بلمينة نعيمة: الإشكالات الواقعية و القانونية لتنفيذ الأحكام المدنية

قـــريبا: ندوة دولية تكريما لفقيه القانون العقاري الدكتور إدريس الفاخوري بوجدة (23-24 دجنبر 2022)

خالد خالص: قرارات ومقررات أجهزة هيئة المحامين- إشكالية الطبيعة القانونية واشكالية الطعون-

8 ديسمبر 2022 - 10:52 م مقالات , القانون الخاص , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

خالد خالص

المحامي بهيئة المحامين بالرباط

دكتور في الحقوق

عضو مجلس هيئة المحامين بالرباط وعضو مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب

 مكلف بالشؤون الثقافية سابقا

تقديم:

المحاماة مهنة حرة، مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء[1]، يمارسون مهنتهم لزوما في إطار هيئة محدثة لدى كل محكمة استئناف، تلكم الهيئة التي تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي[2]، بمعنى أن المشرع، منح لكل هيئة، من خلال القانون المنظم لمهنة المحاماة، سلطات واسعة لتدبير الشأن المهني انطلاقا من التنظيم ومراقبة الولوج الى المهنة وممارستها والتمرين والتكوين والتأديب وغيرها من السلطات لتي تهدف الى تقديم خدمات هي في الواقع من صميم اختصاص الدولة التي أوكلتها للهيئة.

وتتكون هيئة المحامين من أجهزة تتألف من الجمعية العامة، التي تضم جميع المحامين المسجلين في الجدول، والتي تعمل على انتخاب النقيب ومجلس الهيئة، وخص المشرع كل جهاز من هذه الأجهزة بصلاحيات واسعة تمارسها بمقتضى قرارات ومقررات حرص المشرع على ألا تتداخل اختصاصات الاجهزة فيما بينها لتبرز إشكالية الطبيعة القانونية لتلكم القرارات والمقررات (الفصل الأول).

إلا ان القرارات والمقررات التي تصدرها الأجهزة والتي تشكل جميعها هيئة المحامين، تخضع أعمالها لرقابة القضاء، لأن الهيئة تسير مرفقا من المرافق العامة الذي يهدف الى تحقيق الصالح العام، وتتسم مقرراتها بامتيازات السلطة العامة.[3]

 إلا أن عمل أجهزة هيئة المحامين يبقى خاضعا لرقابة القضاء الواقف والجالس، حيث تبرز إشكالية الطعون التي تمارس من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، وكذا تلك التي يمارسها المحامون ضد قرارات ومقررات الأجهزة المهنية (الفصل الثاني).

الفصل الأول – القرارات والمقررات التي تصدرها أجهزة الهيئة

سنعمل في هذا الفصل على الوقوف على القرارات والمقررات التي تختص بها أجهزة الهيئة قبل الوقوف على الطبيعة القانونية لتلكم القرارات والمقررات.

المبحث الأول – القرارات والمقررات القابلة للطعن

أوكل المشرع للجمعية العامة صلاحية انتخاب النقيب وأعضاء مجلس الهيئة كل ثلاث سنوات،[4] وحدد لها شروطا لسلامة العملية الانتخابية، نجد منها ما يتعلق بهذه الأخيرة كتحديد شهر دجنبر لإجراء الانتخابات،[5] ومنها ما يتعلق بالنصاب وبطريقة الاقتراع، ومنها ما يخص الشروط الواجب توفرها في المترشحين، سواء لمركز النقيب أو لعضوية مجلس الهيئة.[6]

والى جانب اختصاصات الجمعية العمومية،[7] فإن المشرع حدد سلطات واختصاصات للنقيب وسلطات واختصاصات لمجلس الهيئة.

وهكذا أوكل المشرع للنقيب اختصاصات متعددة، حيث يتولى النقيب تمثيل الهيئة في أعمال الحياة المدنية، ورئاسة اجتماعات المجلس، ورئاسة الجمعية العامة الانتخابية وكذا الجموع العامة، ويتلقى طلبات التسجيل في لائحة المحامين المتمرنين،[8] وكذا طلبات التسجيل في الجدول، التي يحيلها على مجلس الهيئة، ويعين لأستاذ التعليم العالي مكتبا ليقضي به المدة المنصوص عليها بالمادة 18 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، ويرافق المترشحين المقبولين لأداء القسم أمام الهيئة القضائية التي يرأسها الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في جلسة خاصة،[9] كما يتلقى طلبات المشاركة أو المساكنة أو المساعدة، ويحيلها على مجلس الهيئة ليبث فيها، [10] ويوفق بين المحامين الشركاء او المتساكنين عند وقوع نزاع بينهما، ويعرض النزاع عند عدم التوصل الى حل على التحكيم،[11] ويعمل على تبليغ القائمة التي تتضمن أسماء المحامين المقبولين أمام محكمة النقض الى الرئيس الأول لهذه الأخيرة،[12] ويمنح الإذن للمحامي الذي يريد خلق موقع في وسائل التواصل الاجتماعي.[13]

ويتدخل النقيب أيضا لحل النزاعات حول النيابة بين المحامين. ولقد كان الفصل 20 من النظام الداخلي القديم لهيئة المحامين بالرباط ينص على أن النقيب يقوم في حالة حدوث نزاع وبعد الحصول على كل الإيضاحات من الزميل المنصب من قبل، بالترخيص صراحة لمن له الحق في التنصيب بقرار غير قابل لأي طعن …”. ولقد سبق ان ناقشنا هذه القاعدة للنظام الداخلي التي تحرم المحامي المستبعد من الملف، من الطعن في قرار النقيب.[14]

إلا أن النظام الداخلي الحالي لنفس الهيئة، اقتصر بالمادة 18على أنه “يساءل تأديبيا كل محام استمر في متابعة قضية أو تمثيل الأطراف فيها أمام المحكمة وفي أية مرحلـة بعـد قـرار النقيب القاضي بعدم أحقيته في النيابة أو بعد توصله برسالة العزل وفق الإجراءات المنصوص عليها قانونا”، ليبقى التساؤل مطروحا دائما حول إمكانية الطعن في قرار النقيب الباث في احقية النيابة من عدمها.

 ويعين النقيب من جهة أخرى، لكل متقاض يتمتع بالمساعدة القضائية محاميا مسجلا في الجدول أو في لائحة التمرين ليقوم لفائدته بكل الإجراءات التي تدخل في توكيل الخصام، ويختص نقيب الهيئة، بالبت في كل المنازعات، التي تثار بين المحامي وموكله بشأن الأتعاب المتفق عليها والمصروفات، بما في ذلك مراجعة النسبة المحددة باتفاق بين المحامي وموكله. كما يختص النقيب في تحديد وتقدير الأتعاب، في حالة عدم وجود اتفاق مسبق،[15] ويأذن للمحامي بالاحتفاظ بملف موكله،[16] كما يقوم بتحقيق حسابات المحامين.[17]

ويتلقى النقيب الشكايات التي تقدم في مواجهة المحامين، حيث يتخذ قرارا معللا بالحفظ أو بالمتابعة.[18] ويترأس النقيب المجلس التأديبي عند المتابعة، إلا أنه لا يشارك في التصويت قصد اتخاذ المقرر التأديبي إلا إذا تساوت الأصوات.

ويسهر النقيب أيضا على تبليغ المقررات التأديبية، ويستدعي المحامي الموقوف أو المشطب عليه، ويشعره بوجوب تنفيذ المقرر، ويمنحه أجلا لذلك لا يتعدى شهرا، ويشعر النقيب الوكيل العام بتنفيذ المعني بالأمر المقرر التأديبي، وعند عدم التنفيذ، ينتقل النقيب إلى مكتب المعني بالأمر، ويسهر على التنفيذ.[19]

ويوافق النقيب على الزميل الذي اختاره المحامي الموقوف عن ممارسة المهنة، ويقوم بالتعيين، أيضا، إذا لم يحظ الاختيار بموافقته، أو لم تقع مباشرته رغم الإنذار، ويضع حدا للنيابة بطلب من المنوب عنه، أو تلقائيا عند رفع المانع، أو بطلب من المحامي النائب، أو المحامين النواب، أو الوكيل العام للملك.[20]

ويقوم النقيب في حالة وفاة محام، غير مرتبط بعقد مشاركة، أو عضو في شركة مهنية، بتعيين محام يقوم بإحصاء الملفات الجارية في مكتب المعني بالأمر، ويتخذ باتفاق مع ورثة الهالك، جميع الإجراءات اللازمة لضمان تصفية تلكم الملفات، ما لم يكن المحامي المتوفى، قد عين في حياته محاميا لهذه الغاية.

ويعين النقيب أيضا في حالتي التغاضي أو الإسقاط في غير حالة الوفاة، محاميا يقوم بنفس الإجراءات، إذا لم يتخذ المحامي المعني التدابير اللازمة لضمان تصفية الملفات الجارية بمكتبه، رغم إنذاره من طرف النقيب، الى غير ذلك من الاختصاصات التي يمنحها المشرع للنقيب.[21]

اما بالنسبة للشركات المدنية المهنية، فإن النقيب هو من توجه اليه طلبات تسجيل الشركات، وتبلغ اليه نسخ من محاضر الجموع العامة، وكذا جميع القرارات المتعلقة بتعديل نظامها الأساسي، وتلك المتعلقة بانسحاب أحد الشركاء أو تفويت حصته في الشركة.

والنقيب هو الذي يعين مسيرا للشركة في حالة المنع الجزئي للشركاء من مزاولة المهنة، كما أن النقيب هو الذي يعين مصفيا في حالة حل الشركة بقوة القانون إثر وفاة جميع الشركاء.

و “يمكن للنقيب عند عجز أحد الشركاء عن تسديد ما ترتب بذمته بمقتضى مقرر قابل للتنفيذ، أن يجبره على تفويت حصته في رأسمال الشركة لهذه الأخيرة أو إلى أحد الشركاء وإلا للأغيار من المحامين ويحدد النقيب قيمة حصة الشريك المدين ويتسلم مقابلها لأداء ما ترتب بذمة المحامي الشريك أو لتصفية الديون وفق المقتضيات الجاري بها العمل”.[22]

والى جانب السلطات المتعددة التي يحظى بها النقيب فإن المشرع خص مجلس الهيئة بسلطات واسعة أيضا.

وهكذا أسند المشرع لمجلس هيئة المحامين العديد من الاختصاصات، كحماية حقوق المحامين والسهر على تقيدهم بواجباتهم في نطاق المبادئ التي ترتكز عليها المهنة؛ ووضع النظام الداخلي للهيئة وتعديله، وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة وتقاليدها وأعرافها[23]، مع تبليغه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، والوكيل العام للملك لديها، وإيداع نسخة منه بكتابة الهيئة، وكتابة ضبط محكمة الاستئناف.[24]

ويبت المجلس[25] في الطلبات المستوفية لكافة الوثائق وعناصر البحث الذي يجريه حول أخلاق المترشح للتقييد في لائحة التمرين، ويتم التقييد في هذه اللائحة التي يضبطها المجلس ويعمل على نشرها سنويا مع الجدول.[26]

ويتابع مجلس الهيئة المحامي المتمرن خلال فترة التمرين ويراقب ممارسته الفعلية للمهنة في مكتب ممرنه، وحضوره في جلسات المحاكم، والمواظبة على حضور ندوات التمرين، والمشاركة في اشغالها.

ويمكن لمجلس الهيئة في حالة الإخلال بالتزامات التمرين، ان يمدد فترة التمرين لمدة إضافية لا تزيد عن السنة وذلك بمقرر معلل، كما يقرر التمديد عند الانقطاع دون سبب مشروع لنفس مدة الانقطاع كاملة، وذلك وفق المسطرة المقررة بالمادة 16 من قانون المهنة.

