التدابير التي تتخذ بشأن مواجهة المهاجرين غير النظاميين، وهو ما تجلى لنا من خلال عرض الاستراتيجية المغربية لمكافحة الهجرة غير النظامية وكذا محاولة حماية وإدماج هذه الفئة.

والأكيد أن المغرب في موقف تاريخي لا يحسد عليه، فهو من جهة يدافع باستماتة منذ سبعينات القرن الماضي إلى غاية اليوم على وحدته الترابية المقدسة، من جهة الجنوب في عالم سياسي متقلب المواقف ولا يعترف إلا بالمصالح الخاصة، ومن جهة ثانية، وبسبب موقعه الاستراتيجي الرابط بين قارتين، ووضعيتين سياسيتين واقتصاديتين مختلفتين ومتناقضتين، إلى جانب الاقتطاع الجغرافي لمدن شمالية، وتحرش الجارة الشرقية، مما يتعارض مع مهمة الدركي في حماية حدود جيرانه، ليتحول في الأخير إلى شريك خير، والمتدخل الوسيط الذي يتلقى اتهامات مغلوطة أو منحرفة، وكلما أعلن عن استقلاليته في اتخاذ قرار سيادي كبناء ميناء المتوسط أو إبرام عقود الصيد البحري، أو التنقيب على الثروات الطبيعية في الشمال أو الجنوب، أو حماية الحدود وصد محاولات التسلل والإغراق غير الشرعي، أو الترحيل القسري للمهاجرين نحو بلدانهم، أو الانفتاح السياسي أو الاقتصادي على عمق إفريقيا المحاصرة أو سوق روسيا، أو طرد الصحافيين والسياسيين الأجانب غير المرغوب فيهم أو ضمان الأمن وحماية الممتلكات بالأقاليم الجنوبية إلا ولقي مناوشات من الجارة الجزائر وحلفائها.

كما تستعمل ورقة حقوق الإنسان في وجه المغرب، والتلويح بإطالة عمر تسوية قضاياه الاستراتيجية الحيوية ومصالحه الداخلية والخارجية، إلا أن قدرته على التكيف مع التوازنات والإكراهات الدولية، والتحالف المصلحي مع بعض دول الفيتو التي ترتبط ببعض الامتيازات السياسية والعسكرية والاقتصادية الخاصة، وإقراره لدستور 2011 الذي أشاد فيه بمبدأ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وإقرارها من طرف واحد لهي بمثابة خطة جريئة في تسوية أوضاع المهاجرين التي لقيت استحسانا وإشادة من كافة الدول والهيئات، جعله يطمئن شركاءه الأوروبيين والأمريكيين والمنتظم الدولي، إلا أن ظاهرة الهجرة غير القانونية إلى حد ما ما زالت ظاهرة مقلقة، وأن شروط الإقامة الشرعية المرتبطة بمدة خمس سنوات سابقة، وعقود عمل متواصلة لا تقل عن سنتين، وزواج شرعي من مواطنين مغاربة وغيرها، ستساهم لا محالة في الحفاظ على التوازن الداخلي والخارجي مؤقتا، إلى حين صدور قرارات نهائية في حق المهاجرين غير الشرعيين في الأوقات المناسبة، علما أن أعداد المهاجرين الأفارقة، وخاصة منهم السينغاليين والسوريين والنيجيريين والإيفواريين والماليين والغينيين، وخريطة انتشارهم وتنقلهم، ومواقع إقامتهم أو مرورهم، وأماكن أنشطتهم وتجمعهم، وحتى أفكارهم وخططهم وأحلامهم، هي تحت أنظار وعيون كل مصالح السلطات المغربية والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية.

مقال قد يهمك :   دراسة مورفو- قانونية للسواحل بالمغرب في إطار القانون 81.12

وبالموازاة مع ذلك، تعمل السلطات المغربية على فتح جسور الحوار مع الاتحاد الأوروبي لتوحيد أرضية النقاش حول هذه الظاهرة ومحاولة معالجتها في إطار شمولي يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وينبني على مقاربة سوسيو-اقتصادية، ويستعيد المقاربة الأمنية التي أبانت عن الحاجة إلى تقويتها، حيث أنه لا يمكن استبعاد المعطى الإنساني والحقوقي الذي يجعل الإنسان في صلب اهتماماته من حيث تكريس أجرأة حقوقه الطبيعية المتمثلة في الكرامة والحرية.

