عبد الوهاب المريني: حفريات في مشروع القانون رقم 95-17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية
عبد الوهاب المريني/ أستاذ / سابقا / بكلية الحقوق – أكدال / جامعة محمد الخامس – الرباط
حفريات في مشروع القانون رقم 17 / 95 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية
الجزء المتعلق بالقواعد العامة والتحكيم الداخلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدم وزير العدل بتاريخ 22 – 4 – 2020 ؛ في عز أزمة كرونا ؛ أمام لجنة العدل بمجلس النواب ؛مشروع القانون رقم 95 / 17 ؛ المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية. هو المشروع الثاني منذ 2008 ؛فقبله كان مشروع آخر قدمه الوزير السابق السيد أوجار ؛ وعرض علي لجنة العدل ؛ لكنه اختفي ؛ ثم المشروع الحالي الذي صادق عليه مجلس الحكومة بتاريخ 5 -3 – 2020 ؛ ” مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة بشأنه بعد دراستها “ حسب بلاغ رئاسة الحكومة المنشور بموقع الأمانة العامة للحكومة . وهو المشروع المنشور في موقع مجلس النواب والذي سيكون محل هذه الحفريات باعتباره النص الرسمي .
– رغم أن مجال التحكيم شاسع ويدخل في إطار تخصص علمي شبه مستقل ؛ إلا أن ارتباطه الوثيق بالمسطرة المدنية ؛ جعلني أغامر بقراءته ومحاولة النبش في مكنوناته ووضع بعض الملاحظات التي استطعت استنتاجها .
بداية ؛ يبدو مصطلح الحفريات في العنوان غريبا علي المجال القانوني ؛ فإطاره هو علم الآثار والحفريات . لكن بينهما علاقة قرابة ؛ ففي كلتيهما تتمحور العملية حول البحث والتنقيب علي السطح وفي العمق، وهو ما سأحاول القيام به مع كل المخاطر المترتبة علي ذلك .
أولا : حفريات علي السطح .
لقد سمحت لي عملية الاستكشاف علي السطح ؛ باستخراج بعض الملاحظات :
الملاحظة الأولي : تتعلق بإخراج نظامي التحكيم والوساطة من رحم قانون المسطرة المدنية ؛ وإفرادهما بنص تشريعي مستقل .
– لقد تراوحت مواقف وزارة العدل بخصوص موقع إدراج النص المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية؛ ما بين الاحتفاظ بهما جزءا مندمجا في قانون المسطرة المدنية ؛ بالنظر للارتباط الموضوعي بينهما من زاوية انتمائهما العضوي للقانون الإجرائي؛ وما بين إخراجهما منه ؛ وتخصيص قانون مستقل بهما ؛ وهو حال المشروع الحالي .
الواقع أنه لا توجد مبررات قوية للتفضيل بين التوجهين؛ وإن كانت فكرة الاندماج في قانون المسطرة المدنية ؛ ربما أقرب إلي المنطق الإجرائي ؛ حيث إن كل مقتضيات وقواعد هذا القانون ؛ هي قواعد محاكمة ولو خاصة ؛ فضلا عن وجود حبل سري يربط النظامين ؛ عبر جسور اتصال ذات أثر علي مسطرة التحكيم .
الملاحظة الثانية : تتعلق بسقوط الوزارة مرة أخري في خطيئة مزدوجة ؛ تجاهل حالة تغييب مشروع قانون التنظيم القضائي المجمد ومشروع قانون المسطرة المدنية المجهول المصير دون سبب واضح ؛ وفي نفس الوقت استلهام بعض المفاهيم والتسميات الجديدة التي جاء بها المشروع الأول . يتعلق الأمر بالتسميات الجديدة التي أطلقها علي المحاكم . فمعروف أن هذا المشروع تبني تصنيفات جديدة تشريعيا – وإن كانت تستعمل أحيانا فقهيا – وهي محاكم أول درجة ؛ ومحاكم ثاني درجة ؛ وإضافة وصف الابتدائية للمحاكم التجارية والإدارية .
– المفروض ؛ أن هذه التسميات وهذا التصنيف ؛ ليست لهما بعد الصفة الرسمية . قد يقال أنها لم تكن محل إلغاء من طرف المحكمة الدستورية التي لم تر فيها ما يخالف الدستور ؛ وبالتالي فهي سليمة دستوريا . نعم ؛ لكن إلي ذلك الحين أي إلي حين وضع الصيغة الجديدة للمشروع ؛ فإن التسميات الحالية هي المشروعة ؛ وكان يتعين الاحتفاظ بها .
– لقد كان النص ذكيا ؛ عندما ابتعد عن التسميات الحالية والجديدة ؛ واستعمل تسمية محايدة وهي المحكمة المختصة . لكنه في نفس الوقت سقط في فخ الجذب نحو التسميات الجديدة مع الاحتفاظ في نفس الوقت بالحالية . فقد استعار تسمية محكمة ثاني درجة – للإشارة لمحكمة الاستئناف – [ المواد 63 إلي 71 ] ؛ وفي نفس الوقت ظل وفيا للتسمية الحالية واستعمل تسمية محكمة الاستئناف التجارية[ م 83 – 84 ] بدلا من محكمة ثاني درجة كما فعل في المواد المذكورة .
الملاحظة الثالثة : استعمال مصطلحات لا تتناسب مع نظام التحكيم .
استعمل نص المشروع ؛ في تزكية للنص الحالي ؛ مصطلحات ؛ المدعي والمدعي عليه والدعوي . والحال أن الأمر يتعلق بالمحتكم [ بكسر الحاء ] والمحتكم ضده [ بفتح التاء ] . كما يتعلق الأمر بخصومة تحكيمية وليس بدعوي .
الملاحظة الرابعة : عدم تعليل و تبرير بعض المستجدات .
يتسم المشروع في معظم مواده بالاستمرارية وتكريس أهم مفاهيم النص الحالي ؛ مع بعض التجديدات ؛ إما في شكل صيغ لغوية جديدة ، أو في قواعد أو مساطر جديدة .
– المفروض ؛ أنه عندما يتم تعديل نص قانوني ؛ فيجب علي صاحب التعديل – وهو هنا وزارة العدل – تقديم موجبات وأسباب التغيير ؛ أي أسباب النزول . أما الاكتفاء فقط بالتغيير ؛ دون بيان السبب والغاية ؛فهو أمر غير منطقي وغير مقبول علميا ؛ لأن أي نص لا يهم فقط واضعه أو المؤسسة التشريعية الموجه لها بصفة مباشرة ؛ ولكنه يهم كل المخاطبين به مستقبلا والمطبقين له . وعلي سبيل المثال فقط ؛ فقد أدخل المشروع تعديلا جوهريا علي مسطرة إكساء الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية؛ بمقتضاه أصبحت المسطرة حضورية ؛ وهو أمر ؛ فضلا عن كونه مصدر قلق من الممارسين المتخصصين ؛ فإنه غير مبرر و غير معلل .
– قد يقال ؛ إن الوزير يقدم أمام اللجنة المختصة في البرلمان ؛ عرضا عاما عن النص ومستجداته وسياق ذلك ،لكن هذا العرض لا يتجاوز عادة بيان الأسباب العامة ذات الصلة بالسياسة العامة للدولة في المجال . و قد يقال أيضا ؛ إن الوزير ؛ يرد ويعلل المستجدات في معرض الرد علي ملاحظات النواب أثناء المناقشة . كل هذا صحيح ولكنه يأتي في معرض رد الفعل وليس الفعل. وفي غالب إن لم يكن كل الأحيان ؛ لا يؤخذ بالملاحظات ؛ أو تعرض لسيف التصويت الذي حده السياسة والاصطفاف وراء الحكومة ؛ وينتهي بها الأمر إلي الهامش .
الملاحظة الخامسة : عدم النص صراحة علي التحكيم الالكتروني ؛ رغم الإشارة المحتشمة في المادة 3 إلي إمكانية إبرام اتفاق التحكيم إلكترونيا ؛ ومع العلم أن الدولة تتجه نحو رقمنة قطاع العدالة تنظيميا وقضائيا ؛ حيث أصبحت تطل علينا بسبب كرونا معالم التوجه نحو المحاكمة الرقمية . فإذا كان الأمر هكذا بالنسبة لمحاكم الدولة ؛ فأحري أن يكون أيضا لمحاكم التحكيم .
الملاحظة السادسة : هي في الحقيقة اقتراح ؛ استوحيته من بعض الكتابات الفقهية باللغتين العربية والفرنسية المتخصصة في الموضوع ؛ وبدت لي فكرته إيجابية وعملية .
1 ) نقطة الانطلاق والارتكاز في هذه الفكرة ؛ هي أن منظومة التحكيم مبنية في فلسفتها وآليات تطبيقها علي توافق أو عدم توافق إرادات الأطراف ؛ ولنسمهم المحتكمين . ففي معظم مواد النص نجد فكرة موافقة أو عدم موافقة الأطراف علي قاعدة ما أو طريقة عمل تخص مرحلة من مراحل الخصومة . وهوما يعني استشارة الأطراف في كل مرة وكل لحظة بخصوص مسألة معينة .
ومن جهة أخري ؛ فإن العلاقة بين الهيأة التحكيمية والمحتكمين ؛ تطرح أسئلة مختلفة عن الأتعاب ؛ مبلغها ؛ كيفية أدائها ؛مما يقتضي اتفاقا مسبقا منعا لأي نزاع أو خلاف فيما بعد أو تحكم من الهيأة بفرض مبلغ علي الأطراف
من جهة ثالثة ؛ هناك حاجة جهاز إداري ؛ خاصة في التحكيم الجماعي وأهمية النزاع؛ لتسيير إجراءات الخصومة التحكيمية ؛ تبليغ الاستدعاءات والمذكرات وأوامر الهيأة ؛ للمحتكمين .