كما يقوم المجلس بحذف المحامي المتمرن من لائحة التمرين في حالة الاستمرار في الإخلال بالتزامات التمرين بالرغم من تمديد مدته؛ أو الاستمرار في الانقطاع رغم تمديد فترة التمرين أو المحامي المتمرن الذي لا يقدم طلبه الرامي إلى التسجيل في الجدول خلال أجل ثلاثة أشهر من تاريخ انقضاء مدة التمرين.[27]

ويبت مجلس الهيئة في طلبات التسجيل في الجدول بمقرر، بعد استكمال عناصر البحث الذي يجريه حول المترشح داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ إيداع الطلب وأداء واجبات الانخراط وسلوك المجلس للمسطرة القانونية.[28] وهو من يحدد رتبة المحامين المسجلين في الجدول، والمحامين المتمرنين.

ويرخص مجلس الهيئة من جهة أخرى بالمشاركة أو المساكنة أو المساعدة، بناء على طلب موجه إلى النقيب، من المحامين المتعاقدين، ويمكن له رفض الترخيص بمقرر في حالة تضمين العقد مقتضيات منافية لقواعد المهنة، وعدم استجابة المحامين المعنيين لتوجيهات مجلس الهيئة، في شأن تعديلها.

ويقرر مجلس الهيئة التغاضي عن التقييد في الجدول تلقائيا، أو بطلب من الوكيل العام للملك، أو من المعني بالأمر نفسه بعد الاستماع إليه، أو استدعائه، قبل تاريخ انعقاد المجلس بخمسة عشر يوما على الأقل، ويعيد المجلس تسجيل المحامي المعني بالأمر في الجدول بطلب منه بمقرر عند ارتفاع سبب التغاضي، خلال خمس سنوات من حدوث مانع التغاضي.

ويسهر مجلس الهيئة على تأديب المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني. ويتم ذلك بعد تلقي النقيب لشكاية مكتوبة ومتابعته للمعني بالأمر، أو إذا ألغت محكمة الاستئناف قرارا للنقيب بالحفظ، أو حين يضع المجلس يده تلقائيا على كل إخلال يقوم به المحامي.

ويمكن لمجلس الهيئة، أن يأمر بالتنفيذ المعجل لمقرر الإيقاف عن الممارسة، أو التشطيب في حالة الإخلال الخطير بقواعد المهنة. كما يمكن لمجلس الهيئة، ولأسباب مهنية، عند إجراء متابعة زجرية ضد أي محام، أن يصدر في حالة الضرورة القصوى، مقررا معللا بمنع هذا المحامي من ممارسة المهنة مؤقتا. ويتخذ المجلس هذا المقرر، تلقائيا أو بطلب من النقيب، أو الوكيل العام للملك، بالأغلبية المطلقة لأعضائه.

ويجوز للمحامي الذي صدر، في حقه مقرر تأديبي نهائي بالإنذار، أو التوبيخ، أو الإيقاف، أن يقدم لمجلس الهيئة، التماسا برد الاعتبار بعد انصرام الآجال المنصوص عليها في قانون المهنة، ويبث فيه المجلس داخل أجل شهر من تاريخ التوصل به.

ويمكن لمجلس الهيئة أن يخول صفة محام شرفي، للمحامي الذي قدم خدمات جليلة للمهنة واستقال منها بعد أقدمية عشرين سنة، على الأقل، في هيئة أو أكثر من هيئات المحامين بالمغرب. كما يمكنه سحب الصفة الشرفية، بمقتضى مقرر، يتخذه إذا ما صدر عن المعني بالأمر ما يخل بنبل هذه الصفة.

 ويسهر مجلس الهيئة على إدارة أموال الهيئة، ويصادق على النظام الداخلي لحساب ودائع وأداءات المحامين، وهو من يعمل على تحديد واجبات الاشتراك، وإبرام عقود التأمين عن المسؤولية المهنية لأعضائها مع مؤسسة مقبولة للتأمين؛ كما يقوم المجلس على إنشاء وإدارة مشاريع اجتماعية لفائدة أعضاء الهيئة، وتوفير الموارد الضرورية لضمان الإعانات والمعاشات، لهم أو للمتقاعدين منهم أو لأراملهم وأولادهم، سواء في شكل مساعدات مباشرة، أو عن طريق تأسيس صندوق للتقاعد، أو الانخراط في صندوق مقبول للتقاعد.

ومن جهة أخرى، فإن مجلس الهيئة هو من يحدد تاريخ الانتخابات المهنية والترتيبات التنظيمية المتعلقة بها، وهو من يصدر خلال النصف الأول من شهر أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات، مقررا بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشح لمنصب النقيب، ولعضوية المجلس، مع مراعاة توفر شروط الأهلية للترشح المنصوص عليها أعلاه، كما يصدر نفس اللائحة قبل إجراء انتخابات جزئية بشهرين على الأقل.[29]

ونستخلص مما سبق بأن المحاماة مهنة حرة ومستقلة تسيرها هيئة تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي وأن أجهزتها تصدر لأجل ذلك قرارات ومقررات وقفنا على البعض منها أعلاه وأنه من المفيد الوقوف على الطبيعة القانونية للقرارات التي يصدرها النقيب والمقررات التي تصدرها الجمعية العامة ومجلس الهيئة.

المبحث الثاني – الطبيعة القانونية لقرارات ومقررات أجهزة الهيئة

هنالك بعض الفقه الذي يعتبر بأن هيئة المحامين تشكل هيئة خاصة مكلفة بتسيير مرفق عام،[30] لأن مهمتها لا تقتصر على الدفاع عن حقوق ومصالح المنتسبين اليها، بل ترتكز أولا وقبل كل شيء على تنظيم ومراقبة المهنة والمهنيين قصد خدمة الصالح العام وذلك بتقديم خدمات للمواطنين، تلكم الخدمات التي هي في الأصل من اختصاص الدولة، إلا أن هذه الأخيرة وللتخفيف من أعبائها، أوكلت سلطاتها الى أجهزة مهنية منتخبة للقيام بها مقامها تحت رقابة القضاء.

إلا أن هنالك من يعتبر الهيئة شخصا معنويا عاما،[31] باعتبار أن “القانون خولها سلطات من نوع خاص لا تتميز بها إلا السلطات العامة الإدارية وأعطاها حق احتكار المهنة”، وخص بها المحامين المسجلين بها وأعطاها الاختصاص في حصر واجب الانخراط ، والاشتراك، وباقي المساهمات، كواجب الدمغة المرتبطة بالإسعاف، وواجب طلب تحديد الأتعاب …، وأعطاها سلطة قبول أو رفض المترشحين للتقييد في لائحة التمرين وفي الجدول، والسهر على التمرين والتكوين والتكوين المستمر، ومراقبة الممارسة المهنية، وسلطة التشريع الداخلي، والسهر على التأديب، وتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس، وغيرها من السلطات.

ويرى بعض الفقه بأن “المحاماة مهنة حرة ومستقلة تسيرها هيئة لها الشخصية المعنوية، ولها ذمة مالية للتملك والتصرف، وإذا ما استعرضنا المهام التي تقوم بها الهيئة كما ورد في قانون تنظيمها وخاصة المهام المنصوص عليها في المادة 85 من ظهير 10 شتنبر 1993 (المادة 91 في قانون20 أكتوبر 2008) نجد بأنها تتصرف كأي شخص معنوي فيما يخص شؤونها المالية، وهي في ذلك تخضع للقانون الخاص.[32]

 وإلى جانب ذلك فإنها تصدر قرارات تتسم بامتيازات السلطة العامة، وهذه القرارات ملزمة، وهذا الامتياز لا يتوفر عليه أشخاص القانون الخاص، وعليه، فإنها تطبق قواعد القانون العام، رغم أنها من أشخاص القانون الخاص، وتخضع في الجزء الأكبر من تصرفاتها للقانون الإداري”.[33]

وإذا كانت هيئة المحامين تشكل في حد ذاتها شخصا معنويا خاصا يدير مرفقا عاما[34]، فإنها تراكم مهاما تنظيمية وإدارية ومالية وتشريعية وتأديبية كما ورد ذلك سالفا في هذه الدراسة، وهو ما يطرح علينا سؤال الطبيعة القانونية لقرارات ومقررات أجهزة الهيئة، لمعرفة هل هي قرارات إدارية تخضع للطعن بالإلغاء، أم أنها قرارات قضائية تخضع للطعن بالاستئناف والنقض.

بالنسبة لبعض الفقه، فإنه يرى بأن “قرارات مجلس الهيئة وبصفة خاصة تلك المتعلقة بالمتابعة التأديبية هي قرارات قضائية، ويمتلك مجلس الهيئة بهذا الوصف السلطات المخولة للقاضي مع يترتب عن ذلك من آثار كاكتساب هذه القرارات حجية الشيء المقضي به، وقابليتها للطعن أمام غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف، والمسطرة التواجهية، واستدعاء المحامي المتابع للاستماع اليه، وتمتيعه بحقوق الدفاع، وتعليل هذه القرارات، وجعلها مشمولة بالنفاذ المعجل، إذا تعلق الأمر بالإيقاف أو التشطيب، وإمكانية إيقاف التنفيذ المعجل أمام محكمة الاستئناف.” [35]

وأضاف نفس المرجع بأن “المشرع اعتبر دور النقيب مهم جدا ولهذا أعطاه سلطة قضائية لأنه يفصل في نزاع أو خصومة بين الأطراف من محامين وأغيار”… “ومما يؤكد أن مؤسسة النقيب[36] هي مؤسسة قضائية كون الإجراءات المسطرية التي يطبقها حينما يبث في إطار صلاحياته هي إجراءات شكلية قضائية، بحيث يجب تقديم طلب مكتوب يبلغ الى الطرف الآخر، ويجب أن يكون المقرر معللا تحت طائلة البطلان، وعندما يصدر المقرر من النقيب يبلغ الى الطرف الآخر الذي يحق له أن يطعن فيه بالاستئناف”. [37]

إلا أن بعض الفقه الآخر يرى على عكس ذلك بأن نظرية المقررات الضمنية، ومدى قابليتها للطعن تؤشر الى أن الأمر يتعلق بقرارات إدارية وإن كانت صادرة عن جهاز منتخب في شخص مجلس الهيئة الذي يرأسه النقيب، إلا أن الجهاز المذكور قد أوكل اليه المشرع تسيير مرفق عمومي هو مرفق المحاماة، وخوله سلطات وصلاحيات تشبه الى حد كبير سلطات القانون العام التي تتوفر عليها السلطة الإدارية المنتصبة، لإصدار قرارات إدارية ملزمة ومن شأنها أن تؤثر في المراكز القانونية لمن يعنيه أمرها”.[38]

وإذا كانت غالبية الفقه والقضاء المغربي تعتبر القرارات الصادرة عن الهيئات المهنية قرارات ادارية تقبل الطعن بالإلغاء أمام المحاكم الادارية، مع استثنائها للقرارات الصادرة عن هيئة المحامين التي تعتبرها قرارات مدنية غير قابلة لممارسة الطعن فيها بالإلغاء أمام المحاكم الإدارية، فإن الأمر يبقى قابلا للمناقشة.

فعلى خلاف ما ورد لدى بعض الفقه[39] من كون المشرع منح للنقيب ولمجلس الهيئة نفس السلطات المخولة للقاضي فإن النقيب ومجلس الهيئة يصدران في نظرنا قرارات ومقررات إدارية وليس أحكاما قضائية. كما أن جلسات مجلس هيئة المحامين المتعلقة بتدبير الشؤون المهنية والتي تهدف الى إصدار المقررات لا تفتتح باسم الملك كما أن المقررات وعلى خلاف الأحكام القضائية لا تصدر باسم الملك.

ومن جهة أخرى فإن قرارات النقيب بتحديد الأتعاب لا تصدر هي الأخرى باسم الملك ولا تصبح قابلة للتنفيذ إلا بعد حصولها على الصيغة التنفيذية التي يذيل بها القرار رئيس المحكمة الابتدائية بعد انصرام آجال الطعن.