وتبقى الاتفاقيات الدولية الثنائية الإطار والمرجع القانوني الأمثل للحد من ظاهرة الهجرة غير القانونية وإقرار مبدأ التوازن بين التنمية والإنسان، فلا يمكن الاستمرار في إغلاق الحدود في وجه الإنسان وفتحها في وجه البضائع والسلع، حيث أن ظاهرة الهجرة غير القانونية يمكنها أن تشكل أرضية مشتركة للحوار والبناء والتعاون المستمرين بين الشمال والجنوب، وكنموذج نذكر المملكتين المغربية والإسبانية.

كما أن توطين الصناعات والتكنولوجيات بدول العبور أو المصدرة للهجرة غير القانونية، يترتب عنها زيادة في طلبات العمالة وإنعاش الاقتصاديات الوطنية، كما أن توزيع الثروات والخيرات العالمية كفيلة بإرساء التوازن وتحقيق العدالة الاجتماعية الكونية، وضبط حركية الهجرة السرية، وتبقى الاتفاقيات الإطار المناسب لإيجاد حل لهذه المعضلة وإعادة التوازن بين السكان والخيرات، ويتم ذلك عبر رؤية إستراتيجية تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الأمن والاستقرار في ارتباط وطيد مع التنمية، والتي قوامها توزيع الثروات والخيرات وتدبير ظاهرة الهجرة غير القانونية بأسلوب حضاري وحقوقي وإنساني، يضمن حقوق المهاجرين ويحفظ كرامتهم، ذلك أنه “إما أن الخيرات ستنتقل إلى المكان الذي يتواجد فيه الإنسان، أو أن الإنسان هو الذي سينتقل إلى المكان الذي تتواجد فيه هذه الخيرات”.

وعليه أصبحت الهجرة أملا حقق إجماعا لدى الشباب الإفريقي، ولا يزال يؤكد على فشل الخيارات الاقتصادية والسياسية للدول المصدرة والدول المستقبلة. “ففي عالم لا تزال فيه التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية مستمرة ومتواصلة، ولا تزال النظم السلطوية فيه تجمد وتعرقل كل تغيير اجتماعي، ستبقى كذلك معادلة الشمال المتقدم مركز جذب والجنوب مركز طرد محددا هاما في زيادة تدفقات الهجرة غير القانونية، وبالتالي فإن الأجيال الشابة تنظر إلى الهجرة كحل وحيد لتحقيق مشروعات حياتها وطموحاتها، وما يزيد من جاذبية خيار الهجرة، هو أن وسائل التواصل والاتصال والنقل تكثفت وتدولت وقاربت بين المرشحين للهجرة إلى أماكن كان ينظر إليها في  الماضي كأماكن متعذرة المنال، كما يدفع التغير المناخي المتفاقم في أكثر من بلد أعدادا متزايدة من الناس إلى مغادرة أوطانهم”.

فالظاهرة ليست مسألة ظرفية، بل باتت مكونا هيكليا ما زالت الآليات المستخدمة لحد الساعة غير قادرة على تدبيره بشكل يحد من آثاره وانعكاساته سواء على دول الانطلاق أو الدول المهاجر إليها، كما أن الهجرة غير القانونية ستظل خلال السنوات القادمة من بين القضايا الحاضرة باستمرار في الحياة السياسية والإعلامية بكل من أوروبا والمغرب، رغم الكوارث الإنسانية التي تخلقها من حين إلى آخر. إذ أن محددات الهجرة غير القانونية كثيرة ومتباينة، وتقتضي تظافر الجهود بين طرفي رقعة الهجرة، والتفكير الجدي في مقاربة تنموية تضمن العيش الكريم لشباب ضائع بين الحلم والواقع.