2 ) لتنزيل هذه الفكرة وتنظيم هذه الأمور ؛ أقترح ما يطلق عليه بعض الفقه الفرنسي المشهود له ” عقد المحكم “؛
Contrat de l’arbitre ؛ يمكن أن نسميه “محضر الاتفاق حول تحديد الإجراءات “ ؛وهو غير عقد التحكيم وغير ما تقرره الهيأة بخصوص إجراءات المسطرة في إطار صلاحياتها الحصرية .
يتم إنجاز هذا العقد أو المحضر ؛ وتحديد محتوياته ؛ بعد تكوين الهيأة بصفة نهائية ؛ وقبل بدء الإجراءات القانونية ؛ خلال جلسة تمهيدية يدعو لانعقادها المحكم المنفرد أو المحكم الرئيس ؛ وفيها يتم الاتفاق أو عدم الاتفاق علي كل الإجراءات التي يخضعها القانون لهذه الإرادة ؛ أي يتم جرد كل الحالات التي فيها إشارة إلي عدم اتفاق أو اتفاق الأطراف ؛ ويقرر ما يراه الأطراف بشأنها .من قبيل :
– نظام تبليغ الاستدعاءات والمذكرات بين الأطراف والهيأة وبينهم بعضهم البعض ؛ وما تقرره الهيأة من إجراءات في مواجهة الأطراف أو الغير .
– تعيين كتابة إدارية عند الاقتضاء – الاتفاق علي قيمة الأتعاب وكيفية أدائها….
– ينم التوقيع من طرف الجميع علي هذا العقد أو المحضر ؛ ويصبح هو ضابط العمل.
ثانيا : حفريات في العمق
– لقد مكنتني عمليات الحفر والتنقيب في عمق النص ؛ من رصد عدد من الملاحظات الفنية والتقنية ؛ أعرضها علي الملإ ؛ بنية المساهمة في مناقشة علنية عمومية موضوعية – بقدر الإمكان – ، باعتبارها وجهة نظر؛ إن كان فيها ما يصلح ؛ فلي أجران ؛ وإن كانت غير ذلك ؛ فلي أجر المجتهد ؛ منبها إلي أنها ليست دراسة أكاديمية .
– كما أود لفت النظر إلي اعتمادي في هذه الملاحظات ؛ النص المنشور في موقع مجلس النواب باعتباره النص المودع لدي هذه المؤسسة . موجب هذه الإشارة ما قرأته في بعض المقالات المنشورة الكترونيا عن مقتضيات لم أجدها فيه .
سأتبع في هذه الحفريات منهجية براغماتية عملية ؛ متتبعا مواد المشروع، الواحدة تلو الأخرى .
المادة 2 : حددت هذه المادة نطاق التحكيم بناء علي معيار الطبيعة القانونية للعلاقة الأصلية ؛ فوصفتها ب : “علاقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية ” .
أ ) إن وصف العلاقة بأنها ” معينة” هو تمييز ليست له دلالة علمية محددة؛ وهي كلمة يصدق عليها قول محكمة النقض ” إنها علة زائدة ويستقيم الحكم دونها ” . لذلك يكون من الأفضل لسلاسة وسلامة النص ؛ حذفها .
ب ) أضافت نفس الفقرة صفة أخري هي ” تعاقدية أو غير تعاقدية ” .
– إذا كان وصف ” تعاقدية ” مفهوما ومنطقيا بالنظر لفلسفة نظام التحكيم ذاته والذي هو نظام تعاقدي من النشأة إلي النهاية ؛ ومرتبط بتصرفات قانونية تعاقدية ؛ فإن وصف ” غير تعاقدية ” يبدو عصيا علي الفهم أو علي الأقل غامضا أو غير دقيق حسبما ظهر لي . هذا الوصف ؛ قد يعني العلاقات النظامية أو ما يسمي المراكز القانونية الموضوعية ؛ والتي لا أثر ولا دور للإرادة في وجودها أو زوالها ؛ ولا يمكن أن تكون النزاعات المرتبطة بها محل اتفاق تحكيم ؛ فإن كان هذا المفهوم هو المقصود × فإن العبارة غير دالة بكفاية عليه ؛ مما يستدعي التوضيح .
– لكن إذا كان المقصود ؛هو مصدر الالتزام أو الحق ؛ كما في الحق في التعويض عن فعل غير مشروع ؛ يمكن التحكيم بشأنه ؛ فإن الوصف يحتاج لتصحيح .
ج ) أغفلت الفقرة تدقيق طبيعة المعاملة من زاوية كونها معاملة مهنية أو غير مهنية أو مختلطة .
د ) الأصل في التحكيم أنه يتعلق بالمجال التجاري ؛ ولذلك نجد أن معظم الاتفاقيات الدولية تتحدث عن التحكيم التجاري . لكن مجال التحكيم اتسع ولم يعد يقتصر فقط علي المعاملات التجارية أوبين التجار فقط ؛ بل دخل المجال المدني العام ؛ ومجال قانون الشغل ؛ ومجال العقود الإدارية ، وهذا واضح من النص الحالي ومن المشروع ؛ وبصفة خاصة في الاستعمال المحايد لكلمة المحكمة المختصة ؛ بما يجعلها تشمل كل المحاكم وبالتالي كل أنواع المنازعات . لكن لا شئ يضر لو تم توضيح والنص بوضوح إلي أن مجال التحكيم هو العلاقات القانونية المدنية والتجارية الوطنية والدولية ؛ وكذا الإدارية فيما هو مأذون فيه .
المادة 3 : تنص المادة علي إمكانية إبرام اتفاق التحكيم “بمحضر يحرر أمام الهيأة التحكيمية المختارة .”
أ ) إن وصف” المختارة ” غير متوافق مع المصطلح المعتمد في بقية المواد ؛ وهو “تعيين “؛ ولو أن هذا المصطلح نفسه غير ملائم . نعم ؛ إن التعيين يكون بناء علي اختيار؛ لكن من المناسب توحيد المصطلحات ؛ ولو أن الأفضل منهما هو تكليف .
ب ) إن هذا الشكل في إبرام اتفاق التحكيم ؛ غير مسبوق ؛ ولم أجد مثيلا له في التشريعات المقارنة التي اطلعت عليها . فرضية تطبيق هذه الطريقة ؛ أن يتفق الطرفان شفويا علي مبدأ التحكيم ؛ وأن يتفقا أيضا علي شخص المحكم ؛ ثم يحضران أمامه ويبلغاه بإرادتهما المشتركة الشفوية؛ وفي هذه الحالة سيقوم المحكم بإنجاز محضر يضمنه تصريحاتهما بالاتفاق علي التحكيم ؛ وينجز محضرا بذلك .
إذا كان هذا التصور؛ علي غرابته؛ هو المقصود في النص ؛ فيجب توضيحه .
المادة 4 ؛ مرتبطة بالمادة 68 / فقرة 3
أجازت هذه المادة الأطراف إبرام اتفاق تحكيم ؛ ولو أثناء دعوي جارية بينهما .
– هو توجه يبدو مقبولا ؛ وقد سبق للنص الحالي تكريسه ( م 314 ) ؛ لكن :
أ ) – من جهة ؛ لا يبدو نص الفقرة مستوعبا لكل صور تطبيق الفكرة ؛ أي أنه لا يبين نطاق هذا الاتفاق الطارئ حسب درجات التقاضي . ويمكن القول إنه تدارك ذلك وإن بصورة غير سليمة ؛ في الفقرة الثالثة من المادة 68 ؛ بصدد الكلام عن مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي .التي تطرح نفس الصورة في م 4 التي نحن بصددها الآن ؛ وإن كان موقعها هناك يرتبط- بشكل غير طبيعي – بمسطرة الصيغة التنفيذية .وهو ما يقتضي نقل تلك الفقرة من موقعها في م 68 إلي م 4 ؛ وجمعهما في فقرة واحدة مع إعادة الصياغة ؛ كالآتي :
” يمكن إبرام عقد التحكيم [بدلا من المذكور ] ولو خلال دعوي جارية أمام المحكمة ؛ سواء في المرحلة الابتدائية؛ أو مرحلة الاستئناف ؛ أو بعد الإحالة من الاستئناف أو النقض .”
ب ) من جهة أخري ؛ يوجد إشكال ؛ مرده الفقرتان الثالثة والرابعة؛ حول عدم مشروعية الأولي وتناقض الثانية معها .
أ ) – فأما عن عدم مشروعية الأولي ؛ فلأنها تسمح للمحكمة ؛ عندما يثير أمامها الطرفان أو أحدهما وجود اتفاق تحكيم ؛ أن تحيلهم علي التحكيم .
– الإحالة في المجال القضائي العام ؛ تكون بين مؤسسات تنتمي لنفس النظام القانوني ؛ أي بين محكمتين قضائيتين سواء من نفس الدرجة ؛ أو من درجة أعلي لدرجة أدني ، في حين أن هيأة التحكيم – ولو أنها تمارس عملا قضائيا بمعناه العام وليس التنظيمي – فإنها ليست هيأة موازية لمحكمة قضاء الدولة ؛ و لا تنتمي لمنظومتها الدستورية والقانونية ؛ فكيف ستحيل محكمة قضاء الدولة نزاعا وأطرافا علي قضاء التحكيم ؟
ب ) – وأما عن التناقض مع الثانية ؛ فإن نفس الفقرة تنص علي أن الحكم بالإحالة يعتبر بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب . وهو قول فيه تناقض مع ما سيق .فالجملة السابقة تنص علي أن المحكمة تحيل الأطراف علي التحكيم ؛ وهو ما لا يمكن تصوره إذا لم يكن الطرفان قــدَّما ما يثبت وجود اتفاق التحكيم .
– كما أنه قول يتناقض مع ما سيأتي بعده في نفس الفقرة؛ من النص علي أن المحكمة تصرح بالإشهاد علي اتفاق التحكيم؛
– فإما أن المحكمة تحيل الأطراف علي التحكيم لوجود اتفاق تحكيم ؛ وإما أن حكمها يكون بمثابة اتفاق تحكيم .