وإذا كان بعض الفقه وبعض القضاء يرفض وصف هيئة المحامين بالسلطة الإدارية، ويصنف قرارات ومقررات أجهزة هيئات المحامين ضمن القضاء العادي، فإنه من الصعب اعتبار ما يصدر عن النقيب والمجلس بالأحكام الابتدائية الصادرة عن “محاكم” الدرجة الأولى، لمجرد أن الطعن فيها يتم أمام الرئيس الأول بالنسبة لقرارات الاتعاب وأمام غرف المشورة لمحاكم الاستئناف العادية بالنسبة لباقي الطعون.

ونعتمد للتأكيد على وجهة نظرنا هاته على العديد من المعطيات أهمها أن القانون المنظم لمهنة المحاماة يتحدث عن القرارات والمقررات ولا يصف ما يصدر عن أجهزة الهيئات بالأحكام القضائية كما سبقت الإشارة الى ذلك أعلاه.

كما أن الطعن الذي يتم على قرار تحديد الأتعاب لا يوجه ضد شخص الخصم ولا ضد شخص النقيب وإنما ضد القرار الذي أصدره النقيب من جهة كما أنه لم يرد في القانون المنظم لمهنة المحاماة وصف الطعن ضد قرار النقيب بالاستئناف وإنما بطعن من نوع خاص كما جاء في المادة 96 التي تنص على ما يلي:

 “يحق لكل من المحامي، وموكله، الطعن شخصيا أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في قرار النقيب المتعلق بتحديد وأداء الأتعاب، وفي قرار الإذن للمحامي بالاحتفاظ بملف القضية، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بهذه المحكمة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ.

يبت الرئيس الأول بمقتضى أمر، بعد استدعاء المحامي والطرف المعني، للحضور أمامه، قصد الاستماع إليهما، وإجراء كل بحث مفيد، عند الاقتضاء.”

كما جاء في المادة 94 من القانون المنظم لمهنة المحاماة من جهة أخرى على أنه “يحق لجميع الأطراف المعنية، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخاب النقيب ومجلس الهيئة، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ، أو إجراء الانتخابات، أو من اليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاذ المقرر الضمني”.

مقال قد يهمك :   تقادم العقوبة الجنائية يخضع لمدة 15 سنة حتى ولو كانت العقوبة حبسية بسبب ظروف التخفيف

ولم ينتبه بعض الفقه كما الحال لبعض القضاء للمعيار المادي أو الموضوعي لما تصدره الهيئات لاعتماد المعيار الشكلي أو العضوي وذلك للقول بان المشرع منح لهيئة المحامين “اختصاصا قضائيا” يقترب من نشاط القضاء ويهدف الى حماية النظام القانوني للدولة وأن الطعون التي تمارس على قرارات ومقررات أجهزة الهيئة تتم أمام محاكم الاستئناف العادية لا أمام المحاكم الإدارية ناهيك عن الدور المحوري الذي يمنحه المشرع للنيابة العامة[40] (- في مراقبة مقررات أجهزة الهيئة-) لدى محاكم الاستئناف التي تعتبر طرفا أصليا في الدعاوى بحكم موقع وصلاحيات هذه النيابة العامة، سواء فيما يتعلق بالمراقبة القبلية أو المراقبة البعدية التي سنأتي على شرحها فيما بعد.

إلا أن الاتجاه الذي سارت عليه الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض منذ عقود، يبرز مما لا يدع مجالا للشك بأن النزاعات التي تنتج عن قرارات ومقررات هيئة المحامين تعتبر جزء لا يتجزأ من المادة الإدارية، وتخضع لرقابة القضاء الإداري على مستوى محكمة النقض.

وقد زكى بعض الفقه هذا التوجه، مفيدا بأن محكمة النقض، حينما تبث في الطعون بالنقض المرفوعة ضد قرارات غرف المشورة بمحاكم الاستئناف، او في طلبات إيقاف التنفيذ الموجهة ضد قرارات هذه الأخيرة، فإنها تمارس رقابتها القضائية الإدارية على عمل محاكم الاستئناف (غرف المشورة)، وأن رائدها في ذلك هو المعيار الموضوعي في مواجهة المعيار العضوي.[41]

ولقد جاء في قرار لمحكمة النقض مؤرخ في 15/07/1999 بأن “الطعون المرفوعة ضد مقررات مجالس هيئات المحامين، وإن كانت توجه الى غرفة المشورة لمحكمة الاستئناف، إلا أن طبيعة هذه الطعون تجعلها تدخل في خانة المادة الإدارية بالرغم من أن المشرع اسند الاختصاص في شأن مواكبة قرارات مجالس هيئات المحامين لغرف المشورة بمحاكم الاستئناف، وأن كون البث في النزاعات المتعلقة بالقرارات الصادرة عن مجالس هيئات المحامين يخضع لمعطيات القانون المنظم لمهنة المحاماة، فإن طبيعة هذه النزاعات والخصوصيات التي تتميز بها لا تجعلها بمنأى عن المادة الإدارية بصورة عامة”[42]

وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض بأنه “لما كان التأديب نشاطا إداريا تمارسه السلطة الإدارية لضمان حسن المرفق العام تحت رقابة القضاء، فإن اسناد هذا النشاط لهيئة غير إدارية لا ينزع عن النشاط الصبغة الإدارية، ولا يطلق للهيئة غير الإدارية المسند اليها هذا النشاط ممارسته في غياب الرقابة القضائية (…)[43].

كما سارت محاكم الاستئناف في نفس التوجه إذ جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بفاس ما يلي: “وحيث إنه رغم كون مجالس هيئات المحامين بالمغرب تعتبر من أشخاص القانون الخاص، إلا أنها تنوب عن الدولة في تسيير قطاع المحاماة المرتبط بمرفق العدالة لما لها من دراية في هذا الشأن وما لها من السلطات ما يجعلها مؤهلة طبقا للقانون لاتخاذ ما تراه من قرارات إدارية في الموضوع”.[44]

أما بالنسبة للقضاء المقارن فإنه ورد عن مجلس الدولة الفرنسي بأنه “رغم أن المشرع لم يعتبر النقابات المهنية مؤسسات عمومية، فإنها تساهم في تسيير مرفق عام وأن القرارات التي تتخذها في إطار اختصاصها سواء في شكل قرارات تنظيمية أو قرارات فردية قرارات إدارية”.[45]

وهو نفس التوجه التي سار عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا بمصر والتي أكدت “بأن القرارات المتعلقة بالتأديب والتي تصدرها الهيئات قرارات إدارية لا قضائية على اعتبار أن القرار القضائي هو الذي تصدره المحكمة بمقتضى ولايتها القضائية”.[46]

الفصل الثاني – الرقابة القضائية لعمل هيئة المحامين

إذا كانت هيئة المحامين تشكل مرفقا عاما قد تنازلت عنه الدولة للمهنيين أمام كثرة أعباءها واستحالة تسييرها لجميع المرافق العامة، فإنها أبقت بالمقابل عمل أجهزة الهيئة تحث رقابة القضاء.

وتلعب النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف دورا محوريا في تلقي الشكايات التي تقدم ضد المحامين، وإحالتها على نقباء الهيئات، وكذا تتبع ومراقبة القرارات والمقررات التي تصدر عن تلكم الأجهزة التي تبلغ إلى النيابة العامة بقوة القانون والتي تطعن فيها هذه الأخيرة عند الاقتضاء أمام محاكم الاستئناف.

وإلى جانب عمل النيابة العامة فإن المحامين المتضررين من قرارات ومقررات أجهزة الهيئة يساهمون من خلال الطعون التي يتقدمون بها أمام محاكم الاستئناف ضد هذه القرارات والمقررات في خلق دينامية قانونية وفي تجويد عمل الأجهزة المهنية من خلال العمل القضائي.

المبحث الأول – دور النيابة العامة في مراقبة الممارسة المهنية وعمل الهيئات

إذا كان لا أحد ينازع في كون المحاماة مهنة حرة ومستقلة، فإن ذلك لا يعني أن المحامين لا يخضعون للقانون وأن هيئة المحامين لا تخضع للمراقبة القضائية القبلية والبعدية، لان تدبير الشأن المهني يبقى من مهام الدولة، التي أوكلت اختصاصاتها للمهنيين، نظرا لكفاءتهم ولقدرتهم على تدبير شؤونهم، لتبقي عينها الرقابية مفتوحة على عمل أجهزة الهيئة نظرا لما لذلك العمل من تأثير على منظومة العدالة وعلى الصالح العام.

ومن تم فإن المشرع سطر مقتضيات قانونية متعددة تجعل المهنيين وأجهزتهم خاضعين للمراقبة وللرقابة القضائية.

ولقد خص المشرع  النيابة العامة في هذا الصدد بصلاحيات واسعة في مجال المحاماة،[47] حيث منحها صلاحية إجراء البحوث أثناء النجاح في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، وصلاحية الطعن في مقررات القبول او الرفض المتخذ من طرف مجلس الهيئة، وحضور جلسة أداء اليمين القانونية،[48] والاطلاع على جدول المحامين الرسميين، والطعن في مقررات قبول أو رفض التقييد أو التسجيل المتخذ من طرف مجلس الهيئة حسب الحالات، وطلب التغاضي عن التسجيل بالجداول، وتلقي الشكايات وإحالتها على نقيب هيئة الحامين للاختصاص في إطار المادة 67 من قانون المحاماة، وطلب التحقيق في حسابات المحامي ووضعية الودائع لديه، وتلقي الاشعار بذلك، الكل في إطار المادة 56 من قانون المحاماة، والطعن في مقررات نقيب هيئة المحامين، وطلب الإيقاف عن ممارسة المهنة مؤقتا، والطعن في المقرر التأديبي الصادر عن مجلس الهيئة، والطعن في مقررات انتخاب النقيب وأعضاء مجلس الهيئة، والطعن في النظام الداخلي للهيئة، وتقديم ملتمسات في الطعن بالتعرض، ومساعدة النقيب في تنفيذ المقرر التأديبي.

ويستخلص مما سبق بأن النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف تلعب دورا رقابيا قبليا تمارسه عند وضع المترشحين لملفاتهم من أجل الولوج لمهنة المحاماة بعد نجاحهم في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة لتتأكد من توفرهم على الشروط التي يفرضها المشرع من خلال القانون المنظم لمهنة المحاماة.[49]

ويأتي بحث النيابة العامة بناء على طلب نقيب الهيئة باعتبار أن مجلس الهيئة ولئن كان هو المختص في إجراء البحث حول أخلاق المترشح بجميع الوسائل التي يراها مناسبة طبقا للمادة 11 من القانون المنظم لمهنة المحاماة[50] إلا أن المجلس وأمام عدم توفره على الوسائل الضرورية لإجراء البحث فإنه يلجأ بواسطة النقيب الى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف من أجل القيام بالبحث المذكور.

وإذا كان مجلس الهيئة هو من يبت “في الطلبات المستوفية لكافة الوثائق وعناصر البحث خلال أجل لا يتعدى أربعة أشهر من تاريخ تقديم الطلب،” فإن “مقرر القبول أو الرفض يبلغ إلى المترشح، وإلى الوكيل العام للملك، داخل أجل خمسة عشر يوما من صدوره” طبقا للمادة 11 المذكورة، [51]  لتمارس النيابة العامة مراقبة بعدية على مقررات مجلس الهيئة.

