القيمة القانونية للوثيقة المشهود بمطابقتها للأصل وانتهاء صلاحيتها بمرور الزمان

منشور رئيس النيابة العامة حول إجراءات التصالح بشأن خرق حالة الطوارئ الصحية (تحميل)

محمد براو: الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ودورها في التنمية وبناء الدولة

22 أغسطس 2020 - 11:40 م فضاء المكتبة , في الواجهة , فضاء المكتبة , كتب ومؤلفات
  • حجم الخط A+A-

مـــــــقدمة عـــامة حول الــــكتــاب:

المحتويات:

1. السياق والأهمية
2. سبب اختيار الموضوع
3. مراجعة الأدبيات السابقة
4. التأسيس المنهجي
5. الجمهور المستهدف
6. الغاية المثلى والأمنية الأسمى
7. توصيفات مختصرة لمحتويات الكتاب

1. السياق والأهمية
بعدما كانت بالأمس القريب مجالا محفوظا ( (Domaine réservéلفئة من المتخصصين، الذين يفضل البعض أن يسميهم التكنوقراط لتمييزهم عن المتخصصين المرتبطين سياسيا، أصبحت المالية العامة، وما يتصل بها من قضايا ومتطلبات كالشفافية والإدارة الرشيدة والرقابة الفاعلة والمحاسبة الصارمة، في الوقت الحاضر، في صدارة المطالب الاجتماعية سواء في العالم العربي، أو في أوروبا أو في أمريكا اللاتينية… وبات موضوعها في قلب الحدث اليومي، يشكل نقطة استقطاب بالنسبة لجميع المعنيين بالتنمية وبناء الدولة وتحديث مؤسساتها وبشكل أخص بالنسبة للمواطنين في جميع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مهما كانت طبيعة وحرارة فصولها السياسية، ربيعا أو شتاء أو صيفا أو خريفا، وصولا إلى باقي بلدان المعمور بلا استثناء، فالقضايا المتعلقة بالموازنة العامة والضرائب والفائض والعجز ومناصب الشغل ومخصصات الرعاية الاجتماعية ونتائج قطع الحساب والدين الداخلي والخارجي…على سبيل المثال لا الحصر، صارت حاليا محلا للمتابعة والملاحظة، وموضوعة تحت مشرحة التحليل والتعليق، ليس فقط من طرف السياسيين والخبراء والإعلاميين، بل وكذلك، وعلى الخصوص، من قبل المواطنين، الذين أصبح جلهم “مواطنين صحفيين” بفعل الطفرة المعلوماتية التي وفرتها ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، بمن فيهم غير المتعلمين منهم.

إن هذا الوصول المتوثب إلى المعلومة المتعلقة بالمال العام، وتحليلها والتعليق عليها، وما نتج عنه من تشكل تدريجي لما يشبه سلطة موازية أو سلطة الظل، هو حاليا بمثابة البوصلة العالمية للممارسة الإدارية والرقابية في مجال التصرف في المال العام وحوكمته الإدارية، وهو ما استدعى كل هذا الانخراط النشط والمتصاعد للمجتمعات المدنية عربيا ودوليا في مراقبة شؤون إدارته ومتابعة تفاصيله ذات التأثير الكبير على الحياة اليومية للأسر وعلى مستقبل أطفالها فيما سيعقب من سنوات وأجيال.