– إن إعطاء المحكمة صلاحية التصريح بالإحالة علي التحكيم واعتباره بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب ؛ سيحول التحكيم من تحكيم اختياري إرادي إلي تحكيم بمقتضي حكم قضائي ؟
– وفي هذه الحالة ؛ ألا يوجد تشابه مع الصورة في المادة 18 ؛ هل يمكن للمحكمة بعد التمسك أمامها باتفاق تحكيم طارئ ؛ أن تمارس الصلاحية المخولة لها بمقتضي المادة 18 وتقرر مثلا بطلان الاتفاق لوضوح بطلانه، وعدم القبول ؟.
المادة 5 :
1 – تبدو هذه المادة ناقصة من زاوية عدم النص علي تضمين عقد التحكيم بيانات تحديد هوية الأطراف ؛ وما إذا كان العقد أبرم بالأصالة أو النيابة الشرعية أو نيابة الوكالة ؛ مع عنوان وموطن كل طرف ؛والعنوان الالكتروني ؛ مع الالتزام بإشعار الطرف الآخر بكل تغيير يقع في الموطن الفعلي أو الالكتروني ؛ تفاديا لما يمكن أن يقع من مشاكل في المستقبل سواء فيما يتعلق بتبليغ طلب تفعيل عقد التحكيم أو تبليغ المذكرات …
2 – تنص المادة علي اعتبار العقد لاغيا ؛ إذا رفض المحكم المنفرد المعين القيام بالمهمة .
أ – لا يتضح من النص الفرق بين باطلا و لاغيا ؛ وهل يعنيان نفس الشئي في نظر مقترح النص..
ب – الجزاء المقرر في الفقرة الأخيرة ؛ سواء قصد به الباطل أو الملغي ؛ غير ملائم للفعل ؛ وغير مناسب له .
– فهو غير ملائم ؛ لأن الأصل في التحكيم بالنسبة للأطراف والمحكم ؛ هو الحرية والرضائية لدي الجميع ، الأطراف في اختيار هذا الطريق ، والمحكم في القبول أو الرفض ؛ ولذلك تبدو كلمة التعيين غير ملائمة لأنها ترتبط بصاحب سلطة في مواجهة من يخضع له .
– من حق المحكم ؛ أن يرفض المطلوب منه أي أن يكون محكما ؛ ومن حقه ولو بعد القبول التراجع عن الموافقة ما دامت خصومة التحكيم لم تبدأ بعد ، طالما لا يوجد أي ضرر سيصيب من عينه .
– نعم؛ إذا بدأت الخصومة أصبح المحكم ملزما بها إلي نهايتها ؛ ما لم يقع ما يبرر تخليه كظهور سبب للتجريح مثلا
وفي هذه الحالة إذا تخلي دون سبب مشروع وفي وقت غير ملائم ؛ فإنه يتحمل المسؤولية في مواجهة من كلفه.
– أما أن الجزاء غير مناسب للفعل ؛ فلأن الرفض عمل خارج عن عقد التحكيم وليس من مكوناته الجوهرية حتي يترتب علي الرفض البطلان .
المادة 8 : تنص هذه المادة علي أن بطلان العقد أو فسخه أو إنهاءه ؛ لا يرتب أي اثر علي شرط التحكيم ؛ إذا كان صحيحا في ذاته .هذه القاعدة تبدو غر يبة ؛ رغم النص عليها في معظم التشريعات , ومناط الغرابة في ظني ؛ أن بقاء شرط التحكيم موجودا وصحيحا رغم زوال العقد الأصلي الذي يتكئ عليه ويرتبط به ؛ يبدو أمرا لا معني له ؛ أو كما يقول النحاة؛ لا محل له من الإعراب .
المادة 9 : تتضمن المادة تناقضا بين مفرداتها ؛ وإشكالا بخصوص فحواها .
أ – ما لم يتعلق الأمر بخطإ مادي أو مطبعي ؛ فإن بداية المادة متناقضة مع نهايتها .
– تشير بداية المادة إلي الدفع ببطلان أو فسخ أو إنهاء العقد الأصلي ؛ وهو ما يفترض أن يؤدي إلي انتهاء التحكيم لأنه لم يعد له محل مادام العقد الأصلي للمعاملة غير موجود . في حين أن نهاية المادة تنص علي أن هيأة التحكيم تفصل في مدي صحة العقد الأصلي . فهل يتعلق الأمر بالبت في صحة الدفع أو في صحة العقد .
– إذا كان الأمر يتعلق بصحة الدفع ؛ وأثره علي سير خصومة التحكيم ؛ فإن موقع المادة ليس هنا ؛ ولكن في إطار المواد المنظمة لإجراءات الخصومة .
ب – إذا كان المقصود هو صحة العقد الأصلي نفسه ؛ فهذا إشكال موضوعي ، إذ أن الطعن ببطلان العقد الأصلي للمعاملة ؛ ولو أنه هو أساس تحريك مسطرة التحكيم ؛ لكنه لا يدخل في اختصاص المحكم؛ بل في ولاية قضاء الدولة .
المادتان 11 و12 :
1 ) حددت المادة 11 الشروط المتطلب توفرها في المحكم . في حين نصت المادة 12 ؛ علي أن اكتساب صفة محكم ؛ يتم بتسجيله في قائمة سيتم تحديد كيفية مسكها وشروطها بنص تنظيمي .
ومعني ذلك أن النظام القانوني للمحكم أي تحديد الشروط العامة والخاصة لاكتساب هذه الصفة سيتم بنص تنظيمي ؛ مما يجعل ما جاء في المادة 11 سابقا لأوانه ولا معني له ؛ مادام تحديد الشروط سيتم بنص تنظيمي لاحق
– لذلك ؛ يكون مستحسنا ضم المادتين في واحدة بصيغة تؤدي المعني المقصود . ولتكن مثلا ” تحدد لاحقا بنص تنظيمي ؛ الشروط المطلوبة للقيام بمهام محكم سواء بصفة خاصة أو مؤسساتية ” .
المادة 14 :
1) – اكتفت المادة في أولها بتحديد صفة الشخص أو الأشخاص الدين يحق لهم إبرام اتفاق التحكيم ؛ وهم “الأشخاص ذوي الأهلية الكاملة …”
أ – العبارة غير دقيقة ؛ إن لم تكن ركيكة بعض الشئ . من جهة ؛ فإن صيغة الجمع ” الأشخاص ” غير مناسبة ؛ إذ يكتفي في الحديث في مثل هذه الحالة بصيغة المفرد .ومن جهة أخري ؛ فإن عبارة “ذوي الأهلية”ليست سليمة ؛ فاسم الإشارة “ذو ” يرتبط عادة بصفات خلقية أو سلطوية أو مالية ؛ فيقال شخص ذو مال أو جاه ؛ أو شخص ذو خلق حسن أو سيئ؛ أو امرأة ذات جمال …الخ ؛ لكن الحديث عن توفر شرط قانوني معين ؛ يتطلب مصطلحا مناسبا.
ب ) من ناحية أخري ؛ فإن اشتراط الأهلية الكاملة ؛ معناه استبعاد من لا تتوفر فيه؛ أو لا يمكنه أن يمارس بنفسه عملا قانونيا ؛ فيمارس الأول بواسطة نائبه الشرعي والثاني بواسطة ممثله القانوني العضوي[ حالات الأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة ] .
ج ) ومن جهة ثالثة ؛ فإن اتفاق التحكيم لا يلزم فقط الأطراف الموقعين عليه ؛ بل يلزم أيضا الخلف العام والخاص ويخولهم متابعة تنفيذ التصرف وممارسة الحق في تفعيل التحكيم .
لذلك ؛ ربما يكون مفيدا إعادة صياغة الفقرة الأولي بما يستجيب للملاحظات.
2 ) نصت الفقرة الأولي علي أن للأطراف ” أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ” .
أ ) إن التحكيم لا يكون في الحقوق ولكن في النزاعات الناشئة عن ممارسة واستعمال تلك الحقوق؛ وهو ما انتبه له المشروع في المادتين 15 و16 المواليتين ، مما جعل المادة 14 نشازا بالنسبة لهما .
ب ) من جهة أخري ؛ لا تبدو عبارة “حرية التصرف” ملائمة . فالمقصود ليس الحرية ولكن الحق في التصرف ؛ وهو ما سارت فيه تشريعات أخري .
المادة 15 : أدخلت تعديلا لغويا جيدا باستبدال عبارة ” موضوع تجارة ” في النص الحالي ؛ بعبارة دائرة التعامل . لكنها تحتاج لتعديل لغوي ؛ والقول ” لا يجوز” بدلا من ” لا يجوز أن ” .
المادة 16 : الفقرة الأخيرة تخرق مبدأ المساواة بين الأشخاص أمام القانون ؛ باستثنائها اتفاقات التحكيم المبرمة بخصوص عقود أشخاص القانون العام ؛من جزاء البطلان المنصوص عليه في المادة 5 ، وهو استثناء غير جائز ويخل بالمساواة .
ربما يكون أكثر دقة ؛ لو أضيف ما يفيد أن المقتضي المنصوص عليه يتعلق بعقد التحكيم فقط دون الشرط .
المادة 18 : يمكن اعتبار هذه المادة محورية ومركزية في النظام الإجرائي للتحكيم ؛ وفي ضبط العلاقة بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم ؛ من خلال حالتين مختلفتين في الأسباب متحدتين في الجزاء .
الحالة الأولي : وردت في الفقرة الأولي ؛ وتتعلق بالاستعمال المزدوج لآليات المطالبة بالحقوق. صورتها المفترضة ؛ أن يكون النزاع عرض فعلا علي هيأة التحكيم ؛ لكن أحد الطرفين ؛ ترك مسطرة التحكيم مفتوحة وجارية ؛ ولجأ لمحكمة قضاء الدولة للمطالبة بنفس ما هو مطلوب أو عكسه .ظاهريا تبدو هذه الصورة سريالية وغير معقولة ؛ ولكنها قد تقع .