ونذكر على سبيل المثال لا الحصر القرار الصادر عن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي جاء فيه “بأن طعن النيابة العامة في قرار مجلس هيئة المحامين بالرباط القاضي بقبول تسجيل المطعون ضده في لائحة المحامين المتمرنين، لكونه أتى أفعالا منافية للمروءة وحسن السلوك، بالنظر أنه موضوع عقوبة حبسية نافذة في جنحة التحريض على الفساد والرشوة كما أنه موضوع مسطرة من أجل جنحة انعدام التأمين، يبقى غير مرتكز على أساس، بالنظر لكون وظيفة القانون مقترنة بتحقيق العدل وكانت غايته حماية الفرد وتحقيق رفاهيته بجلب المنفعة، فإن توفير العدالة الاجتماعية يقتضي اعمال مصلحة المطعون ضده من خلال إعطائه الحق في ممارسة مهنة المحاماة تطبيقا للمبدأ الذي يعتبر أن العام انما يتحقق عن مجموع الخير الذي يعم كل فرد فرد، وأن من شأن حرمانه من ممارسة مهنة المحاماة التأثير على حياته الاجتماعية والأسرية وأن النية الإجرامية غير متوفرة لديه”.[52]

ومن الصعب جدا إيجاد مبررات للغرفة مصدرة هذا القرار، خصوصا وأن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف هاته، أصبحت تطعن من خلال قرارها في الحكم النهائي الذي أدان طالب التسجيل في لائحة التمرين، والذي قضى على إثره عقوبة حبسية نافذة، بالقول بأن النية الإجرامية غير متوفرة لدى المعني بالأمر.

وإذا كنا قد آثرنا ذكر هذه النازلة، فللقول بأن مجلس الهيئة قام بتسجيل المترشح بالرغم من سوابقه العدلية وبالرغم من كونه أتى بأفعال منافية للمروءة وحسن السلوك، وأن الوكيل العام قام بالطعن في إطار مهامه الرقابية البعدية إلا أن غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف بالرباط قضت بتأييد مقرر مجلس هيئة المحامين بالرباط، بالرغم من طعن النيابة العامة.

وتبقى النيابة العامة في جميع الأحول وإلى جانب عملها الرقابي، أداة إدارية فعالة في تلقي الشكايات وإرسالها إلى نقباء الهيئات وتتبع مسارها، وأداة رقابية قضائية لعمل النقباء ولعمل المجالس حيث يكون لها حق الطعن في قرارات النقيب بالحفظ الضمني أو الصريح وكذا في مقررات مجلس الهيئة.

وتنص المادة 92 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أن “كل المداولات أو المقررات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العامة، أو مجلس الهيئة خارج نطاق اختصاصهما، أو خلافا للمقتضيات القانونية، أو كان من شأنها، أن تخل بالنظام العام، تعتبر باطلة بحكم القانون.

تعاين محكمة الاستئناف هذا البطلان، بناء على ملتمس من الوكيل العام للملك، بعد الاستماع إلى النقيب، أو من يمثله من مجلس الهيئة”.

وإذا كانت الجمعية العمومية لا تتخذ أي مقرر باستثناء مشاركة جموع المحامين في الانتخابات المهنية كل ثلاث سنوات أو بمناسبة الانتخابات الجزئية عند الاقتضاء فإن وجود هذه المادة الى جانب المادة 94 من نفس القانون التي تنص على أنه “يحق لجميع الأطراف المعنية، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخاب النقيب ومجلس الهيئة، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ، أو إجراء الانتخابات، أو من اليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاذ المقرر الضمني”، يخلق بعض الضبابية لدى الباحث وربما لدى القضاء لأن المادة 92 تتحدث عن مجرد ملتمس يتقدم به الوكيل العام بينما المادة 94 تتكلم عن الطعن الذي يمارسه الوكيل العام ضمن الشروط والآجال التي ينص عليها المشرع.

وتستند المحاكم بالنسبة لطعن النيابة العامة على المادة 92 من قانون المهنة الذي يترك الباب مشرعا لمجرد ملتمس بدون شروط ولا شكليات وبدون حصر للآجال لتقديمه.

ومن جهة أخرى تنص المادة 67 من القانون المنظم للمهنة على أنه “تحال على النقيب الشكايات المرفوعة مباشرة لمجلس الهيئة أو المحالة من الوكيل العام والمقدمة في مواجهة محام، والتي تتعلق بمخالفة النصوص القانونية، أو التنظيمية أو قواعد المهنة، أو أعرافها، أو أي إخلال بالمروءة والشرف.

يتخذ النقيب مقررا بالحفظ أو بالمتابعة ويتعين أن يكون قراره معللا وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر وإلا اعتبر قرارا ضمنيا بالحفظ.

للوكيل العام للملك، وحده، أن يطعن في قرار الحفظ الصادر عن النقيب، ضمنيا أو صراحة، بعد تبليغه بالقرار.

إذا ألغت محكمة الاستئناف مقرر النقيب بالحفظ، تحيل الملف، وجوبا، من جديد، لعرضه على مجلس الهيئة لمواصلة إجراءات المتابعة”

فالوكيل العام يتلقى الشكايات التي يتقدم بها المواطنون ضد بعض المحامين فيحيلها بعد دراستها على النقيب الذي يعمل على إصدار قراره إما بالحفظ الصريح أو الضمني أو بالمتابعة ويحيلها على مجلس الهيئة ليتخذ ما يراه مناسبا بشأنها.

وتكون قرارات النقيب بالحفظ الضمني أو الصريح للشكايات التي تقدم ضد المحامين قابلة للطعن فيها من قبل الوكيل العام للملك دون غيره، حيث تعرض على غرف المشورة لدى محاكم الاستئناف، التي بإمكانها أن تؤيد قرارات الحفظ أو أن تلغيها، وترجع الملفات للنقيب ليعرضها على مجلس الهيئة للبث فيها طبقا للقانون.

ويتلقى النقيب مباشرة شكايات المتقاضين ليبث فيها أيضا بقرارات بالحفظ الصريح أو الضمني أو بالمتابعة والاحالة على مجلس الهيئة ليبلغ الوكيل العام في جميع الأحول بمقررات المجلس الصريحة.

ولا يكتفي الوكيل العام بإحالة شكايات المتقاضين بسبب المخالفات المهنية طبقا للمادة 67 المذكورة بل يقف الوكيل العام حتى على تلك الهفوات الخارجة عن النطاق المهني طبقا للمادة 61 من قانون المهنة ليحيلها على النقيب.[53]

ويبقى الوكيل العام لدى محكمة النقض هو المختص في تحريك المتابعات مباشرة ضد النقيب الممارس إلى محكمة الاستئناف غير تلك التي توجد الهيئة بدائرتها، تلقائيا أو تبعا لشكوى توصل بها.

وبالرجوع الى التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة لسنة 2020، فإنه سيتضح بأن عدد الشكايات كان هو 1563 شكاية منها المحالة من قبل النيابة العامة على النقباء وعددها 1178 شكاية، أي بنسبة 75% ليبقى عدد الشكايات المقدمة مباشرة للهيئات هو 385 أي بنسبة 25% منها 261 شكاية تم تحريكها من قبل النقباء أي بنسبة 17% ليكون عدد المتابعات هو 124 متابعة أي بنسبة 8%.

وقد وصل عدد القرارات الصادرة عن نقباء الهيئات 1425 قرار أي بنسبة 91% من مجموع الشكايات منها 713 قرارا بالحفظ الضمني أي بنسبة 46%، و135 قرار بالحفظ الصريح المطعون فيه من قبل الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف أي بنسبة 9%، و179 قرارا بالحفظ الضمني مطعون فيه أي بنسبة 11%، و30 قرارا بالحفظ الضمني غير مطعون فيه أي بنسبة 2% من الشكايات.

وصدر من جهة أخرى 120 قرارا عن غرف المشورة بمحاكم الاستئناف تؤيد قرارات النقيب بالحفظ الضمني أي بنسبة 8%، و98 قرارا يؤيد قرارات النقيب بالحفظ الصريح أي بنسبة 6%، و39 قرارا ألغت قرارات الحفظ الصريحة المتخذة من قبل النقيب أي بنسبة 2%، و111 قرارا بإلغاء قرارات الحفظ الضمني.

وبالرجوع الى نفس الإحصائيات، فإننا نجد بأن مجالس الهيئات أصدرت خلال سنة 2019 ما مجموعه 1007 مقررا تأديبيا بخصوص الشكايات المحالة عليها من بينها 300 مقررا بالمؤاخذة أي بنسبة 30% من مجموع المقررات الصادرة و572 مقررا بعدم المؤاخذة أي بنسبة 57%.

وتقدمت النيابة العامة بما مجموعه 238 طعنا بشأن مقررات المجالس التأديبية للهيئات، أي بنسبة 24% ووصل عدد قرارات غرف المشورة بتأييد قرارات عدم المؤاخذة الضمنية 36 قرارا أي بنسبة 4%، ووصل عدد قرارات غرف المشورة بتأييد مقررات عدم المؤاخذة الصريحة الى 52 قرارا أي بنسبة 5%.

أما مجموع قرارات غرف المشورة الصادرة بإلغاء مقررات عدم المؤاخذة والتصدي، فقد وصل الى 77 قرارا أي بنسبة 8%، أما عدد الطعون بالنقض الموجهة ضد القرارات الصادرة عن غرف المشورة، فقد وصل الى 40 طعنا أي بنسبة 4%.

ومن جهة أخرى فإن المشتكي لا يعد طرفا في الدعوى التأديبية، ولو كان هو من تقدم بالشكوى لوحده، إذ تبقى النيابة العامة في مرحلة الطعن هي الطرف الأصلي. كما يجب توجيه الطعن ضد المقرر التأديبي وضد الوكيل العام للملك وليس ضد النقيب أو ضد مجلس الهيئة مصدر القرار، وهو أمر عادي لأن مصدر القرار ليس طرفا في دعوى التأديب ولو كان هو من حرك المتابعة.

وإذا كان من حق الوكيل العام للملك مباشرة الطعن في المقرر الصريح أو الضمني بالحفظ، الذي اتخذه النقيب أو مجلس الهيئة، ومن حقه الطعن أيضا في المقرر الصادر بعدم مؤاخذة المحامي أو الذي صدر بمؤاخذته بعقوبة لا تتناسب وخطورة الأفعال، فإن الطعن الذي يتقدم به كتابة معفى من تنصيب محام ومعفى من أداء الرسوم القضائية.

والى جانب الدور الكبير الذي يقوم به القضاء الواقف فيما يتعلق بالمحاماة فإن دور القضاء الجالس يبقى أساسيا ومحوريا في الرقابة القضائية من خلال الطعون.

المبحث الثاني – دور القضاء الجالس في الرقابة القضائية على عمل أجهزة الهيئات

لابد من التأكيد على أن قرارات النقيب ومقررات مجلس الهيئة تخضع للرقابة القضائية من خلال الطعون التي تمارس من قبل النيابة العامة التي تعتبر طرفا أصليا في جل المنازعات المرتبطة بالمحاماة[54] ومن قبل المحامي المتضرر من تلكم القرارات والمقررات.

وتنص المادة 51 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أن ” نقيب الهيئة، يختص بالبت في كل المنازعات، التي تثار بين المحامي وموكله بشأن الأتعاب المتفق عليها والمصروفات، بما في ذلك مراجعة النسبة المحددة باتفاق بين المحامي وموكله. كما يختص في تحديد وتقدير الأتعاب في حالة عدم وجود اتفاق مسبق.

للموكل أن ينازع في بيان الحساب المبلغ إليه داخل أجل ثلاثة أشهر، الموالية لتاريخ توصله به تحت طائلة سقوط الحق.

يستمع النقيب، عند الاقتضاء، إلى المحامي والطرف المعني لتلقي ملاحظاتهما، وما يتوفران عليه من حجج، يبت في الطلب داخل أجل شهر من تاريخ تسلمه.

يبلغ هذا القرار إلى المحامي وإلى الموكل داخل أجل خمسة عشر يوما من صدوره.

إذا تعلق الأمر بأتعاب النقيب الممارس أو مصروفاته، تولى البت في كل طلب أو منازعة في شأنها، النقيب السابق للهيئة، وعند عدم وجوده، يتولى ذلك أقدم عضو بمجلسها، وفق نفس الإجراءات.

تتقادم جميع الطلبات والمنازعات المتعلقة بالأتعاب بمرور خمس سنوات من تاريخ انتهاء التوكيل.”