إن ما نلاحظه اليوم من عمل حثيث ومثابر من طرف القطاعات الحكومية ودوائرها المختلفة على تجويد الخدمة العمومية وتكثيف جهود ضمان استدامتها وذلك من خلال الاستدماج التدريجي والمتواصل لقواعد ومبادئ الإدارة العصرية الشائعة لدى القطاع الخاص، من خلال مفاهيم شكلت قوام نظام إدارة الجودة وما يتصل به من معايير، على رأسها رضا العملاء وكل ما يتعلق بحوكمة المنظمات والمقاولات الخاصة من قواعد وإجراءات تنظيمية وتدبيرية كتحليل التكاليف والكفاءة والاقتصاد وإدارة المخاطر والأداء المستدام… يعبر عن مسار عالمي، وإن في سياقات مختلفة. ففي دول العالم السائرة في طريق النمو، الغرض هو ترشيد الإدارة، والعمل على تأمين القيمة مقابل المال العام، ومكافحة الهدر والفساد من أجل الحد من الفقر وتلبية الحاجيات الاجتماعية المتصاعدة وتطويق واستباق التوترات السياسية والأمنية المترتبة عنها. كما يأتي هذا التوجه تنفيذا لتعهدات وتوصيات دولية. وفي حين أن الرقابة المالية والمحاسبة هي الضمانة الأكيدة والعين الساهرة الأمينة على سلامة التنفيذ وعلى جودة الإنجاز في كل ما يتعلق بإدارة المشاريع التنموية وتقديم الخدمات الحكومية بما يلبي توقعات المواطنين، فهي تلعب دورا مركزيا في ترسيخ أسس ومقومات الإدارة الرشيدة والتصرف الحكيم في المال العام، وفي تقوية بنيان الدولة وتصليب وتسليس دواليبها، وتحديث مؤسساتها، ورفدها بمتطلبات الاستجابة للتحديات التنموية. أما في الدول الغنية فإن الغرض هو ضمان الاستدامة لمجتمع الرفاه وترسيخ قواعد وقيم النزاهة والشفافية وإشراك المواطنين في صناعة وتنفيذ وتقييم السياسات الحكومية، إضافة إلى استجلاب أكبر قدر ممكن من العوائد والأرباح والتقليل من الخسائر واقتناص الفرص ومواجهة التهديدات واستباقها. فضلا عن استشراف المستقبل الاستراتيجي للدولة ولمواردها.

بالموازاة مع ذلك، نلاحظ أن الحوكمة المالية العامة الجديدة باتت، تحت تأثير المطالب الملحة والضغوط المتزايدة، مكرهة على المزاوجة والتوفيق بين التصور الإداري الجديد المستند لمعايير الكفاءة والاقتصاد والفاعلية، والتصور الحداثي المؤسساتي القائم على قيم الشفافية والمحاسبة ومشاركة المواطنين، وذلك من خلال كشف حقائق الحسابات العمومية كشفا ميسرا ومفصلا، ومن خلال تخويل سلطات رقابية جديدة للمنتخبين على الصعيدين الوطني والمحلي… وفي المحصلة، فإن إدراك المعايير الجديدة لحسن إدارة المال العام ساعد، أو يفترض ذلك، على التوجه نحو تصويب عملية اتخاذ القرار السياسي التنفيذي من جهة والمشاركة النشطة والفاعلة في اتخاذ القرار التشريعي المناسب وتفعيل الوظيفة الرقابية من جهة أخرى، مع المساهمة في توجيهها نحو البعد التقييمي النوعي المرتبط بمفهوم الأثر على الحياة اليومية للمواطنين. وبالتالي نحن هنا أمام عملية تزاوج واندماج في بوثقة متناسقة ومتوازية ومتفاعلة بين الثقافة الإدارية (الفنية) والثقافة التشاورية (السياسية)، والغاية المثلى المتوخاة هي النجاح في امتحان التنمية، بما يساهم في إضفاء شرعيتين متوازيتين ومتفاعلتين على الدولة ونظامها السياسي ونسقها الإداري، وعلى المسار الذي انتهجته في البناء والتحديث، وهما: الشرعية المستمدة من جودة الإنجاز من خلال الكفاءة الإدارية من جهة؛ والشرعية المستمدة من نفاذ بصيرة القيادة السياسية من خلال الثقافة التشاورية من جهة أخرى، وكل ذلك عبر مسار تفاعلي طردي بين الشرعيتين ومن خلال المقومات والأدوات المستعملة أو المستثمرة لاكتساب تينك الشرعيتين.