– المفروض في هذه الحالة ؛ أن يدفع الطرف الآخر الذي يتمسك بمسطرة التحكيم ؛ أمام محكمة قضاء الدولة ؛ بوجود مسطرة تحكيم قائمة فعلا .
– المشكل ؛ ليس في تمثل وقوع الصورة ؛ ولكن في الجزاء المحدد لمواجهتها ؛ وهو ” ا لتصريح بعدم القبول إلي حين استنفاذ مسطرة التحكيم ؛ أو إبطال اتفاق التحكيم” .
– الدفع بعدم القبول والحكم به ؛ هو جزاء مقرر علي حالة عدم تحقق شروط وجود الدعوي ذاتها ؛ وهو ما يستفاد من المادة الأولي من ق م م ؛ فعندما لا تتوفر الصفة أو المصلحة أو الأهلية ؛ فإن مناط وجود الدعوي ينعدم ؛ فيصدر الحكم قطعيا بعدم القبول [ إذا لم يقع التصحيح ] .
– في حين ؛ توحي صيغة النص بأمر آخر ؛ وهو عدم القبول المعلق علي استنفاذ مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم . ومن ثم فإن صورة منطوق الحكم ستكون: ” تصرح المحكمة بعدم قبول الطلب إلي حين …” وهو ما يعني أن جزاء عدم القبول الذي قررته المحكمة وقضت به ؛ سيظل معلقا إلي حين ..أي أن الخصومة القضائية ستظل قائمة موجودة لكن معلقة علي أمر مجهول ؛وهو موقف غريب وغير مفهوم؛ فضلا عن أنه يعني إعادة وضع المحكمة يدها علي النزاع بعد أن كانت قضت بعدم القبول .
– أما إذا كان المقصود هو فقط وقف خصومة التحكيم إلي حين … فالأولي تحديد جزاء آخر وليكن مثلا وقف الخصومة القضائية ؛ أو التشطيب عليها إلي حين …
الحالة الثانية : وصورتها المفترضة ؛ أن يعرض علي المحكمة نزاع متفق بشأنه علي التحكيم ؛ ودون أن يتم تحريك مسطرته . وضعت الفقرة الثانية؛ خلافا للحالة الأولي ،حلين؛ أحدهما واضح ومحدد ؛ والثاني غير ذلك .
فأما الحل الأول ؛ فصورته ؛ أن يدفع المدعي عليه بوجود اتفاق تحكيم ؛ ويدلي بما يثبته ؛ ويطلب الحكم بعدم القبول .مع مراعاة حق المدعي في الرد ؛ فإن المحكمة ؛ متى تأكد لها صحة الدفع ؛ فإنها ستصرح بعدم القبول.
أما الحل الثاني ؛ فسيدفع المدعي عليه باتفاق التحكيم ؛ وسيرد المدعي ببطلانه أو لا يرد .هنا وضع النص حلا غامضا مسطريا ؛ ومتناقضا مع مسار الدفع وما يجب أن يترتب عليه .
– المفروض ؛ أنه عندما يتمسك المدعي عليه بالدفع بالتحكيم ؛ ويتأكد للمحكمة وجود اتفاق التحكيم ؛ يتعين عليها توافقا مع الفقرة الأولي ؛ التصريح بعدم القبول . لكن الفقرة الثانية ؛ أجازت للمحكمة إن تبين لها أن اتفاق التحكيم ظاهر البطلان ؛ التصريح بذلك والحكم بعدم القبول .مع أنه وفقا لهذا التوجه؛ يجب علي المحكمة التصريح ببطلان اتفاق التحكيم ؛ ورفض الدفع به ؛ ومواصلة النظر في الدعوي ، وليس التصريح بعدم القبول .
– بقيت ملاحظة أخيرة و تتعلق بالجزاء نفسه ؛ وشروطه .جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 18 أنه يتعين علي المدعي عليه في كلتا الحالتين [ لعل المقصود ما جاء في الفقرتين ] أن يدفع بعدم القبول قبل الدخول في جوهر النزاع؛ و لا يجوز للمحكمة التصريح تلقائيا بذلك .
– عدم القبول هو أحد الجزاءات الأكثر إثارة للجدل الخلاف بين فقه وقضاء المسطرة ؛ حول طبيعته القانونية ، ولكن الاتفاق حاصل علي أنه من النظام العام ويجوز للمحكمة إثارته تلقائيا ؛ وهو ما تؤكده المادة الأولي من قانون المسطرة المدنية ؛ علي الرغم من تعارضها في ذلك مع المادة 49 ؛ التي جعلت الدفع بعدم القبول دفعا إجرائيا شكليا يتعين إثارته قبل أي دفع أو مناقشة في الجوهر . وبالتالي فإما أن نعتبر الخلل من النظام العام؛ ونطلق يد المحكمة لإثارته تلقائيا والحكم به إن صحت شروطه ؛ وإما أن نبتعد عنه تماما كما فعلت عدد من التشريعات التي حددت جزاء عدم الاختصاص ؛ ولو أنه غير صحيح ولكن شروط التمسك به وإثارته تلقائيا من المحكمة أسهل .أو أن نختار حلا آخر ؛ وسطا ؛ وهو عدم القبول علي الحالة ؛ أي علي الحالة التي توجد عليها المسطرة ؛ وللأطراف فيما بعد اللجوء من جديد للمحكمة إذا فشلت مسطرة التحكيم مثلا .
المادة 19 : يبدو لي أن موقعها في النص غير مناسب ؛ فهي مرتبطة موضوعيا بالمادة 43 باعتبارهما مع الاختلاف ؛ تتعلقان بموضوع واحد هو اتخاذ التدابير الوقتية والتحفظية ؛ لذلك ربما يكون ملائما نقلها إلي جانب أختها 43 .
المادة 23 : تنص المادة 5 علي بطلان عقد التحكيم إذا لم يعين فيه المحكم أو طريقة تعيينه ؛ فيم هذه المادة تسمح بقبول هذا العيب وتصحيحه بإسناد سلطة التعيين لرئيس المحكمة المختصة ؟
من جهة أخري ؛ تثير المادة إشكالا ناجما عن الإشارة إلي استدعاء الأطراف ؛ فهل المقصود الاستدعاء لممارسة حق الدفاع والترافع ؛ أم فقط الاستدعاء ؛ وفي هذه الحالة لماذا ؛ وهل الاستدعاء لجلسة علنية أم لجلسة بمكتب الرئيس ؛ وفي أي إطار سيصدر الأمر ؛ خاصة وأنه لا يقبل الطعن .
المادة 24 : قضت المادة بإمكانية تجريح المحكم في عدد من الحالات .
– بالنسبة للحالة الأولي ؛ فإنها تبدو غير ذات معني مقارنة مع المادة 12 التي نصت علي انتظار صدور نص تنظيمي لتحديد النظام القانوني للمحكمين . المفروض أن هذا النص سيحدد حالات فقدان الصفة والأهلية في حالة الحكم علي المحكم بعقوبات جنائية ؛ و عندئذ سييتم التشطيب عليه من قائمة المحكمين المقبولين .
– بالنسبة للحالة السابعة ؛ تنص علي تصرف الشخص بوصفه الممثل الشرعي لأحد الأطراف :
– إذا كان المقصود هو عديم أو ناقص الأهلية ؛ فالتسمية المعتمدة في مدونة الأسرة هي النائب الشرعي وليس الممثل الشرعي .أما إذا كان المقصود ؛حالة الأشخاص الاعتباريين من القانون العام والخاص ؛ فالتسمية هي الممثل القانوني.
المادتان 25 – 26 المرتبطتان بالمادة 31 / فقرة 3
1 ) تبدو الفقرة الثالثة من المادة 31 في غير موضعها؛ رغم أن صيغتها تتعلق بقبول المهمة ؛ لكن موضوعها ملتصق ومرتبط بالمادتين 25 و 26 ، لذلك يستحسن إخراجها من م 31 وإضافتها للمادة 26 مع إعادة الصياغة ؛ أو تخصيصها بمادة مستقلة .
2 ) تنص المادة 26 علي وجوب قيام المحكم الذي يعلم بوجود سبب للتجريح فيه ؛ إشعار الأطراف بذلك؛ ولا يجوز له قبول مهمته إلا بعد موافقة الأطراف .
أ – هناك تكرار لكلمة الأطراف بصفة متوالية ؛ مع أنه من المكن القول موافقتهم .
ب- الموافقة تعني أن الأطراف علموا بوجود سبب للتجريح من شأنه التأثير علي نزاهة وحياد المحكم ولكنهم قبلوا التجاوز عنه .
إن نظام التجريح مقرر لضمان النزاهة والموضوعية في عمل المحكم ؛ فكيف يعلن المحكم عن شكه في نزاهته ومع ذلك يجوز للمحتكمين التغاضي عن ذلك . هذا عبث قانوني .
– يجب حذف هذه الفكرة ؛ واعتبار إقرار المحكم بوجود سبب لتجريحه كافيا لعدم قبوله للمهمة واعتذاره عنها .
المادة 31 :
– الفقرة الأولي معيبة لغويا . استعمال” لا “النافية و “إلا “الشرطية ؛ فيه ركاكة ؛ يمكن تفاديها بجملة مباشرة .
– كلمة “كاملا” غير مناسبة . الأفضل منها نهائيا أو تاما .القول مثلا : ” تعتبر “أو تكون” الهيأة التحكيمية مكونة بصورة نهائية ؛ أو تامة ، بقبول المحكم أو المحكمين المهمة المسندة إليهم “
– من جهة أخري ؛ هل يعتبر تعيين المحكم من طرف رئيس المحكمة وفقا للمادتين 22 و 23 ؛ خاضعا أيضا لقبول المحكم ؟.