وتنص المادة 49 من نفس القانون بأنه “لا يحق للمحامي أن يحتفظ بالملف المسلم إليه من طرف موكله، ولو في حالة عدم أداء ما وجب له من المصروفات، والأتعاب ما لم يرخص له النقيب في ذلك، بمقتضى قرار خاص اعتمادا على ما يدلى به من مبررات.

يصدر هذا القرار، في ظرف شهر من طرح النزاع، ويبلغ إلى المحامي وموكله في أجل خمسة عشر يوما من صدوره.”

وتنص الفقرة 8 من المادة 30 من نفس القانون على أنه “يتعين على المحامي أن يحتفظ بملفه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.”

ولا بد من الوقوف عند إشكالية إغفال المشرع لجزاء مخالفة آجال المادة 49 بخصوص الاحتفاظ بالملف، كما هو الشأن لإغفاله لجزاء عدم البث في طلبات تحديد الأتعاب داخل أجل الشهر المنصوص عليه في المادة 51 أعلاه، وما يطرحه هذا الإغفال من تساؤلات. فهل يمكن لصاحب المصلحة اعتبار إهمال النقيب وعدم بثه في الآجال القانونية بمثابة قرا ضمني بالرفض يعطي الصلاحية للمحامي في تقديم طعن للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف خلال الخمسة عشر يوما من انتهاء الآجال المحددة للنقيب؟ أم أن على المحامي وأمام عدم وجود أي جزاء لعدم البت في الآجال المقررة في القانون المنظم للمهنة بالنسبة للمادة 49 و51 انتظار المدة التي يرتئيها النقيب والتي قد تطول لشهور بل لسنة أو سنتين قبل البت في الطلب أو عدم البت فيه مطلقا خلال ولايته؟

ثم هل يعتبر تقديم طلب للنقيب بخصوص الاحتفاظ بالملف طبقا للمادة 49 معف للمحامي من مخالفة الاحتفاظ بالملف ولو طالت مدة البث في الطلب وما قد يترتب عن ذلك من أضرار للموكل الذي سحب التوكيل من دفاعه طبقا للمادة 48 من القانون المنظم لمهنة المحاماة وأوكل ملفه لمحام آخر؟

وقد أثار القضاء ما مرة انتباه الأجهزة حول عدم البث في الآجال موضحا بأنه “لئن كان المشرع لم يرتب جزاء صريحا على عدم بث أجهزة الهيئة في الآجال التي حددها، فإنه بالمقابل لم يعط صراحة لمجالس هيئات المحامين سلطة مطلقة لا حدود زمنية لها وأنه لا معنى للرقابة القضائية إذا لم تقيد من هذه السلطة (…) [55]

مقال قد يهمك :   الإدارة الضريبية والملزم...نحو علاقة جبائية متوازنة

وبغض النظر على الإشكاليات التي قد تنجم عن إغفال المشرع لجزاءات عدم البت في الآجال التي حددها[56]، فإن الطعون تمارس أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، بخصوص المنازعات المتعلقة بالأتعاب المتحدث عنها، والمنازعات المرتبطة بالنيابة أو تلك التي تهم قرارات الاحتفاظ بملف الموكل.

وهكذا تنص المادة 96 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أنه “يحق لكل من المحامي، وموكله، الطعن شخصيا أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في قرار النقيب المتعلق بتحديد وأداء الأتعاب، وفي قرار الإذن للمحامي بالاحتفاظ بملف القضية، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بهذه المحكمة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ.

يبت الرئيس الأول بمقتضى أمر، بعد استدعاء المحامي والطرف المعني، للحضور أمامه، قصد الاستماع إليهما، وإجراء كل بحث مفيد، عند الاقتضاء”.

وقد عاب بعض الفقه على بعض القضاء، اعتماد الفقرة 8 من المادة 30 للقول بصحة الطعن في قرار النقيب الذي يبث في المنازعات المتعلقة بالتوكيل.

وقد صدر عن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، قرار يقضي بأن عدم قبول الطعن المقدم من قبل محامية، والذي يروم إلغاء قرار النقيب البات في التوكيل باعتبار أن الاختصاص يعود للرئيس الأول طبقا للفقرة 8 من المادة 30 من قانون المهنة.[57]

وبغض النظر على أن الامر هنا يتعلق بعدم الاختصاص وليس بعدم القبول، وبغض النظر على أن غرفة المشورة كان بإمكانها أن تحيل الملف إداريا وبدون صائر على الرئيس الأول للاختصاص، باعتبار أن الأمر يتعلق بنفس المحكمة وبنفس الرئيس الأول، فإن صاحب التعليق على القرار[58] ارتأى أن يذهب في اتجاه عدم قابلية الطعن في قرار النقيب حول التوكيل متسائلا “هل من المعقول طرح نزاع من هذا النوع على القضاء” مبرزا “شرعية عدم قبول الطعن في نزاع المحامين حول التوكيل” مستندا في تحليله على المادة 96 من القانون المنظم للمهنة [59] يستخلص منه حسب صاحب التعليق[60] بأن “المشرع سن طريقا واحدا للطعن في قرار النقيب بشأن قرارين اثنين لا ثالث لهما والمتعلقين بتحديد الاتعاب والاذن للمحامي بالاحتفاظ بملف القضية فقط، أي أن أي طعن آخر في قرار غير هذين القرارين يكون غير مقبول لعدم النص عليه لا صراحة ولا ضمنا من طرف المشرع”.

إلا أن صاحب التعليق لم يرد الوقوف مليا عند الفقرة 8 من الفصل 30 من القانون المنظم للمهنة والتي ارتكز عليها قرار غرفة المشورة لدى استئنافية القنيطرة والتي تنص على أنه “يتعين على المحامي أن يحتفظ بملفه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف”.

وقد أسس المعلق موقفه على بعض الفقه وبعض القوانين الداخلية السابقة لقانون 2008 الذي عدل المادة 29 من ظهير 1993 (المادة 30 من القانون الحالي) واعتمد اساسا على بعض القواعد الفقهية كالتي تقول “لا تعقيب على النقيب “.[61]

ونعتقد بأن محاولة أقناع الوسط المهني بحرمان المحامي من الطعن في القرار الذي يصدره النقيب بخصوص التوكيل هو في حد ذاته حرمانه من درجة من درجة التقاضي لأن الطعن هو لجوء خاسر الطلب الى جهة أعلى درجة لإعادة النظر في القرار الصادر ضده.

كما نعتقد بأن الطعون تساهم بشكل كبير في تجويد عمل أجهزة الهيئة من خلال الرقابة القضائية التي يمارسها الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالنسبة للاختصاصات التي يخولها له المشرع والتي أصبحت تمتد لمحكمة النقض بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأتعاب[62] وكذا الرقابة التي تمارسها غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف والرقابة التي تمارسها الغرفة الإدارية لدى محكمة النقض.

ومن جهة أخرى وفي إطار الصلاحيات التي يتوفر عليها النقيب فإن المادة 25 من القانون رقم 08.29 المتعلق بتنظيم الشركات المدنية المهنية للمحاماة تنص على إنه” يمكن للنقيب عند عجز أحد الشركاء عن تسديد ما ترتب بذمته بمقتضى مقرر قابل للتنفيذ، أن يجبره على تفويت حصته في رأسمال الشركة لهذه الأخيرة أو لأحد الشركاء وإلا للأغيار من المحامي ويحدد النقيب قيمة حصة الشريك المدين ويتسلم مقابلها لأداء ما ترتب بذمة المحامي الشريك أو لتصفية الديون وفق المقتضيات الجاري بها العمل”.

وتبلغ جميع القرارات الصادرة عن نقيب الهيئة وفق قانون الشركات المدنية المهنية، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التي توجد بدائرتها الهيئة التابعة لها الشركة، حسب المادة ،64 ويحق للوكيل العام للملك ولجميع الأطراف المعنية، استئناف القرارات المذكورة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغها طبقا للمادة 65.

وبالرجوع الى القانون المنظم لمهنة المحاماة فإن المادة 94 منه تنص على أنه “يحق لجميع الأطراف المعنية، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخاب النقيب ومجلس الهيئة، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ، أو إجراء الانتخابات، أو من اليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاذ المقرر الضمني”

ويمكن التساؤل هنا هل يتعلق الأمر باستئناف بمفهوم الفصل 134 وما يليه من قانون المسطرة المدنية أم بطعن من نوع آخر؟. فبالرجوع إلى بعض الفصول المتعلقة بالطعون المقررة في القانون المنظم لمهنة المحاماة انطلاقا من ظهير 10 يناير 1924 مرورا بظهير 18 مايو 1959 وقانون 19 دجنبر 1968، و8 نونبر 1979 و10 شتنبر 1993 ووصولا إلى قانون 20 أكتوبر 2008 وبقراءة متأنية لها فإننا نستخلص بعض المفارقات.

فإذا كانت كل القوانين السابقة لقانون 1979، قد استعملت مصطلح الاستئناف بالنسبة للطعن في قرارات النقيب ومقررات مجلس الهيئة، سواء بالنسبة للمحامي أو للوكيل العام، وإذا كان الفصل 60 من قانون 1968 -الفقرة الثانية – قد نص على أن التحقيق يباشر في القضايا المدنية، وهو ما كان يترك الانطباع على أن المشرع أراد أن يضفي على هذه القرارات الصبغة المدنية الصرفة، فإنه تراجع على هذا الوصف وهذا المصطلح ابتداء من قانون 1979 بالفصلين 118 و119 الذي استبدل فيهما مصطلح الاستئناف بمصطلح الطعن، حيث ورد بأن الطعن يتم بمقال وهو ما سار عليه ظهير 1993 وقانون 2008 فيما بعد.

ومن تم فإن البعض يرى بأن الطعن في قرارات النقيب ومقررات المجلس يبقى طعنا من نوع خاص وليس استئنافا بمعنى قانون المسطرة المدنية،[63] إلا أن البعض الآخر يرى بأن القرارات المهنية الصادرة عن مجالس الهيئات تخضع للقواعد العامة في التقاضي الواردة في قانون المسطرة المدنية وأن الطعن بالاستئناف يخضع لنفس الشكليات.[64]

ومن الطعون المقررة في قانون المهنة بالنسبة للقرارات التي تصدرها غرفة المشورة في مجال التأديب التعرض والنقض. وهكذا تنص المادة 97 من هذا القانون المنظم لمهنة المحاماة على أن القرارات الصادرة عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وغرفة المشورة بها، تخضع للطعن بالتعرض والنقض، وفق الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة في قانون المسطرة المدنية.

ويمكن القول بأن المشرع أوكل للقضاء الجالس مسؤولية الرقابة القضائية على عمل الاجهزة المهنية في العديد من المجالات، لأن القضاء يبث في الطعون في مقررات انتخاب النقيب وأعضاء مجلس الهيئة، وتلك المرتبطة بمقررات قبول أو رفض التقييد أو التسجيل المتخذ من طرف مجلس الهيئة، والطعون المرتبطة بمقررات التغاضي عن التسجيل بالجداول، والطعون المتعلقة بالمقررات التأديبية، سواء كانت بالحفظ الضمني أو الصريح أو بالمؤاخذة وبالبت في الطعون المتعلقة بالأنظمة الداخلية للهيئات وغيرها من الطعون.

ويبقى القضاء بالتالي هو آخر حاجز لمنع تسلل بعض المترشحين الذين لا تتوفر فيهم الشروط القانونية والأخلاقية لولوج مهنة المحاماة.