لقد أدت تلك التحولات الكبرى في الحوكمة الإدارية للمال العام إلى وضع موضع تساؤل ومراجعة المبادئ والقواعد الكلاسيكية للقانون العام الإداري والمالي وللقواعد التقليدية للإدارة العامة بوجه عام وللإدارة المالية العامة بوجه خاص: من خلال نشوء مبادئ وقواعد مقابلة تمتح من مرجعية معيارية قريبة من قانون وإدارة الشركات الخاصة. لكن المشكلة والتحدي الأكبر هو كيف ننجح في عملية التطوير والتحديث من خلال اقتباس أدوات القطاع الخاص دون التفريط في الثوابت المقدسة المتمثلة في خدمة المصلحة العامة للوطن والمواطنين وتأمين العيش الكريم للفئات الهشة في المجتمع والمحافظة على أسس الدولة السياسية والاجتماعية. أي بعبارة أخرى تحديث الدولة دون التضحية بمقوماتها التكوينية، والحفاظ على توازناتها الاقتصادية والمالية، دون أن يكون ذلك على حساب توازناتها الاجتماعية واستقرارها الأمني. ثم اتخاذ القرار السليم بروح وطنية غير متسامحة مع التدخل الأجنبي تحت أي ذريعة أو عنوان؟

هاهنا بالضبط برزت وتبرز يوما بعد يوم ولا سيما بعد الأزمة المالية العالمية (2008) والاضطرابات الاجتماعية لتي شهدها الإقليم العربي من المحيط إلى الخليج إبان وبعد ما اصطلح عليه “الربيع العربي”، والذي تجدد خلال سنتي 2019 و2020، الحاجة الماسة أكثر من أي وقت مضى لخبرة مؤسسة رسمية عليا، تكون تابعة مباشرة للدولة ومتشبعة بثقافتها وقائمة في كنفها لكن مختصة على نحو مستقل عن السلطة الحكومية في تنوير، وأحيانا تنبيه، مسؤولي الدولة التنفيذيين والتشريعيين من خلال أداء رسالة خطيرة وسامية ألا وهي رسالة الرقابة والمحاسبة على المال العام، والمساهمة في مكافحة الفساد وتقديم الاستشارة الفنية للمعنيين بإعداد وتنفيذ السياسات الحكومية لتوجيهها نحو خدمة المصلحة العامة. إنها مؤسسات أو دواوين الرقابة المالية والمحاسبة باعتبارها أجهزة عليا، إنما خلقت لترسيخ الحكم الرشيد والمساهمة في تحقيق التنمية وبناء الدولة وتحديث وتقوية مؤسساتها.

2. سبب اختيار هذا الموضوع

إن اختيار موضوع الأجهزة العليا للرقابة والمالية والمحاسبة ودورها في التنمية وبناء الدولة ليكون موضوعا لهذا الكتاب المتعدد الفصول والمترامي الأطراف، لا يجد تبريره فقط فيما سبق من بيان وتوضيح وما يجري في حاضرنا وأمام أعيننا على طول العالم العربي وعرضه، بل وأيضا لأن المستقبل ينبئ -من خلال تحليل مؤشرات الماضي القريب والحاضر السائل والمتسارع في تطوراته-من توال للأزمات المالية والتوترات الاجتماعية والأمنية والاضطرابات السياسية وتداعيات الكوارث الصحية والبيئية. من أجل ذلك، ليس هناك فقط إقرار عالمي حالي على نحو مجمع عليه، بأهمية هذه المؤسسات في المساهمة في رفع تحديات البناء والتحديث والتنمية، بل إن هذه الأهمية الحيوية ستتزايد مع الوقت، وسيرتفع الطلب على خدماتها، ويصبح أكثر إلحاحا في مختلف أنحاء العالم، حيث باتت كافة الأطراف المعنية بالتنمية المستدامة وبناء الدولة وضمان استقرار المجتمع ورفاهية أبنائه تستشعر الحاجة والفائدة من وجود جهاز أعلى للرقابة المالية والمحاسبة مستقل وفعال: بدءا بالجهات التشريعية مرورا بالجهات التنفيذية، وانتهاء بالرأي العام خصوصا عندما يكون هذا الأخير معززا بمجتمع مدني حي وحيوي، دون أن يغيب عن بالنا النظام السياسي للدولة ككل، الذي يستفيد من وجود جهاز أعلى للرقابة المالية والمحاسبة قوي وفعال باعتباره جالبا للثقة في الدولة ومروجا لسمعتها السياسية والاقتصادية ولنموذجها المؤسساتي وداعما لطموحاتها الريادية -إن كان لدى قادتها السياسيين هذا الطموح- برؤية واضحة وبصيرة نافذة، مسترشدة بفكرة جوهرية ترقى لمرتبة القانون، مفادها أن مستقبل التنمية والتحديث في ظل الاستقرار مرهون بالرقابة والمحاسبة وحسن الأداء.