المادة 33 :
– تحدد هذه المادة تاريخ بداية إجراءات التحكيم من اليوم الذي يكتمل فيه تشكيل الهيأة التحكيمية .
– يبدو لي أن تشكيل الهيأة لا يمكن اعتباره تاريخا لبداية خصومة التحكيم . فالتشكيل أو التكوين ؛ يتعلق بالبنية القانونية ذاتها وليس بالخصومة نفسها؛ فهذه الخصومة كمثيلتها القضائية تبدأ من تقديم الطلب ممن له المصلحة أمام الهيأة التحكيمية بعد تكوينها بصورة قانونية . فقد تقع أمور بعد التكوين قد تؤثر علي وجود الخصومة ؛ أو تؤخر بدءها ؛ كوفاة أحد المحتكمين المفترضين ؛ أو حصول واقعة تؤخر بدء الخصومة . لذلك يستحسن ربط بداية خصومة التحكيم بتقديم المحتكم مطالبه ؛ وفق ما يتم الاتفاق عليه في عقد المحكم أو محضر الإجراءات المشار إليه آنفا .
المادة 35 مرتبطة بالمواد 52 وما بعدها :
– ستطرح هذه المادة في صيغتها الحالية – دون شك – سجالا واحتجاجا من أنصار الامازيغية والحسانية؛ لكن بصفة خاصة الامازيغية .لذلك يكون من المناسب توافقا مع الدستور ومشروع القانون التنظيمي لاستعمال الأمازيغية ومشروع قانون التنظيم القضائي النص علي إمكانية إجراء التحكيم بالأمازيغية وفق الشروط المحددة في القانون التنظيمي ومشروع قانون التنظيم القضائي للارتباط بينه وبين منظومة التحكيم .
– تطرح المادة إشكالا آخر ؛ يتعلق بلغة التحكيم . تنص المادة علي أنه يجري باللغة العربية ما لم يتفق الأطراف علي لغة أخري ؛ أو تفرض الهيأة لغة أخري . في هذه الحالة قد يصطدم هذا الفرض بجهل الأطراف جميعهم أو بعضهم بتلك اللغة ؛ مما سيقتضي الترجمة ؛ وما تستوجبه من مصاريف ومطابقة بين الأصل والمترجم ؛ فمن سيتحمل المصاريف ؛ خاصة وأن فرض اللغة كان من المحكم أو الهيأة .
المادة 36 مرتبطة بالمادة 41 :
1 ) كما ذكرت في البداية ؛ يستحسن استبدال مصطلحي المدعي والمدعي عليه ؛ بالمحتكم والمحتكم ضده .
2 ) ورد في السطر الثالث يقدم “طلبا مكتوبا بدعواه ” وهي جملة لا معني لها ولا محل من الإعراب في معجم القانون الإجرائي .الصحيح ” طلبا مكتوبا يشتمل أو يتضمن ….”
– أيضا عبارة ” وقائع الدعوي” رغم شيوع وتواتر استعمالها ؛ لكنها غير صحيحة ؛ فالدعوي كحق إجرائي ليست لها وقائع ؛ الوقائع تتعلق بالخصومة ذاتها. والأفضل الاكتفاء بكلمة ” الوقائع” .
3 ) تنص المادة في أولها ” إرسال المدعي للمدعي عليه وإلي كل واحد من المحكمين …. طلبا مكتوبا ” :
هذه الصيغة في تحديد كيفية الاتصال بين المدعي والمدعي عليه [ المحتكم والمحتكم ضده ] ومع الهيأة التحكيمية ؛ تشبه نظام التكليف assignation المعمول به في فرنسا ومصر؛ وبمقتضاه فإن المدعي يبلغ مباشرة للمدعي عليه نسخة من الطلب مع تعيين تاريخ للمثول أمام المحكمة .
في حين : يكون من الأفضل ؛ توجيه الطلب للهيأة التحكيمية وهي التي تسهر علي تبليغه للمحتكم ضده وتنذره للرد خلال أجل تحدده .
4 ) تنص المادة أيضا ؛ أنه إذا اتفق الأطراف علي موعد لتقديم المحتكم مطالبه ؛ التزم بذلك تحت طائلة الجزاء المقرر في المادة 41 . لذلك يكون من المناسب نقل هذه الفقرة من هنا إلي 41 أو تصبح مادة مستقلة هي 37 مع تغيير الأرقام .
5 ) الفقرة الثانية من المادة 41 مرتبطة بالمادة 37 ؛ فيكون من الملائم إضافتها لها .
المادة 38 :
– كرست المادة ما كان موجودا في النص الحالي [ م 327 / 11 ] ؛ وهو تدبير جيـــد ؛ يعطي للهيأة التحكيمية ؛ سلطة معنوية في إدارة وتدبير الخصومة التحكيمية ؛ لكنه تدبير غير محمي وغير فعال ؛ في حالة رفض الطرف ما طلب منه .
– كان المشروع السابق ينص علي إجراء مهم في المادة 35 منه ؛ وهو إعطاء الهيأة التحكيمية إمكانية المبادرة واللجوء لرئيس المحكمة لاستصدار أمر بإلزام الطرف الممتنع عن تنفيذ أمر الهيأة وإجباره علي ذلك .[ تقديم الوثائق ] .لكن وقع التراجع عن هذه الخطوة في النص الحالي .
– يمكن تعزيز قوة الطلب بشأن تقديم الوثائق التي طلبتها الهيأة ؛ بإعطاء المحتكم المعني؛ حق اللجوء إلي رئيس المحكمة لاستصدار أمر بالتنفيذ ؛ علي غرار ما فعلته المادة 43 / فقرة أخيرة ؛ ووفقا لما تقضي به المادة 1469 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي .
المادة 39 :
تعطي الفقرة الأخيرة للأطراف إمكانية تعديل طلباتهم ودفوعاتهم أو استكمالها ؛ خلال إجراءات التحكيم ؛ ما لم تقرر الهيأة عدم القبول .
إن إعطاء الهيأة سلطة عدم القبول أو حتي الرفض مفهوم ؛ إذا كان الطلب أو الدفع الجديد خارج نطاق خصومة التحكيم ؛ أما إذا كان مرتبطا بها ؛ فلماذا لن تقبله ؛ نعم لها الحق أن تقرر عدم قبول أو رفض طلب أو دفع ؛ من الناحية الشكلية أو الموضوعية ؛ لكن في الحكم نفسه ؛ أو في حكم عارض؛ لكن صيغة النص توحي بأن عدم القبول سيكون آنيا ؛ وبشكل غير معروف ؛ وليس ضمن الحكم الفاصل .لذلك وجب التدقيق .
– يمكن اقتراح صيغة ” يمكن للأطراف تعديل طلباتهم أو أوجه دفاعهم أو استكمالها ,,, “المرتبطة بموضوع التحكيم“ . تقرر الهيأة في قبول تلك الطلبات شكلا أو موضوعا ؛ إما بحكم عارض ؛ أو في الحكم التحكيمي الفاصل في النزاع .”
المادة 40 مرتبطة بالمادة 42 :
أ – استبدال عبارة ” شرح موضوع الدعوى” ب ” شرح موضوع النزاع ” .
ب – يكون من المناسب نقل الفقرة الأخيرة من المادة 42 هنا لتعلقها العضوي بها أي حق الأطراف في التمثيل بواسطة الغير أو النيابة عنهم ونطاق ذلك .
المادة 43 مرتبطة بالمادة 19 :
أ – تتعلق المادتان بالتدابير والإجراءات الوقتية التي يمكن الأمر بها من طرف رئيس المحكمة أو المحكم . لذلك أؤكد ما قلته سابقا بشأن نقل المادة 19 من موقعها إلي هنا وتكون قبل 43 .
ب – كرست المادة 43 المقتضي الحالي في المادة 327 / 15 بخصوص تقوية سلطة المحكم في مجال الحماية المؤقتة والتحفظية؛ كما حافظت علي نفس التوجه العام بخصوص طبيعة سلطة المحكم تجاه المحتكمين ؛
والمتمثل في المسطرة الواجب اتباعها ؛ مع تعديل جوهري بخصوص الإطار المسطري لتقديم الطلب . ففي حين اكتفي النص الحالي علي حق اللجوء لرئيس المحكمة ؛أوضحت المادة 43 أن ذلك يتم بناء علي طلب وهو ما يضع المسطرة في إطار الأوامر بناء علي طلب ؛ وهو أمر إيجابي .
– لكن يظل هناك أمر شائك ؛ بخصوص مصير الإجراء الوقتي أو التحفظي بعد الحكم التحكيمي . فلو كان الحكم لغير صالح من صدر لفائدته دون حاجة لتدخل الرئيس ؛ فهل يتعين علي المحكم التصريح مع الحكم بإلغاء الإجراء ؛ أم سيضطر الطرف المعني باللجوء إلي القضاء ؟
المادة 44 :
أ –الجملة الأولي فيها ركاكة ؛ الأفضل كتابة : يجب علي جميع المحكمين في حالة تعددهم؛ المشاركة في كل ……”
ب – الفقرة الثانية مهمة ؛ لأتها تضمن النجاعة والسرعة في حل الإشكالات التي تعترض سير الخصومة , لكنها لا تضع حلا لحالة مواجهة رفض الأطراف أو المحكمين الآخرين ؛ إذا تمسك المحكم الرئيس برأيه .
المادة 48 :
– تعالج حالة اتفاق الأطراف علي التخلي عن متابعة خصومة التحكيم وحل النزاع بصورة ودية عن طريق الصلح مثلا.
– لكن صيغة الفقرة الأولي تحتاج لتدقيق بخصوص اكتفاء منطوق الحكم التحكيمي بالإشهاد علي وقوع الصلح فقط ، مع أنه يجب أن يتضمن المنطوق الحل المتفق عليه ليكون حجة في المستقبل .