فهكذا أصدرت محكمة النقض قرارا جاء فيه بأن “المشرع استلزم لامتهان المحاماة ألا يكون المرشح مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة وحسن السلوك، في حين استلزم في المرشح منهم لمنصب النقيب إلى جانب عدم الإدانة التأديبية أو الزجرية بصفة عامة انتفاء المتابعة فيما له مساس بالشرف أو المروءة، فوجود متابعة في حق النقيب يجعل عملية انتخابه مختلة.”[65]

وجاء في قرار لمحكمة النقض بأن الفاظ المادة 18 من القانون المنظم لمهنة المحاماة صريحة في اشتراط التدريس بإحدى كليات الحقوق بالجامعات المغربية، من أجل الاعفاء من الحصول على شهادة الأهلية، ولا تحتمل أي تأويل بخصوص التدريس بالجامعات الفرنسية.[66]

كما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط بأن “عدم جواز تسجيل قدماء القضاة والموظفين ورجال السلطة في جدول الهيئة لدى آخر محكمة استئناف زاولوا مهامهم في دائرتها قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ انقطاعهم عن العمل بها؛ وما دام الطاعن الذي كان يعمل كمستشار بمحكمة الاستئناف بالرباط ثم انتقل الى محكمة الاستئناف بالقنيطرة التي قضى بها فترة وجيزة ثم أحيل على التقاعد لم يعزز طلبه بما يفيد مضي ثلاث سنوات على انقطاعه عن مزاولة مهامه القضائية بالدائرة القضائية لمحكمة الاستئناف بالرباط الراغب في التسجيل ضمن جدول هيئة المحامين الرسميين بها، مما يبقى طلبه غير مؤسس ومقرر الهيئة برفض طلبه سليما”.[67]

ولن نتحدث عن القرارات التي بتت في مجال التأديب كاقتراض المحامي من أحد الخصوم وتقاعسه عن تنفيذ الأمر بالأداء موضوع عقد القرض بدون مبرر الأمر الذي يشكل مخالفة عدم تقييده في سلوكه المهني بمبادئ الاستقلال والتجرد والنزاهة والكرامة والشرف وما تقتضيه الاخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة،[68] أو كاتفاق المحامي مع الغير لجلب الزبناء مقابل عملة يسلمها له[69]، أو كضبط المحامي بالمصحة قصد التفاوض مع ضحية حادثة سير دون أن يشعر النقيب ودون أن توجد مبررات استثنائية بذلك[70] الى غيرها من القرارات التي تذهب في نفس التوجه.

الا أن بعض العمل القضائي الصادر عن محاكم الاستئناف (غرف المشورة) وحتى عن محكمة النقض يفيد بأن بعض القضاء لا يتحمل مسؤوليته في المراقبة.

ولقد استشهدنا سابقا بقرار لغرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالرباط، الذي اعتبر بأن النيئة الإجرامية غير متوفرة عند المترشح الذي كان “موضوع عقوبة حبسية نافذة في جنحة التحريض على الفساد والرشوة وموضوع مسطرة من أجل جنحة انعدام التأمين”.[71]

كما أصدرت محكمة النقض من جهتها قرارا جاء فيه بأن “مجرد المتابعة من أجل جنحة إصدار شيك بدون رصيد لرفض التقييد في لائحة المتمرنين لا يتنافى مع الاشتراط الوارد بالمادة 5 من القانون المنظم لمهنة المحاماة والقول بتنافي ذلك مع المبادئ الواردة في القانون المذكور يتعارض مع مبدأ البراءة المكرس دستوريا ذلك أن القول بخلاف ذلك يقتضي صدور مقرر يقضي بالإدانة قضائيا أو تأديبيا أو إداريا بسبب أفعال تمس الشرف والمروءة والنزاهة والتجرد والكرامة”.[72]

وورد في قرار آخر لمحكمة النقض بأنه “لما ألغت محكمة الاستئناف قرار مجلس هيئة المحامين المطعون فيه وقضت بتسجيل قاض محال على التقاعد التلقائي بجدول الهيئة، استنادا إلى أن المخالفة المتمثلة في عجزه عن تقديم تبرير مقنع لمصدر أمواله وممتلكاته، والتي أحيل من أجلها على التقاعد التلقائي لا تندرج ضمن ما هو منصوص عليه في الفقرة الخامسة من المادة 5 من القانون المنظم لمهنة المحاماة المحتج بها، التي لم تجعل من الإدانة شرطا كافيا لرفض طلب التسجيل، وإنما ربطت ذلك بارتكاب أفعال منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك، وهو ما لا ينطبق على تلك المخالفة، ولا يشكل مبررا لرفض طلب التسجيل، تكون قد بنت قضاءها على أساس من القانون وعللت قرارها تعليلا كافيا[73].

وفي نفس الاتجاه قضت محكمة النقض بأنه “ما دام أن المتابعة التي من أجلها تقرر عزل القاضي لم تكن بسبب أفعال تمس لا بالشرف، ولا بالمروءة، ولا بحسن السلوك، بل كانت بسبب العجز عن إعطاء تبرير مقنع لمصدر ثروته، والتي لا تندرج ضمن ما هو منصوص عليه في الفقرة الخامسة من القانون المنظم لمهنة المحاماة، ويبقى من حق الطاعن التقييد في لائحة المحامين الرسميين”.[74]

ويوجد عدد هائل من الاحكام والقرارات الأخرى التي تسير في نفس اتجاه قبول المدان والمشتبه فيه بناء على التأويل الضيق للفقرة الخامسة من المادة الخامسة من القانون المنظم للمهنة وكأن العناصر التي لفظها المجلس الأعلى  للسلطة القضائية بالعزل تكون مؤهلة لممارسة مهنة المحاماة وهو ما يتناقض مع المادة الأولى من القانون المنظم لمهنة المحاماة التي تعتبر المحامين جزء من أسرة القضاء ومع المادة 5 ( فقرة 5 ) نفسها التي تنص أن لا يكون المترشح مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره.

ولا ندري حقيقة ما الفائدة من الإدلاء بشهادة عدم السوابق العدلية أمام قضاء يسجل المترشحين المدانين لأسباب متعدد ومختلفة.

ومن جهة أخرى، فإن مجلس الهيئة يتولى الى جانب الاختصاصات المسندة اليه (…) ” وضع النظام الداخلي للهيئة وتعديله، وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة وتقاليدها وأعرافها، مع تبليغه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، والوكيل العام للملك لديها، وإيداع نسخة منه بكتابة الهيئة، وكتابة ضبط محكمة الاستئناف”

وقد كان النظام الداخلي يبلغ لكل محام مقيد في الجدول ولكل محام مسجل بلائحة التمرين قبل قانون 2008[75]. وباعتبار أن النظام الداخلي يصدر بمقرر لمجلس الهيئة فإنه قابل للطعن في مضمونه من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ومن قبل المحامين المنتمين للهيئة طبقا للمادة 94 من القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي ينص على أنه “يحق لجميع الأطراف المعنية، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخاب النقيب ومجلس الهيئة، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ، أو إجراء الانتخابات، أو من اليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاذ المقرر الضمني”.

إلا أن التوجه الذي تسير عليه بعض محاكم الاستئناف، وكذا الغرفة الإدارية لمحكمة النقض، بخصوص الطعون في الأنظمة الداخلية وفي أنظمة التكافل وغيرها، والتي تحصر صفة الطعن فيها في النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف دون غيرها لا يستقيم والصواب، لأن أصحاب الصفة والمصلحة الآنية في الطعن في القرارات التي يتخذها النقيب وفي المقررات التي يتخذها مجلس الهيئة، وحتى قبل النيابة العامة، هم المحامون بالدرجة الأولى، إلا إذا صرح المشرع بعدم قابلية تلكم القرارات أو المقررات للطعن صراحة، وهو الأمر الغير وارد في القانون المنظم للمهنة ما دامت المادة 94 تبيح ذلك صراحة.

إلا أن العمل القضائي ليس موحدا بين مختلف المحاكم في مادة الطعون المرتبطة بالأنظمة الداخلية ومنها أنظمة التكافل حيث تقدم أحد المحامين بهيئة المحامين بالدار البيضاء على سبيل المثال لا الحصر بطعن في مقرر مجلس الهيئة عدد 10/21 المتخذ بتاريخ 23 شتنبر 2021، بخصوص صندوق التكافل حيث قضت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بقبول الطعن شكلا بناء على المادة 94 من قانون المحاماة وبرفضه موضوعا، بعلة “أن الاقتطاعات والأداءات التي حددها المقرر المطعون فيه تفعيلا لما نصت عليه المادة 91 من قانون المهنة تدابير لا تتنافى مع القانون، ولا تخالف أحكامه وتبقى منازعة الطاعن بهذا الخصوص ومطالبته بإلغاء المقرر المذكور غير مرتكزة على أساس قانوني”.[76]

ولن أقف عند العديد من الأنظمة الداخلية للهيئات التي لم تتم ملائمتها مع القانون المنظم لمهنة المحاماة ومع الدستور والمواثيق الدولية، [77] والتي لم يتم الطعن فيها لا من قبل النيابة العامة ولا من قبل المحامين أو التي قوبل  فيها طعن المحامين من قبل قضاء محاكم الاستئناف وحتى من قبل محكمة النقض بعدم القبول،  إلا أنني سأقف قليلا عند التعديل الذي قام به مجلس هيئة المحامين بالرباط للنظام الداخلي للهيئة بتاريخ 10 يونيو 2020 بناء على المادة 91 من القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 2008 حيث أصبحت تنص المادة 15 الجديدة من هذا النظام على أنه “يمنع على المحامي الحضور أمام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة في قضايا ذات طبيعة مهنية إلا بعد إخبار النقيب بكافة الوسائل..”. “ويمنع على المحامي الادلاء بأي تصريح لأي جهة حول القضايا المكلف بها أو نشر محضر أو وثيقة أو صورة لها علاقة بتلك القضية وبأي وسيلة كانت.” و”يختص النقيب وحده بتقديم المعلومات وإصدار البيانات المتعلقة بالهيئة والمهنة”.

وعلى إثر ذلك عرف مقرر التعديل المذكور العديد من الطعون التي تقدم بها محامون تابعون للهيئة، تلكم الطعون التي ابرزت بأن المقتضيات المضافة الى النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط تتنافى مع مقتضيات الفصل 25 من الدستور المغربي التي تنص على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها كما أن حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة.”

كما أوضحت عرائض الطعن بأنه لا يمكن تقييد حرية التعبير بالنسبة لأي كان أو المعاقبة عليها، إلا بمقتضى نص قانوني صريح، وفي الحالات التي ينص عليها المشرع، كالسب والقذف والإهانة وإفشاء السر المهني وسرية التحقيق وخرق ضوابط المؤسسات السجنية مثلا بالنسبة للمحامي.

وأضافت بإن حرية التعبير ليست مقترنة دستوريا لدى المواطن العادي بإشعار أي كان، فما بالك بالمحامي، الذي أصبحت حريته في الكلمة، وفي التعبير تقيد بالمنع من الحضور أمام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، في قضايا ذات طابع مهني إلا بعد إشعار النقيب حيث أصبح المحامي بهذه المادة تحت وصاية وحجر النقيب، لا يمكنه الكلام ولا الكتابة في القضايا ذات الطابع المهني إلا بعد إشعار النقيب، وهو ما يتناقض والدستور والمواثق الدولية والقانون المنظم للمهنة.