مقال قد يهمك :   الوريقي عادل: الرقابة المالية بين تحديات التفعيل ورهان الحكامة الجيدة.

3. مراجعة الأدبيات السابقة

لقد اعتمد هذا البحث، المنطوي على مجموعة من الأبحاث الفرعية، والذي يؤهله موضوعه الأصيل، وحجمه وتعدد محاوره، وصبغته الشاملة والمتنوعة، بالمقارنة مع ما هو موجود حتى الآن من أدبيات عالمية أكاديمية ومهنية، محدودة جدا ويغلب عليها التنظير على المستوى الأكاديمي المهيمن عليه من الباحثين، المنتمين لتخصص علم الاقتصاد السياسي، والتجزئة والتناثر والصبغة الوصفية التقريرية على مستوى التقارير والدراسات المتخصصة المنجزة من طرف المنظمات المهنية الدولية والإقليمية والمعاهد الإدارية التابعة لها، يؤهله كل ذلك ليكون فريدا من نوعه بقياس عالمي.

وبمراجعة أهم الأدبيات الأكاديمية، نلاحظ أن مور (2013) يركز على القيمة العامة للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة؛ التي عرفها على أنها يتم تسليمها من ثلاث نقاط في “مثلث استراتيجي”. وهي:

 متابعة مفهوم القيمة العامة؛
 ومصادر الشرعية والدعم لإدامة الجهاز؛
 وتطوير ونشر القدرة التشغيلية لتحقيق النتيجة المرجوة.

ولا يمكن تقديم القيمة العامة والإبلاغ عنها كمفهوم واحد، ولكن كمزيج من كل من هذه النقاط الاستراتيجية. إن النظر في هذه الجوانب الثلاثة سيعزز التعلم والتطوير، ويبني إيصال القيمة العامة للتأكد من كيفية قيام الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة بإضافة القيمة، وعلى هذا الأساس اتجه الباحثون نحو تحليل تقارير الأجهزة العليا للرقابة المالية مقابل هذه النقاط الاستراتيجية الثلاث. وعلى أساس آخر، وهو أن الاستقلال باعتباره المعيار الأول المتعارف عليه عالميا لحسن تنظيم وسير عمل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، يعتبر مصدرًا للشرعية لضمان ديمومتها في تحقيق رسالتها بمرور الوقت.

وفي نفس الاتجاه، يرى نوتشي (2012) أن المعايير الدولية للرقابة الصادرة عن المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (إنتوساي)، تدل على فهم مشترك بأن للأجهزة العليا للرقابة المالية هدفًا رئيسيًا وهو المساءلة العامة، بدلاً من كونها مجرد وكالات مراقبة أو مكاتب مراجعة فنية تخدم البرلمان. ووجد (خاصة من خلال عمليات تدقيق الأداء) أنها تضمن “مساءلة التعلم والحوكمة الفعالة”.بينما يقول نورمانتون (1966) أن المدققين يخاطرون باستقلالهم من خلال مراجعة السياسة العامة، فيما يجادل البعض بأن هذا المبدأ قد تم خرقه عندما تقوم مراجعات الأداء بتقييم جوهر البرامج، أي البرامج التنموية. وهو نفس الرأي الذي عبر عنه برازلي، (1997) وكل من غراسكو وشاركانسكي (2001)؛ ويلاحظ روبرتسون (2013) أن اللجنة البرلمانية المختصة في الحسابات العامة تحاسب الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في المسائل العملية والنزاهة، على عكس الكفاءة والفعالية.

فيما يشير باريت (2002) إلى أن هذه المحاسبة تمثل تحديًا خاصًا، عندما يصعب الفصل بين السياسة والتنفيذ. وقد استخدم الباحثان الألمانيان بلوم وفويغت (2007 و2011) في تقييمهما للقيمة المضافة من قبل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة تصنيف البنك الدولي (2001) الذي يصف ثلاثة هياكل مختلفة لتلك الأجهزة، وهي:

نموذج نابليون -محكمة بها قضاة يركزون على عمليات المراجعة القانونية للحسابات، ولكن مع القليل من المشاركة البرلمانية؛ ونموذج وستمنستر / بقيادة فردية مع تقديم الجهاز الأعلى للرقابة تقارير إلى لجنة الحسابات العامة بالبرلمان والتركيز على جوانب الأداء المالي أكثر من النموذج النابليوني؛ ونموذج (البورد) الذي يشبه نموذج وستمنستر ولكن يرأسه مجلس جماعي للإدارة بدلاً من مراجع عام واحد.