المادة 50 :
أ – لعله من المفيد تدقيق العبارة الأولي بعد التحقيق ؛ بإضافة ” و الاستماع للأطراف أو تقديمهم لمستنتجاتهم أو مذكراتهم ” …..
ب – تشير الفقرة للمداولة فقط وهي تهم الهيأة الجماعية ؛ في حين أن المحكم المنفرد يحتاج للتأمل . لذا وجب إضافة عبارة دالة عي ذلك .
المادة 51 :
أكدت المادة محتوي المادة 327 / 22 الحالية ؛ مع تعديل جوهري تمثل في إضافة الفقرة الثانية .
أ – تفترض الفقرة الأولي الحضور المادي لجميع المحكمين في حالة التحكيم الجماعي . وهو أمر منطقي ؛ لولا أنه لا شيئ يمنع من إجراء المداولة عن بعد أو بواسطة البريد الالكتروني ؛ لأنه لا يوجد نص يتحدث عن جلسة النطق بالحكم ؛ وإن كان ذلك يستنتج من اشتراط توقيع جميع المحكمين علي الحكم ؛ ما لم يجز التوقيع إلكترونيا .
ب – تنص نفس الفقرة الأولي علي” وجوب التصويت لفائدة مشروع الحكم أوضده “.وهي صيغة ركيكة . فالمقصود هو وجوب التصويت ؛ أما اشتراط أن يكون لفائدة أو ضد المشروع ؛ فهو مجرد تزيد لغوي يحب حذفه .
ج – أخذت الفقرة الثانية بفكرة حديثة ذات أصل فقهي وقضائي فرنسيين ؛ معمول بها في ق م م وأخذ بها مشروع قانون التنظيم القضائي ، وهي تأكيد حرية القاضي في أن يكون له رأي مستقل خلال المداولة ؛ وأن تحمي هذه الحرية بتسجيل الموقف المخالف . وإذا كانت الفقرة الثانية قد أكدت هذا الأمر بالنص علي تضمين الرأي المخالف في محضر مستقل ؛ فإنها لم تحدد مصير هذا المحضر ؛ هل يرفق بالحكم التحكيمي في الإيداع ؛ أم يحتفظ به المحكم المنفرد أو المحكم الرئيس ؛ لمدة معينة ؛ وهل من حق المحتكم أو المحتكمين ؛والمحكم المخالف الحصول علي نسخة من المحضر .
المادة 52 :
أ – لم تدقق الفقرة الأولي في شكلية الكتابة ؛ يدوية [ ولو أنها لم تعد موجودة ] أم مرقونة .
ب – لم تحدد المادة لغة الكتابة بالنظر للغة المناقشة؛ حيث من المفروض أن يكون هناك تواز بينهما . ورغم أن المادة 52 تداركت بصورة محتشمة مسألة اللغة عندما أوجبت عند إيداع الحكم الإدلاء بترجمة له مما يفيد أن الحكم قد يكون صدر بلغة غير العربية ، إلا أنه من الأفضل النص علي ذلك صراحة في هذه المادة.
ج – استبعاد التعليل وعدم اشتراطه ما لم يتفق الأطراف علي غير ذلك ؛ أمر فيه نظر[ رغم كونه مشتركا بين تشريعات مقارنة] .
التعليل هو أكبر ضمان علي عدالة أو إنصاف الحكم التحكيمي وبلورة الاستقلال والنزاهة ؛ حتي لا يتحول الحكم إلي عمل تحــكّْــمي ؛ لذلك لا يمكن استبعاده أصلا وإجازته استثناء .
بالمقابل نصت الفقرة الأخيرة علي وجوب التعليل عندما يتعلق الأمر بتحكيم أحد أطرافه شخص عام .وهو تمييز لا أساس له وخرق لمبدأ المساواة أمام القانون .
لذا يجب تعديل المادة والتصريح بوجوب التعليل بصورة مطلقة دون تفرقة أو تمييز.
المادة 55 :
– تتضمن الفقرة الثانية ؛خلطا بين الحجية والقوة التنفيذية للحكم التحكيمي . فالحجية تتعلق بما قضي به الحكم ؛ أما القوة التنفيذية فتتعلق بقابلية الحكم للتنفيذ الفعلي في مواجهة من صدر ضده .
– الأصل أن الحجية من طبيعة الحكم بالنظر لموضوعه و أطرافه وسببه. الفقرة المنوه عنها وقعت في خلط الحجية والقوة ؛ عندما ربطت اكتساب حجية الحكم الصادر في مواجهة شخص عام باستصدار أمر من رئيس المحكمة بمنح الصيغة التنفيذية ؛ والحال أنه لا علاقة بين الصفة في المحكوم عليه وبين الحجية.
المادة 56؛ مرتبطة بالمادة 68 :
أ – يحب حذف شبه الجملة ” من الأطراف”. فهي زائدة ولا ضرورة لها . يكفي ” تسلم… لكل طرف ” وليس “إلي كل “.
ب – يجب إضافة فقرة أو جملة تنص علي إثبات توصل الأطراف شخصيا بنسخة مطابقة لأصل الحكم المودع لدي كتابة الضبط؛ ويعتبر ذلك بمثابة تبليغ ؛ يترتب عليه ممارسة كل الحقوق الإجرائية المرتبطة بذلك: الطعون المختلفة ؛ طلب التصحيح أو التفسير ؛ بدء إجراءات التنفيذ الطوعي ثم الجبري…..
ج – إضافة فقرة لحماية حق الأطراف ؛ في حالة رفض المحكم أو الهيأة أو مماطلتهم في تسليم نسخ الحكم ؛ بإعطائهم الحق في اللجوء إلي رئيس المحكمة المختصة .
د- نظمت الفقرة الثانية من م 68 الإيداع ؛ وهي تتحدث عن مسطرة الصيغة التنفيذية ؛ في حين أن الإيداع مرتبط وملتصق بعملية تسليم النسخ ؛ وسابق لكلل الإجراءات بما فيها وضع الصيغة التنفيذية المنصوص عليه في م 70 ، لذلك يكون من الملائم نقل تلك الفقرة من موقعها الحالي إلي المادة 56 ليكون مواليا لتسليم النسخ للأطراف .
كما يجب تعديل محتوي هذه الفقرة بعد نقلها ، بحيث ؛
– يتم الإيداع لدي رئيس كتابة الضبط وليس أمام كتابة ضبط المحكمة المختصة؛ لتعدد مكاتب هذه الكتابة حسب تخصصات الغرف ، ويسجل الإيداع في سجل خاص بالأحكام التحكيمية ؛ مؤشر علي صفحاته من طرف رئيس المحكمة أو رئيس كتابة الضبط ؛ وتسلم للمودع شهادة بذلك تتضمن تاريخ الإيداع واسم المودع ومراجع الحكم التحكيمي بشأن أسماء الأطراف وتاريخ صدور الحكم ورقمه …
– وبخصوص من لهم الصفة للقيام بالإيداع ؛ فقد حددت الفقرة الثانية من م 68آلية الإيداع ؛ والتي تثير ما يلي :
أ – خولت الفقرة صلاحية الإيداع لأكثر من طرف في نفس الوقت ؛”لأحد المحكمين أو للطرف الأكثر استعجالا”؛ وفي ذلك تعدد لصفات المودعين قد يترتب عليه إما الاتكال أو تكرار نفس الإجراء .
ب – عبارة أحد المحكمين تتعلق فقط بالتحكيم الجماعي وتتجاهل المحكم المنفرد بما قد يوحي بعدم ارتباطه بالأمر .كما أن إسناد مهمة الإيداع لأحد المحكمين ؛ بصفة مطلقة قد يؤدي إلي التهاون والاتكالية.
لذلك ؛ أقترح الإشارة إلي المحكم المنفرد ؛ وإسناد مهمة الإيداع للمحكم الرئيس أو أحد المحكمين الآخرين بتكليف منه ؛ وفي هذه الحالة يسلم شهادة التسجيل الأصلية للمستفيد من الحكم وصورة منها للمحكوم عليه .
ج – بالنسبة للإيداع من طرف الطرف ؛فإن عبارة ” الأكثر استعجالا ” وهي ترجمة لعبارة la partie la plus diligente غير سليمة في اللغة القانونية العربية . الأفضل منها عبارة ” الطرف ذو المصلحة” .
-ه – ربما يكون ملائما تخصيص مادة مستقلة للنشر ؛ بدلا من فقرة تابعة لتسليم النسخ .
– مع ملاحظة أن منع النشر إن كانت فيه حماية لخصوصيات الأطراف وللطبيعة السرية للتحكيم نفسه ؛ ففيه ضرر بالمعرفة والبحث العلمي . لذلك يكون مناسبا الترخيص بالنشر بصفة مطلقة مع تقييده بمنع نشر أسماء المحتكمين والمحكمين تحت طائلة الحق في التعويض لمن ادعي تضررا من ذلك .
المادة 57 :
تتعلق هذه المادة بمسألة استنفاذ ولاية المحكم منفردا أو جماعة ؛ وإمكانية إصدار أحكام تكميلية أو تفسيرية.
1 ) الحالة المتعلقة بإصلاح الخطأ المادي أو في الحساب ؛ مشتركة بين الهيأة والأطراف مع اختلافات في الأجل والشروط .
– في حالة الإصلاح التلقائي ؛ الأجل 30 يوما من تاريخ الحكم مع استدعاء الأطراف .
– في حالة الإصلاح بناء علي طلب أحد الأطراف ؛ خلال 30 يوما من تاريخ التبليغ .
– قد تبادر الهيأة تلقائيا إلي الإصلاح ؛ ثم بعد ذلك يتراءى لأحد الأطراف طلب المراجعة سواء قبل التبليغ أو بعده؛ ولذلك يكون من الأنسب توحيد الأجل كما هو موجود ؛ وأيضا بدء تاريخ تقديم الطلب بجعله واحدا من تاريخ تسليم نسخ الحكم الذي يجب أن يتم في وقت واحد مما يتعين معه تعديل المادة 56 .