بل إن الفقرة السادسة من المادة 15 ذهبت الى أبعد من ذلك ومنعت على المحامي بصفة مطلقة أن يتحدث عن مهنة المحاماة، وحصرت الحديث عنها للنقيب دون غيره[78]، وهذا لا يضرب فقط في مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 25 من الدستور التي تتحدث عن “حرية الفكر والرأي والتعبير”، وفي مقتضيات الفقرة الثانية من نفس الفصل، التي تنص أن “حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة”، ولكنه يضرب أيضا في مقتضيات الفصل 26 من الدستور التي تنص على أن: ” السلطات العمومية تدعم بالوسائل الملائمة، تنمية الإبداع الثقافي والفني، والبحث العلمي والتقني.” فكيف ستتم تنمية الابداع الثقافي والفني والبحث العلمي والتقني بالنسبة للمحامي الذي يعتبر رجل الكلمة إن هو منع من الكلام والمحامي الباحث إن هو منع من البحث والتنقيب والكتابة عن معطيات مهنته وقواعد ومشاكل مهنته؟.[79]

وأوضحت الطعون بأن النقيب ولإن كان هو الممثل القانوني للهيئة بمقتضى القانون المنظم لمهنة المحاماة بالمادة 87، وبأن له وحده الصفة للتحدث باسمها وإصدار البيانات والمناشير المتعلقة بها، إلا أن النقيب ليس هو “الممثل القانوني للمهنة” كما أصبحت تنص على ذلك المادة 15، لان المهنة كونية لا يملكها لا النقيب ولا مجلس الهيئة ولا أي محام بل تملكها الإنسانية جمعاء ويجوز لأي كان (أستاذ جامعي، قاض، محام، طالب، متمرن، عدل، موثق، مفوض قضائي، صحافي، مواطن عادي) أن يبحث ويتحدث وينشر عن مهنة المحاماة.

ولن أدخل في باقي التفاصيل التي تضمنتها عرائض الطعن، ولا في المرافعات الشفوية أمام الهيئة القضائية التي تطلبت الساعات، لتقضي غرفة المشورة يوم 3 دجنبر 2020 بعدم قبول الطعن لانعدام صفة الطاعنين[80]؛ مركزة قرارها على أن النظام الداخلي للهيئة المعد من قبل المجلس لا يقبل الطعن الا بناء على ملتمس من الوكيل العام للملك طبقا للمادة 92 من القانون المنظم للمهنة، [81] متجاهلة المادة 94 من القانون المنظم لمهنة المحاماة التي تنص على أنه “يحق لجميع الأطراف المعنية، والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة، وكذلك في انتخاب النقيب ومجلس الهيئة، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بمحكمة الاستئناف، داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ، أو إجراء الانتخابات، أو من اليوم الذي يعتبر تاريخا لاتخاذ المقرر الضمني”.

مقال قد يهمك :   إصلاح القضاء في إطار الدستور المغربي

وباعتبار أن النظام الداخلي يسن بمقرر لمجلس الهيئة، وأمام صراحة النص، فإن العمل القضائي التي تسير عليه المحاكم عمل منافي للصواب، ويكفي أن نطرح السؤال “هل يعتبر المحامي طرفا معني بالنظام الداخلي لهيئته والذي اتخذه المجلس بمقتضى مقرر أم لا؟” لنترك الجواب للمهنيين والقضاة والباحثين.

خاتمة:

بناء على ما سبق فإنه لابد من حسم المشرع صراحة في إشكالية الطبيعة القانونية لقرارات ومقررات أجهزة الهيئة[82]، ولابد من تدخله لسن قواعد واضحة وجزاءات صريحة لعدم بث أجهزة الهيئة في الآجال القانونية تبعا لم تم بسطه أعلاه، وكذا لتوضيح الغموض الذي زرعه القضاء بخصوص بعض الطعون وبصفة من له الحق في الطعن في الأنظمة الداخلية للهيئات، لأن المادة 92 التي تدفع بها بعض المحاكم ومنها محكمة النقض لا علاقة لها بالطعن أصلا لأنها تتحدث على مجرد ملتمس تتقدم به النيابة العامة[83]، بينما الطعن في المقررات يستوي فيه المحامي والوكيل العام في المادة 94 من نفس القانون، والتي تستبعدها المحاكم لأسباب لا علاقة لها بالقانون، ناهيك عن الإشكاليات التي تطرحها الطعون المتحدث عنها أعلاه، والتي يجب على المشرع الوقوف عندها مليا بمناسبة التعديل الذي سيطال القانون المنظم لمهنة المحاماة، لنصل الى نصوص قانونية واضحة لا تقبل التأويل، وتجيب على الإشكالية التي تطرحها كل الطعون وتؤسس لهذه الأخيرة بكل جرأة، وتمنح الحق للمحامي في ممارستها حتى قبل النيابة العامة، لأنه لا يعقل أن نشرع مستقبلا للمواطنين للطعن في دستورية القوانين ولا نسمح للمحامي بالطعن في مجرد قرارات ومقررات إدارية تصدر عن أجهزة هيئته والتي قد تصيب وقد تخطئ.


الهوامش:

[1]  المادة الأولى من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة المؤرخ في 20 أكتوبر 2008

[2] المادة 4 من نفس القانون.

[3] أي انها ملزمة

[4]  دون الحديث عن الانتخابات الجزئية كلما دعت الضرورة الى ذلك (المادة 89)

[5]  مع استثناء الانتخابات الجزئية التي تجرى داخل أجل شهرين من وقوع الحادث الموجب لها (المادة 85 من نفس القانون، الفقرة الأخيرة).

[6]المواد 84، 85، 86، 88،89، و90.

[7] التي لا تتعدى الانتخابات المهنية باعتبار أن “مناقشة القضايا التي تهم ممارسة المهنة وفق ما يعرضه مجلس الهيئة” مرتين في السنة على الأقل حسب المادة 85 من القانون المنظم للمهنة، تبقى مجرد مناقشة غير ملزمة لمجلس الهيئة ليبقى ما سمته المادة 85 المذكورة مجرد جمع عام لا أقل ولا أكثر.

[8] المادة 11 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[9]  المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[10]  طبقا للمادة 27 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[11]  المادة 29. من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[12]  المادة 34 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[13] المادة 35 من القانون المنظم لمهنة المحاماة وهنا تثار ملاحظة التناقض بين هذه القاعدة القانونية التي تخول الاختصاص للنقيب والمادة 34 من النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط التي جعلت مجلس الهيئة هو المختص في منح الإذن والتي تنص على أنه “يجب على المحامي الذي يريد انشاء موقع أو تعديله أن يحصل على موافقة المجلس بذلك”، راجع خالد خالص، “من منبر لآخر – دفاعا عن الدفاع”، مطبعة بالماريس، 2008، الصفحة 67

[14]  خالد خالص، المرجع السابق، الصفحة 103.

[15] المادة 51 المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[16] المادة 49 المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[17]  المادة 56 المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[18] المادة 67 المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[19]  المادة 71 المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[20] المادة 73 المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[21] خالد خالص، “التعديلات المدخلة على المقتضيات المنظمة لأجهزة هيئة المحامين من خلال القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة رقم 28-08..”، عرض قدم بمناسبة ندوة النقباء المنظمة من قبل جمعية هيئات المحامين بالمغرب بمدينة أكادير بتاريخ 11 أكتوبر 2008، منشور بكتاب “من منبر لآخر دفاعا عن الدفاع”، خالد خالص، 2008، مطبعة بالماريس، الصفحة 69.

[22]  المادة 22 من القانون بتنظيم الشركات المدنية للمحاماة

[23] المادة 11 من قانون المهنة

[24] المادة 91 من القانون المنظم لمهنة المحاماة لسنة 2008 أعفت المجلس من تبليغ النظام الداخلي الى كل محام ومحام متمرن خلافا للمادة 86 من الظهير الشريف رقم 162 .93 .1 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) المعتبر بمثابة قانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4222 ليوم 29/9/1993) التي كانت تنص على أن المجلس يتولى من بين مهامه “وضع النظام الداخلي للهيئة وتعديله وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة وتقاليدها وأعرافها، مع تبليغه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والوكيل العام للملك لديها والى كل محام ومحام متمرن، وإيداع نسخة منه بكتابة ضبط محكمة الاستئناف”؛

[25] بالقبول أو بالرفض بمقرر صريح أو ضمني (المادة 11)

[26]  المادة 13.

[27] المادة 19.

[28] انظر المادة 20

[29] المادة 89 من القانون المنظم لمهنة المحاماة

[30]  مليكة الصاروخ، عبد الله الركالة، “الهيئات المهنية بالمغرب”، مجلة الشؤون الإدارية، العدد 7، الصفحة 35.

[31] انظر محمد ماهر أبوالعيني، “دعوى الإلغاء والطلبات المستعجلة أمام محاكم مجلس الدولة في بداية القرن 21″، الكتاب الأول “شروط قبول دعوى الإلغاء، الطبعة السادسة، 2004، الصفحة 31.

[32] لم يكن وقتها وجود للفصل 57 من قانون المهنة لسنة 2008 الذي قرر خلق حساب لودائع وأداءات المحامين يديره مجلس هيئتها، والذي تودع به لزوما المبالغ المسلمة للمحامين المسجلين بجدول هذه الهيئة على سبيل الوديعة، وتتم بواسطته كل الأداءات المهنية التي يقوم بها المحامي لفائدة موكليه أو الغير كما تودع بهذا الحساب كل المبالغ الناتجة عن تنفيذ مقرر قضائي من لدن مصالح التنفيذ والمفوضين القضائيين وحيث يتعين على كل الإدارات العمومية وشبه العمومية والمؤسسات والشركات إيداع المبالغ العائدة لموكلي المحامين بحساب الودائع والأداءات التابع لهيئتهم حيث أصبح بالإمكان الكلام صراحة عن المال العام.

[33]  أحمد حنين، “خصائص ومميزات القرارات الصادرة عن غرفة المشورة في المادة التأديبية للمحامين”، العمل القضائي وقانون مهنة المحاماة، ندوة 10 نونبر 2002، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 3/2004، الصفحة 47.

[34]  تعرف الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية الصادر بتاريخ 14/7/2021 المرفق العام بانه “كل نشاط تقوم به المرافق العمومية طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل من اجل تلبية حاجيات المرتفق وتحقيق المصلحة العامة “

[35]  عبد الله درميش، الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة في إطار قانون مهنة المحاماة”، العمل القضائي وقانون مهنة المحاماة، ندوة 10 نونبر 2002، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 3/2004، الصفحة 17.

[36]  النقيب ليس بمؤسسة بل هو جهاز من أجهزة الهيئة كما أن مجلس الهيئة ليس بمؤسسة مستقلة عن الهيئة وانما جهاز من أجهزة الهيئة.

[37]  نفس المرجع، الصفحة 17 و18.

[38]  عبد الجواد الرايسي، “مدى قابلية القرارات الضمنية لمجالس هيئات المحامين للطعن”، العمل القضائي وقانون مهنة المحاماة، ندوة 10 نونبر 2002، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 3/2004، الصفحة 61.

[39] عبد الله درميش، المرجع السابق

[40]  أنظر أسفله دور النيابة العامة.

[41] المنتصر الداودي، “دور النيابة العامة في النزاعات المتصلة بمهنة المحاماة”، ندوة 10 نونبر 2002، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 3/2004، الصفحة 116.

[42] محكمة النقض – الغرفة الإدارية، قرار عدد 901 بتاريخ 15/07/1999، ملف إداري عدد 545/05/99، جريدة العدالة مارس ابريل 2002.

[43]  محكمة النقض – الغرفة الإدارية، قرار عدد 1496 بتاريخ 2/11/2000 في الملف رقم 273/14/2000، مجلة المحاكم المغربية، عدد 86 ص. 156.

[44] محكمة الاستئناف بفاس، غرفة المشورة، قرار عدد 665/2004 وتاريخ 31/3/2004، ملف رقم 1569/03/3 مجلس القصر، 10 يناير 2005، ص.244.

[45] Conseil d’Etat, 31/07/1942 Monpeurt : Les grands arrêts de la jurisprudence administrative ; Sirey 1993, p. 333

[46]  عزيز الشريف، النظام التأديبي وعلاقته بالأنظمة الجزائية الأخرى، دار النهضة العربية 1988، ص 44-45

[47] خالد خالص، “المحاماة في المغرب بين الأخلاقيات والتخليق”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة محمد الخامس، 2022، ص. 281

[48] إذا كانت المادة 12 من القانون المنظم لمهنة المحاماة تنص على انه لا ” يقيد المترشح المقبول في لائحة التمرين، ولا يشرع في ممارسته، إلا بعد أن يؤدي القسم (…) أمام محكمة الاستئناف في جلسة خاصة يرأسها الرئيس الأول ويحضرها الوكيل العام، وكذا نقيب الهيئة الذي يتولى تقديم المترشحين المقبولين” فإن نقيب الهيئة هم من يتقدم بملتمس للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف من أجل تحديد جلسة أداء اليمين ليقوم هذا الأخير بمراسلة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف من أجل تحديد جلسة أداء القسم وبعد أداء القسم وتوصل النيابة العامة بمحضر أداء القسم فإنها تعمل على تبليغ نسخة منه الى مجلس الهيئة.