ويشير كل من نورتون وسميث (2008) إلى أن المهم هو لمن يبلغ الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة أعماله وما هي سلطاته في تطبيق القانون. ويعتقدان أن سلطة مكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي في استدعاء أعضاء السلطة التنفيذية للمحاسبة (بشأن قضايا تخصيص الاعتمادات)، يجعله أكثر فعالية من نظيره في المملكة المتحدة. ولاحظ كل من فريدبرغ ولوترين (2005) أن “المراجعات جزء حيوي من الضوابط والتوازنات في عملية الموازنة الحكومية”، ومنع الاحتيال والتبذير، والتحقق من الاستقامة والشرعية.

وحذر سانتيسو (2015) من أن تكون الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أضعف في ضمان مساءلة القطاع الحكومي عندما يكون لديها علاقات هشة مع البرلمان فيما يخص دوره كمدقق في ترخيصات الميزانية. كما لاحظ أن افتقار البرلمان للقدرة الفنية في التدقيق عامل آخر. وقدم الباحثان ريشبورن وجينرود (2015) أمثلة عن كيفية تعزيز الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة للمساءلة ، من خلال العمل مع الأطراف المعنية وأصحاب المصلحة الآخرين. وفي مؤلف قديم نسبيا أكد ويلكينز (1995) على أنه من الصعب إيجاد مقياس موضوعي لكيفية زيادة قيمة الأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة للمساءلة بالنسبة للدولة والمجتمع. ويقترح تدابير بديلة مثل التقييم من قبل “مراقبين آخرين ذوي صلة من أطراف ثالثة لمساهمة مكاتب التدقيق في مساءلة القطاع العام”.

وتتضمن تقنيات التدقيق الجديدة الاستخدام المتزايد لاستطلاعات المستفيدين من الخدمة، ومجموعات التركيز، ومجموعات المصالح الخارجية التي تحددها، مما يزيد من قوة المراجعة وبالتالي قيمتها، حسب كل من تالبوت وويغان (2010).

بالإضافة إلى ذلك، وفيما يتعلق بمراجعة الأداء، تبين من خلال دراسة آرثر وآخرون (2012) كيف يتوقع البرلمان أن يقوم الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في الدولة بفحص ما إذا كان المستفيدون والمستخدمون راضين عن الخدمات الحكومية. ويعد نشر تقرير سنوي وخطة سنوية من الإجراءات التي اقترحها الباحث أزوما ليس فقط لتمكين الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة من القيادة بالقدوة، ولكن أيضًا للتعبير عن النتائج التي يعمل الجهاز الرقابي على تحقيقها والمخرجات التي حققها. وعلى سبيل المثال، فقد راجع الخطط الاستراتيجية والخطط السنوية والميزانيات والتقارير السنوية التي تنشرها الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في أستراليا وكندا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. ولخص أهدافها (النتائج)، ومؤشرات وأهداف الأداء الإداري، وربط المخرجات بالنتائج (والنتائج المتوسطة)، وكيف قامت بقياس ذلك (أزوما، 2004).

ومع ذلك، لاحظ كل من كلارك ودي مارتينيس وكرامبيا كابارديس (2007) أن اثنين فقط من بين 26 جهازا أعلى للرقابة المالية والمحاسبة في أوروبا مطالبة بإجراء تدقيق لأداء أنشطتها الخاصة، في حين أن التشريعات الأخرى صامتة بالنسبة للباقي. من جهة أخرى هناك خطر من أن البرلمان يمكن أن يستخدم نتائج التدقيق لتقويض استقلالية الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة، من خلال انتقاده دون داعٍ (فونيل، 2015)، وخلصت الباحثة الكندية موران (2001) إلى ملاحظة مثيرة للانتباه وهي أنه من التبسيط قياس نجاح التدقيق لمجرد قبول التوصيات التي تتمخض عنه. وقامت موران بإعادة مراجعة دراستها حول تأثير الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، من خلال تحليل تأثير تدقيقات الأداء على ست إدارات كندية من 2001-2011. ولاحظت: “إن التأثير الكلي لـلمدققين العامين على إدارة الهيئات الحكومية التي تمت مراجعتها، كما يراها المجيبون، يشير إلى أن تأثير المدقق العام “بعيد عن الوضوح” (موران، 2014).