– وأيضا توضيح الغاية من استدعاء الأطراف ؛ وهي تقديم وجهة نظرهم في التصحيح أو التفسير المطلوب أو المقترح من الهيأة ؛ مع تقييد هذا الحق فقط فيما هو معرض للإصلاح دون سواه .؛ حتي لا يعاد فتح المناقشة من جديد والمساس بالحجية .
2 ) تتعلق الفقرة الأخيرة بإحدى حالات إعادة النظر وهي إغفال البت في في طلب ما .
– تطرح هذه الفقرة إشكالا مع المادة 61 ؛ يتعلق بالاختصاص ؛ ففي هذه المادة؛ محكمة التحكيم هي المختصة بنظر طلب البت فيما وقع إغفاله ؛ بينما في المادة 61 الاختصاص لمحكمة قضاء الدولة . وفي رأيي أن الاختصاص يجب أن يكون لمحكمة التحكيم [ سأعود للفكرة لاحقا ] .
المادة 58 :
تعيد هذه المادة لقضاء الدولة سلطة حماية حقوق الأطراف ومراقبة عمل هيأة التحكيم ؛ وتسمح له بالتدخل عندما يتعذر ذلك علي الهيأة التحكيمية .
1 – لم تحدد الفقرة الأولي مدلول التعذر و لاكيفية إثباته .
2 – ربطت الاختصاص المحلي بالمحكمة التي صدر في دائرتها الحكم التحكيمي . وهو أمر منطقي ؛ لولا ما قد يعترضه من صعوبة بخصوص المحاكم التجارية والإدارية القليلة العدد الواسعة النطاق الترابي .
3 – أعادت نفس الإشكال بشأن بيان غاية استدعاء الأطراف ؛ هل فقط للإشعار أم من أجل الحضورية وما يرتبط بها من حق الدفاع والبيان .
4 – نصت علي صورة غريبة ؛ “أنه في حالة عدم بت الهيأة في طلب أحد الأطراف ؛ فإن رئيس المحكمة المختصة يحيل الأطراف علي الهيأة للبت و إلا تطبق المادة 61 .”
أ – غرابة القاعدة ؛ أنها وضعت مباشرة بعد حالة تعذر البت من الهيأة ؛ في حين أنها تتعلق بحالة عدم البت في أحد الطلبات وهو ما كانت أشارت إليه الفقرة الأخيرة من م 57، و بالتالي فالحالتان لا تتعلقان بنفس السبب؛ فلم يكن جائزا جمعهما في مادة واحدة .
ب – أنها تثير من جديد ما سبقت الإشارة إليه من عدم مشروعية الإحالة من قضاء الدولة علي قضاء التحكيم .
– فضلا عن أن الفقرة الأخيرة من المادة 57 والمادة 61 ؛ فتحتا الباب أمام ذي المصلحة للعودة إلي الهيأة التحكيمية أو المحكمة المختصة ؛ ولذلك يبدو تقديم طلب لرئيس المحكمة ليحيله علي هيأة التحكيم للبت فيه ؛ هرطقة قانونية .
المادة 61 :
تتعلق هذه المادة بالطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي .
1 – أول إشكال يطرحه النص ؛ هو الاختصاص النوعي. لقد أسندته المادة لقضاء الدولة ؛ وهو اتجاه غير منطقي ومتناقض مع المادة 57 .
– فأما أنه غير منطقي ؛ فلأن فلسفة هذا الطعن تقوم علي مراجعة ذاتية من المحكمة مصدرة الحكم المعيب ؛ اعتبارا لكون أسباب الطعن مستخرجة من أوراق وإجراءات الملف الذي كان تحت نظرها ؛ وبالتالي فإنها الأدرى والأولي بإعادة النظر فيما قضت فيه لأسباب مرتبطة في معظمها بالواقع .
– وأما أنه متناقض مع م 57 ؛ فلأنها أوكلت لهيأة التحكيم إعادة النظر بمقتضي إحدى حالاته في ق م م المختصة بها محكمة قضاء الدولة حسب م 57 .
2 – من جهة أخري ؛ فإن معظم حالات وأسباب إعادة النظر مما لا يتصور تحققها أمام هيأة التحكيم .
المادة 63 :
– أدخلت المادة تعديلا مهما علي النص الحالي [ 327 / 36 ] بحذف شرط ” الحكم المذيل “؛ لأنه إذا كان للطرف ذو المصلحة في الطعن بالبطلان ؛ فلن ينتظر مرحلة التنفيذ الجبري؛ خاصة وأن الفقرة الأخيرة من م 64 ؛جعلت للأجل والطعن أثرا موقفا للتنفيذ .
المادة 64 :
– لا تختلف هذه المادة عن مثيلتها في القانون الحالي [ م 327 / 36 ] .
– استعملت المادة في أولها عبارة “الطعن بالبطلان”؛ في حين استعملت المادتان 66 و67 مصطلح “دعوي البطلان” ؛ لذلك وجب توحيد المصطلح .
– هناك ملاحظة مهمة تتعلق بشروط صحة الطعن بالبطلان ؛ فقد نصت عدد من التشريعات ؛ وآراء الفقه ؛علي وجوب تحقق شرط لممارسة هذا الطعن با لبطلان ؛ أساسه مبدأ النزاهة الإجرائية ؛ وهو؛ أن يكون الطاعن سبق وأُثار وتمسك أمام هيأة التحكيم بسبب البطلان الذي يدعيه ؛ وإلا اعتبر قد تخلي بصمته وعدم اعتراضه ؛ وقبوله متابعة إجراءات الخصومة ؛رغم علمه بالخلل أو العيب ؛ عن الطعن بالبطلان .
– لذلك يكون من المناسب إضافة هذا الشرط.
المادة 65 :
– تتعلق المادة بتنظيم حق التصدي لدي محكمة ثاني درجة في جوهر النزاع .
– هناك تناقض في بنية المادة . فمن جهة جاء في أولها ” إذا أبطلت محكمة ثاني درجة ” ؛ ومن جهة جاء في آخرها “ما لم يصدر حكم بالإبطال لغياب …” وهو ما قد يعني انتظار حكم آخر بالإبطال … ؟
المادة 67 :
هناك حشو لغوي لا مبرر له في عبارة ” في مادة التحكيم ” ؛ كما لو أن المادة توجد في نص قانوني آخر ؛ مع أنها في صلب قانون التحكيم .
لذا وجب حذف الجملة .
المادة 68 :
– عندما اختار أطراف العلاقة الأصلية الابتعاد عن قضاء محاكم الدولة ؛ واعتماد نظام التحكيم ؛ فمعني ذلك أنهم فضلوا الاحتكام لنظام التوافق واليسر ؛ بما يترتب عنه قبولهم بنتائج التحكيم – مع مراعاة حالات البطلان – واستعدادهم للتنفيذ الطوعي التلقائي لما سيقرره المحكم .
ولذلك تبدو هذه المادة التي تعالج موضوع التنفيذ الجبري للحكم التحكيمي؛ غريبة عن سياق المنظومة . لكن المشرع ملزم بتوقع ما يفترض أن يكون .
– الفكرة إذن ؛ هي أن المحكوم عليه يالحكم التحكيمي ؛ يرفض الامتثال و التنفيذ .وبما أن سلطة المحكم محدودة في الفصل ؛ ولا يملك إلزام المحكوم عليه بتنفيذ الحكم؛ فقد أصبح من الضروري اللجوء لمن له هذه السلطة ؛ وهو قاضي محكمة الدولة ؛ لإكساء الحكم التحكيمي بقوة ضاغطة ؛ هي الصيغة التنفيذية .
– حددت المادة 68 مسطرة الحصول علي الصيغة التنفيذية ؛ وهذه بعض الملاحظات عليها .
1 – المفروض وجود مرحلة سابقة علي مسطرة التنفيذ الجبري ؛ وهي مرحلة التنفيذ الطوعي الإرادي؛ وإنجاز تعذر حصوله لأي سبب كان بعد إنذار المحكوم عليه وإنجاز محضر بذلك. مما ينبغي معه إضافة مادة تتعلق بهذه المرحلة ؛ وتحديد نظام التنفيذ بواسطة المفوض القضائي ؛ علي غرار ما جاء في ق م م .
2 – لم تحدد شروط تقديم الطلب من زاوية الوثائق المطلوب إرفاقها بالطلب وهي : نسخة الحكم مع شهادة كتابة الضبط بالإيداع؛ وشهادة إثبات تسليم الحكم أو محضر التوقيع علي ذلك ؛ومحضر تعذر التنفيذ أو رفضه .
3 – استعملت المادة في أولها كلمة “منح الصيغة” ؛ واستعملت في المادة 69 الكلمة القديمة ” التذييل ” قبل أن تعود المادتان 70 و71 لكلمة ” منح” .
لذلك وجب التوحيد .
4 – يبدو الربط بين مسطرة الإكساء بالصيغة التنفيذية وإيداع الحكم لدي كتابة الضبط ؛ غير مبرر بكفاية .
– إ ن مكان الفقرة الثانية ؛ هو بعد المادة56 ؛ إذ بعدما يتم تسليم الأطراف نسخا من الحكم ؛ يجب الانتقال مباشرة لعملية الإيداع بصرف النظر عن موقف المحكوم عليه من تنفيذه .
في هذه الحالة ؛ إذا ارتضي المحكوم عليه تنفيذ الحكم عن طواعية ؛ فإن الإيداع سيصبح مجرد عمل آلي ؛ دون أثر قانوني مباشر تجاه الأطراف ؛ مع استمرار أهميته العامة المفترضة .