[49]  المادة 5 من قانون المهنة تنص على أنه “يشترط في المترشح لمهنة المحاماة:

1 – أن يكون مغربيا أو من مواطني دولة تربطها بالمملكة المغربية اتفاقية تسمح لمواطني كل من الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى، مع مراعاة مبدأ التعامل بالمثل مع هذه الدول ؛

2 – أن يكون بالغا من العمر واحدا وعشرين سنة ومتمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية ؛

3 – أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في العلوم القانونية من إحدى كليات الحقوق المغربية أو شهادة من كلية للحقوق معترف بمعادلتها لها ؛

4 – أن يكون حاصلا على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة ؛

5 – أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره ؛

6 – أن لا يكون مصرحا بسقوط أهليته التجارية ولو رد اعتباره ؛

7 – أن لا يكون في حالة إخلال بالتزام صحيح يربطه بإدارة أو مؤسسة عمومية لمدة معينة ؛

8 – أن يكون متمتعا بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها ؛

9 – أن لا يتجاوز من العمر خمسة وأربعين سنة لغير المعفيين من التمرين، عند تقديم الطلب إلى الهيئة.

[50]  المادة 11 ” (…) يجري مجلس الهيئة بحثا حول أخلاق المترشح بجميع الوسائل التي يراها مناسبة.”

[51]  “يبلغ مقرر القبول أو الرفض إلى المترشح، وإلى الوكيل العام للملك، داخل أجل خمسة عشر يوما من صدوره”.

[52] محكمة الاستئناف بالرباط، غرفة المشورة، قرار رعدد 126، ملف رقم 91/1124/2020 بتاريخ 10/12/2020، مجلة رسالة المحاماة، العدد 45، مارس 2021، ص. 118؛ وفي نفس التوجه محكمة الاستئناف بالرباط، غرفة المشورة، قرار رعدد 97، ملف رقم 52/1124/2020 بتاريخ 5/11/2020، مجلة رسالة المحاماة، العدد 45، مارس 2021، ص. 126.

[53] المادة 61: ” يعاقب تأديبيا، المحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني.”

[54] انظر المبحث الأول.

[55]  محكمة الاستئناف بمراكش، غرفة المشورة، قرار عدد 146 بتاريخ 17/03/1999، ملف رقم 6/65/00، جريدة العلم عدد 18273 بتاريخ 28/05/2000.

[56] أعطى المشرع للنقيب اختصاصات أخرى نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المادة 35 من القانون المنظم لمهنة المحاماة التي تربط إحداث المحامي لموقع في وسائل الاتصال الإلكتروني بإذن النقيب ولم ينص المشرع لا على آجال لمنح الاذن أو إصدار قرار بالرفض ولا عن جزاء عدم البت ولا عن إمكانية الطعن الخ…..وهكذا تنص هذه المادة على أنه ” يحق للمحامي أن يتوفر على موقع في وسائل الاتصال الإلكترونية يشير فيه، باقتضاب، إلى نبذة عن حياته ، ومساره الدراسي والمهني، وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه، شريطة الحصول على إذن مسبق من النقيب بمضمون ذلك”.

[57] قرار عدد 76، مجلة الاشعاع، العدد 46 و47، يونيو – دجنبر 2017 ص.334

[58]  التعليق مؤرخ في 14/9/2019

[59]  “يحق لكل من المحامي، وموكله، الطعن شخصيا أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في قرار النقيب المتعلق بتحديد وأداء الأتعاب، وفي قرار الإذن للمحامي بالاحتفاظ بملف القضية، وذلك بمقتضى مقال يودع بكتابة الضبط بهذه المحكمة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ.

يبت الرئيس الأول بمقتضى أمر، بعد استدعاء المحامي والطرف المعني، للحضور أمامه، قصد الاستماع إليهما، وإجراء كل بحث مفيد، عند الاقتضاء”

[60] الطيب بلمقدم، “من المختص في فض النزاع بين المحامين حول التوكيل – تعليق على قرار غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة عدد 76 “ الرابط

[61]  المقولة الصحيحة هي “لا كلام بعد كلام النقيب ” والتي أصبحت متجاوزة بمقتضى المواثيق الدولية والدستور والقوانين المغربية كالمادة 85 من القانون المنظم للمهنة والتي تسمح للمحامين بمناقشة التقرير الأدبي الذي يعرضه النقيب مرتين في السنة على الأقل حلال الجموع العامة للمحامين على سبيل المثال لا الحصر ناهيك على أن “كل بني آدم خطاء..”.

[62] المادة 97 من القانون المنظم لمهنة المحاماة: ” تخضع للطعن بالتعرض والنقض القرارات الصادرة عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وغرفة المشورة بها، وفق الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة في قانون المسطرة المدنية (…).”

[63] محمد المنتصر الداودي، “الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة عن غرفة المشورة في الطعون المرفوعة ضد قرارات النقباء ومجالس هيئات المحامين”، العمل القضائي وقانون مهنة المحاماة، ندوة 10 يونيو 2002، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 3، 2004ن الصفحة 35.

[64]عبد الله درميش،”الطبيعة القانونية للقرارات الصادرة في إطار قانون مهنة المحاماة”، العمل القضائي وقانون مهنة المحاماة، ندوة 10 يونيو 2002، سلسلة دفاتر المجلس الأعلى، العدد 3، 2004، الصفحة 17.

[65] محكمة النقض، قرار عدد 2017/1088، ملف رقم 2015/1/4/776 وتاريخ 2017-07-25، منشور بموقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

[66] محكمة النقض، قرار عدد 4873، ملف رقم 1757/1/6/2011، وتاريخ 07/11/2012، مجلة رسالة المحاماة، العدد 44، دجنبر 2020، ص.204. وقد سبق لمحكمة الاستئناف بالرباط أن قضت بإلغاء مقرر مجلس الهيئة القاضي بتسجيل من لا يتوفر على الشروط القانونية لولوج المهنة. أنظر القرا عدد 44 المؤرخ في 24/3/2011، مجلة رسالة المحاماة عدد 34، ماي 2013، ص. 218.

[67] محكمة الاستئناف بالرباط، قرار عدد 11، ملف رقم 181/1124/2019، مجلة رسالة المحاماة العدد 40، دجنبر 2020، الصفحة 248.

[68] محكمة النقض، القرار عدد 110، ملف رقم 1323/4/1/2013

[69]محكمة النقض، القرار عدد 954، ملف رقم 604/4/1/2003، وتاريخ 25/12/2003، مجلة رسالة المحاماة العدد 40، دجنبر 2020، الصفحة 274.

[70] محكمة النقض، القرار عدد 361، ملف رقم 1019/4/1/2002 وتاريخ 04/05/2005، مجلة رسالة المحاماة العدد 40، دجنبر 2020، الصفحة 275.

[71] محكمة الاستئناف بالرباط، غرفة المشورة، قرار رعدد 126، ملف رقم 91/1124/2020 بتاريخ 10/12/2020، مجلة رسالة المحاماة، العدد 45، مارس 2021، ص. 118؛ وفي نفس التوجه محكمة الاستئناف بالرباط، غرفة المشورة، قرار رعدد 97، ملف رقم 52/1124/2020 بتاريخ 5/11/2020، مجلة رسالة المحاماة، العدد 45، مارس 2021، ص. 126.

[72]محكمة النقض، قرار عدد 2014/923، ملف رقم 2013/6/1/1873، وتاريخ 2014-12-02منشور بموقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

[73]محكمة النقض، قرار عدد 2014/1296، ملف رقم 2014/1/4/1054، بتاريخ 2014-10-09، منشور بموقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

[74] محكمة النقض، قرار عدد 1046/2، ملف رقم 638/4/2/2018 وتاريخ 20/12/2018، مجلة رسالة المحاماة العدد 40، دجنبر 2020، ص 192.

[75]المادة 85 من ظهير 1993 كان ينص على أن مجلس الهيئة يتولى” وضع النظام الداخلي للهيئة وتعديله وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة وتقاليدها وأعرافها، مع تبليغه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف والوكيل العام للملك لديها والى كل محام ومحام متمرن، وإيداع نسخة منه بكتابة ضبط محكمة الاستئناف؛ “

[76]محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قرار رقم 14/2022، وتاريخ 17 مارس 2022ن غير منشور.

[77]  على سبيل المثال لا الحصر النظام الداخلي لهيئة المحامين بطنجة: “تعد مخالفة مهنية مغادرة عضو مجلس الهيئة اجتماعا للمجلس دون إذن النقيب”

[78]   فقد أكون حسب حرفية قواعد النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط من خلال هذه الدراسة وما تتضمنه من معطيات واحصائيات في مخالفة مهنية صريحة ولو أن الأرقام مستخرجة من سجلات رئاسة النيابة العامة ومن سجلات وزارة العدل لأن الوحيد الذي له الصلاحية في الحديث عن المهنة واصدار البيانات “باسم المهنة” هو النقيب.

[79] مع التأكيد على ضرورة تفعيل مجالس الهيئات لآلية التأديب إذا تجاوز الامر ذلك لأن حرية التعبير لا تعني مطلقا حرية الفوضى. فإذا كان الفصل 25 من الدستور ينص على أن “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكاله”، فإن الفصل 21 منه ينص على أن “لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه” كما أن الفصل 22 ينص على أنه “لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة. ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية” و”لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة” (الفصل 23). ولا بد من التأكيد على أن هنالك فرق شاسع بين مناقشة الأفكار والمعتقدات التي يضمنها الدستور وكذا المواثيق الدولية والقوانين الوطنية والهجوم على الأشخاص بقصد إيذائهم حيث يتدخل هنا المشرع الجنائي لتحديد هذه الأفعال التي يعدها جرائم بسبب ما قد تحدثه من اضطراب اجتماعي يوجب زجر مرتكبيها بعقوبات وبتدابير وقائية.

ونذكر على سبيل المثال لا الحصر – ودون الدخول في التفاصيل – المساس بالحياة الشخصية للإنسان، والتشهير بأمور تمس بشرفه أو باعتباره الشخصي وبحقه في الصورة، وانتهاج خطاب ممنوع من قبل القانون، كالتحريض على الكراهية، أو على العنصرية القبلية أو الدينية، أو الإشادة بالإرهاب أو بجرائم الحرب، أو السب والقذف وعدم الالتزام بالسر المهني وسرية التحقيق وعدم الالتزام بواجب التحفظ والتكتم.

[80] قرار غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بالرباط عدد 124 ملف رقم 58/1124/ ،2020 وتاريخ 3 دجنبر 2020، غير منشور.

[81]المادة 92: “كل المداولات أو المقررات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العامة، أو مجلس الهيئة خارج نطاق اختصاصهما، أو خلافا للمقتضيات القانونية، أو كان من شأنها، أن تخل بالنظام العام، تعتبر باطلة بحكم القانون.

تعاين محكمة الاستئناف هذا البطلان، بناء على ملتمس من الوكيل العام للملك، بعد الاستماع إلى النقيب، أو من يمثله من مجلس الهيئة”.

[82] حيث لا يختلف اثنان في كون هيئة المحامين تعد من المرافق العامة.

[83] وهو أمر يجب إعادة النظر فيه ويجب حصر تدخل النيابة العامة من خلال الطعون التي تعرف شكليات وآجال غير واردة في المادة 92 التي تتحدث عن مجرد ملتمس.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)