وفي هذا الإطار، يمكننا وضع مجموعة من الاستنتاجات والمقترحات لتدبير أزمة الهجرة غير القانونية كما يلي:

1)  ضمان حق المهاجرين الموجودين في وضعية غير قانونية في حالة توقيفهم أو وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي أو تقديمهم للمحاكمة في الولوج الفعلي للعدالة. وبمعنى آخر: إمكانية الاستفادة من حقوق المحاكمة العادلة ومترجم كفء والولوج للسلطات القنصلية ومساطر اللجوء والولوج للعلاج وغيرها.

2)  تطوير برامج تكوين وتحسيس موجهة لموظفي الإدارات المكلفة بمسألة الهجرة كـ: قوات الأمن، شرطة الحدود، موظفو السجون، القضاة، الأطر الصحية، وكل من له صلة بقضية الهجرة غير القانونية.

3)  إيلاء أهمية خاصة للتكفل المادي والقانوني بالقاصرين الأجانب غير المرفوقين بأوليائهم أو ذويهم، وكذا النساء المهاجرات مع الحرص بشكل خاص على ضمان المواكبة النفسية والصحية لضحايا العنف.

4)  حظر كل أشكال العنف أو العنصرية ضد المهاجرين في وضعية غير قانونية خلال عمليات التوقيف.

5)  اتخاذ تدابير كفيلة بزجر المشغلين الذين يستغلون المهاجرين غير القانونيين، وضمان حق هؤلاء المهاجرين في اللجوء عند الاقتضاء إلى مفتشية الشغل دون خوف.

6)  تسهيل تسجيل الولادات الجديدة وإصدار شهادات الوفاة بالنسبة لهذه الفئة.

7)  وضع سياسة جادة ومسؤولة ومبادِرة لإدماج هؤلاء المهاجرين غير القانونيين وأفراد أسرهم في مجال السكن والصحة وتمدرس الأطفال والتكوين والشغل.

وفيما يخص وسائل الإعلام المغربية، واعتبارا لدورها الحساس في المجتمع، يجب إدراج بعض البرامج نظرا لتأثير هذه الأجهزة القوية، وفق الشكل التالي:

1)  الامتناع عن نشر أي خطاب يحث على عدم التسامح والعنف والحقد وكراهية الأجانب والعنصرية والتمييز إزاء المهاجرين غير القانونيين.

2)  اعتماد معالجة صحافية وتحليلات متوازنة لظاهرة الهجرة غير القانونية مع التركيز أيضا على جوانبها الإيجابية.

3)  محاربة الصور النمطية والخطابات السلبية حول الهجرة.

4)  المساهمة بشكل فعال في تحسيس الساكنة حول العنصرية وكراهية الأجانب.

5)  إبراز أوجه الإدماج التي تطال هؤلاء المهاجرين الأفارقة وتسليط الضوء عليهم في وسائل الإعلام كتجارب ناجحة.

وأخيرا، سيظل موضوع الهجرة موضوعا قابلا للبحث والدراسة من مختلف الزوايا نظرا لتشعبه وغموض جوانب عديدة منه. بالإضافة إلى أن مواقف الدول المستقبلة متناقضة مع ما تؤمن به من حقوق وحريات، كما أن دول الانطلاق تبقى ضاغطة بالمهاجرين لتغير وضعيتها التنموية أو الأمنية أو الطبيعية التي تستدعي التدخل لتقديم حلول موضوعية قادرة على ملامسة أسباب الهجرة الجماعية نحو بلدان أخرى.

تلكم هي الخطوط العريضة لمضمون الأطروحة محل المناقشة، وشكرا.

أجدد الشكر الموصول للأساتذة الأفاضل على مداخلاتهم القيمة، والتي انصبت على ملاحظات شكلية، وبعضها الآخر تناول ملاحظات موضوعية تهم المتن.

لذلك أعد المجلس العلمي المبارك، أن أعمل على إصلاح ما فاتني أو ما غفلت عنه أثناء إعدادي للموضوع، آخذا بعين الاعتبار كل ملاحظاتكم السديدة في شكلها وموضوعها، واعدا إياكم أن أسلم لحضراتكم كلا باسمه نسخة نهائية معدلة ومنقحة بكل ما تفضلتم به، في القريب العاجل بحول الله، حتى تكتمل الصورة العلمية الدقيقة لهذا العمل الأكاديمي الذي سوف يغني الخزانة الوطنية والدولية.

دمتم أمناء على رسالة العلم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)