5 – إذا تم الاحتفاظ بالفقرتين علي حالتهما ؛ فإنه يحسن إدخال تعديل عليهما ؛ بمقتضاه يتم الإيداع لدي رئيس كتابة الضبط وليس أمام كتابة ضبط المحكمة المختصة؛ لتعدد مكاتب هذه الكتابة حسب تخصصات الغرف ، ويسجل الإيداع في سجل خاص بالأحكام التحكيمية ؛ مؤشر علي صفحاته من طرف رئيس المحكمة أو رئيس كتابة الضبط ؛ وتسلم للمودع شهادة بذلك تتضمن تاريخ الإيداع واسم المودع ومراجع الحكم التحكيمي بشأن أسماء الأطراف وتاريخ صدور الحكم ورقمه …
6ـ – حددت الفقرة الثالثة آلية الإيداع ؛ والتي تثير ما يلي :
أ – خولت الفقرة صلاحية الإيداع لأكثر من طرف في نفس الوقت ؛”لأحد المحكمين أو للطرف الأكثر استعجالا”؛ وفي ذلك تعدد لصفات المودعين قد يترتب عليه إما الاتكال أو تكرار نفس الإجراء .
ب – عبارة أحد المحكمين تتعلق فقط بالتحكيم الجماعي وتتجاهل المحكم المنفرد بما قد يوحي بعدم ارتباطه بالأمر .كما أن إسناد مهمة الإيداع لأحد المحكمين ؛ بصفة مطلقة قد يؤدي إلي التهاون والاتكالية.
لذلك ؛ أقترح الإشارة إلي المحكم المنفرد ؛ وإسناد مهمة الإيداع للمحكم الرئيس أو أحد المحكمين الآخرين بتكليف منه .
ج – بالنسبة للإيداع من طرف الطرف ؛فإن عبارة ” الأكثر استعجالا ” وهي ترجمة لعبارة la partie la plus diligente غير سليمة في اللغة القانونية العربية . الأفضل منها عبارة ” الطرف ذو المصلحة “.
و – أدخلت المادة تعديلا غير مرحب به من المحكمين وبعض الفقه المهتم بالموضوع؛ ويتعلق بالنص علي البت بعد استدعاء الأطراف .
العبارة الشرط؛ حمالة وجهين : الوجه الأول ؛ هو إقرار مبدأ الحضورية في هذه المسطرة ؛ بما له من حمولة معروفة ؛ وقد انتقده عدد من الباحثين ؛ والمهنيين القانونيين ؛معتبرين أن الحضورية في هذه المرحلة تتعارض مع طبيعة الإجراء وما يقتضيه من سرعة في البت ؛ ومن شأنها تعطيل المسطرة بسبب إشكالات الاستدعاء والتوصل والتأخير للإطلاع والتعقيب ؛ خاصة إذا كان المحكوم عليه سيئ النية ؛ وهو كذلك عندما امتنع عن التنفيذ الطوعي .
الوجه الثاني ؛ أن الاستدعاء يقصد به فقط إشعار المطلوب – المحكوم عليه ، بلجوء خصمه لرئيس المحكمة لطلب الصيغة التنفيذية ؛ بما تحمله من احتمالات الإكراه والإجبار ؛ وأنه لا يترتب علي الاستدعاء بالضرورة ؛ المواجهة والحضورية وحق الدفاع …
– في الواقع أن هذا “التجديد” الذي جاءت به المادة ؛ فضلا عن عدم تبريره وتعليل سبب إضافته -؛ فإنه موقف ينفرد به المشروع ؛ فمعظم التشريعات المقارنة لا تنص علي الحضورية في هذه المسطرة ؛ بل إن المادة 1487 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي نصت صراحة علي أن مسطرة الإكساء بالصيغة التنفيذية ليست حضورية .
7 – هل يمكن لرئس المحكمة مراقبة الصحة الخارجية للحكم وكذا اتفاق التحكيم
8 – بخصوص الفقرة الثالثة ؛ فإنها تبدو ظاهريا دون علاقة بموضوع الصيغة التنفيذية. الكلام عن عرض النزاع علي محكمة ثاني درجة لا يظهرذو صلة بمسطرة الصيغة التنفيذية؛ بل مكانه هو الفصل48 الذي هو نفسه مرتبط بالمادة 4 كما سبقت الإشارة لذلك .يكون الحديث عن الاتفاق الطارئ علي التحكيم خلال عرض النزاع علي محاكم الدولة ؛ منسجما.
9 – الفقرة الأخيرة ؛ لم أفهم علاقتها بسياق الكلام .وتبدو لي الحالة غير متصورة الوقوع .
10 – بقيت ملاحظة أخيرة ؛ تتعلق بإشكالات التنفيذ؛ بعدما أصبح جبريا وسيتم بمقرر قضائي؛ فهل ستصبح من اختصاص رئيس المحكمة أو قاضي التنفيذ ؟
المادة 70
– بداية ؛ أتساءل حول ما إذا كان الأمر يتعلق بإكساء الحكم التحكيمي الصيغة التنفيذية أو الأمر بالتنفيذ ؟
– كما أنني لا أعرف هل هناك صيغة معلومة للصيغة التنفيذية في هذا الإطار الخاص ؛ أو هي الصيغة الواردة في المادة 433 ق م م ؛ إذ لم أجد فيما اطلعت عليه من أحكام منشورة في الموضوع ما يفيد في الجواب ؛ فلمن دلني عظيم الشكر وجزيل التواب.
– تطرح هاتان المادتان مسألة قابلية الأوامر الصادرة في طلب الإكساء بالصيغة التنفيذية ؛ للطعن .
1 – تنص الفقرة الأولي من م 70 على وضع الصيغة التنفيذية علي أصل الحكم التحكيمي. ومع اعتبار الملاحظات السابقة حول المادة 68؛ بخصوص نظام الإيداع ؛فإن هذه الفقرة تطرح إشكالا بشأن تفعيل الأمر بالصيغة ؛ هل يتم التذييل بصورة آلية بمجرد صدور الأمر ؛ أي في إطار جسر بين رئاسة المحكمة وكتابة الضبط ؛ أم بناء علي طلب المستفيد منه.
وإذا اعتبرنا أن الإيداع تم لدي كتابة الضبط ؛ فقد أصبح الحكم “ملكا” للمحكمة ؛ وبالتالي كيف سيتمكن المستفيد من الأمر بالصيغة من وضعها علي النسخة الأصلية؛ هل سيطلب من كاتب الضبط وضعها ؛ أو سيلحق الحكم الأصلي بالأمر الرئاسي ؛ وفي هذه الحالة هل سيجب في مقال طلب التذييل النص علي حضور كتابة الضبط .
– بعض التشريعات وضعت حلا عمليا يتمثل في وضع الصيغة التنفيذية علي الأصل المودع لدي كتابة الضبط ؛ وعلي النسخة المسلمة للمحكوم له والذي كان تسلمها من المحكم إثر صدور الحكم التحكيمي .
2 – الفقرة 3 تحتاج لتدقيق بخصوص عبارة”في حدود النزاع” ؛ فالمفروض حسب المادة 64 أن الطعن بالبطلان يتعلق بالحكم التحكيمي ؛ وليس بأصل النزاع ؛ أي أنه لا يوجد نزاع معروض علي محكمة الاستئناف، وأنها وفقا للمادة 65 عندما تبطل الحكم التحكيمي تتصدي للبت في النزاع الذي كان معروضا علي هيأة التحكيم .
3- تمنع المادة 70 الطعن في حالة الموافقة علي الطلب ؛ بينما المادة 71 تجيز الطعن في حالة الرفض .
– نظربا ؛ يبدو السماح بالطعن ضد أمر الرفض ؛ مفهوما ومبررا؛ لأنه يعني عدم إمكانية تنفيذ الحكم التحكيمي جبرا؛ بعدما تعذر تنفيذه طوعا .
– لكن تحصين الأمر بالموافقة ضد الطعن ؛ لفائدة المحكوم له ؛ فيه ضرر محتمل وممكن للطرف الآخر؛ إذا كان هناك ما يمنع حقيقية تنفيذ الحكم . إن هذا التمييز فيه خرق لمبدأ المساواة ؛ لذلك ارتفعت أصوات في الشرق وفي الغرب ؛ تدعو لفتح الباب أمام الطرفين للطعن في الحالتين معا .
المادة 71 :
– اشتراط التعليل في أمر رفض منح الصيغة التنفيذية ؛ أمر إيجابي . لكن ؛ ربما يكون من المناسب تحديد الأسباب الموجبة لذلك علي غرار بعض التشريعات المقارنة .
– الفقرة الثانية ؛ تطرح حالة ملفتة للنظر؛ يمكن فيها تحويل مسطرة الطعن ضد أمر رفض منح الصيغة التنفيذية ؛ إلي مسطرة الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي ؛ بطلب من الأطراف .
أ – يبدو الأمر متعلقا بصورة ما بالاختصاص النوعي ؛ وتحويل المسطرة من طعن بالاستئناف في أمر معين ؛ إلي تمديد الاختصاص للنظر في البطلان ؛ فهل يمكن لإرادة الأطراف ذلك ؟؟
ب – طلب الأطراف ؛ يعني اتفاق من صدر لفائدته أمر الرفض مع من تضرر منه؟؟
ج – في حالة الحكم بالبطلان ؛ فإن الطرفين سيجدان نفسيهما – بإرادتهما – خارج مسطرة الطعن في أمر يتعلق بالصيغة التنفيذية ومنظومة التحكيم ؛ والعودة إلي أحضان قضاء الدولة ؛ طبقا للمادة 65 أمام محكمة الاستئناف بما يضيع عليهما مرحلة من مراحل التقاضي في النزاع الأصلي .
د – عبارة ” بعد استدعاء الأطراف” في الفقرة الأخيرة ، تبدو زائدة ؛ أو دون موجب ؛ ومتعارضة مع الفقرة السابقة التي تخضع الاستئناف والنظر فيه ومعه التحول لبحث البطلان ؛ للقواعد العامة للاستئناف ؛ وهي أكثر قوة واتساعا من عبارة ” بعد استدعاء الأطراف” ؛ التي قد تكون مدعاة لسوء الفهم والاضطراب.
تعليقات 0