مقال قد يهمك :   الجباري: مسببات ارتفاع منسوب ظاهرة الجريمة

ويعتبر التركيز على الجوانب السلوكية للمراجعة والتدقيق جزءًا من التغيير الذي أحدثته إصلاحات القطاع الحكومي الجارية في الدولة، حيث أشار كل من جيمس وديفيز (2004) إلى أن “الحكومة المفتوحة” من المحتمل أن تقرب المدققين من الجهات الخاضعة للرقابة والجمهور. ويقدم كل من فان لوط وبوتس (2011) مؤشرات التأثير المستخدمة من قبل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة لقياس مدى مساهمتها الفعلية في الإصلاح والتنمية وبناء الدولة.

نستخلص من هذه المراجعة لأبرز وأخر الأدبيات الأكاديمية الأنجلوسكسونية الطابع الجزئي والمستهدف للموضوعات المطروقة، وركزنا في جمعها على علاقتها بتكوين هذه الأجهزة ومبادئها التأسيسية وخصوصا لقيمتها المضافة بالنسبة للدولة والمجتمع، وكيف يمكن للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أن تقيس تأثيرها الإيجابي. وهذا الذي تطرقت إليه هذه الأدبيات، تناولناه بشكل معمق ومفصل وأكثر توضيحا وتمثيلا في ثلاثة فصول فقط، من الفصول العشرة للكتاب وهي: الفصل الأول (ماهية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة)، والفصل الثاني (نماذجها ونظمها ووظائفها) والفصل التاسع (التحديات التي تواجهها وسبل الاستجابة لها)، فيما ناقشنا بنوع من التركيز المعمق النقطة المتعلقة بتأثير هذه الأجهزة من خلال عرض ومناقشة المعيار الدولي 12 حول قيمة وفوائد الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ولا سيما بعلاقة مع موضوع التنمية في بعدها التطبيقي، ضمن الفصل الثامن من الكتاب (تحسين الخدمات والمشاريع التنموية). وفي هذا الصدد، وللامتثال للمعيار الدولي 12 ولتلمس مدى تقديم قيمة عملية للدولة والمجتمع من قبل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، بات اليوم من الممارسات الفضلى المطالب بها على نحو متصاعد، أن تقدم هذه الأجهزة تقريرًا خاصا عن القيمة التي تضيفها للتنمية كجزء لا يتجزأ من كل تقرير سنوي صادر عنها.

وبخصوص الأدبيات المهنية فهي تصدر بطبيعتها مستهدفة محورا معينا محدودا أو دولة معينة أو محكوعة من الدول، وهي مقصورة في الغالب على تجارب الدول التي تنتمي للنموذج الانجلوسكسوني، وقد تناولت تارة التعريف بهذه الأجهزة وتارة تصنيفها، وطورا أنواع التدقيق وطورا آخر تقييم أداء وتحديد منافع هذه الأجهزة من خلال دراسة تقاريرها أو استجواب المستفيدين من خدماتها، وكذا علاقاتها بالبرلمان…إلخ وهي صادرة عن المؤسسات التنموية والمالية الدولية أو المعاهد المهنية أو مكاتب الدراسات التي تشتغل بناء على تكليف من الممولين. وهي مشار إليها في هوامش كل فصل وفي مصادره ومراجعه، ولا سيما الفصل التاسع.

أما بخصوص الأدبيات الفرنكفونية فتركز على الجوانب القانونية والقضائية لمحاكم الحسابات نذكر منها أعمال كل من فرانسيس فابر في أحكامه الكبرى للاجتهاد القضائي المالي بطبعاته الأربعة المتوالية منذ سنة 1966 إلى سنة 1996 والذي استكمل مشروعه كتاب آخرون من خلال الطبعات الخامسة 2001 و السادسة 2007 و السابعة 2011 ، ومؤلفات جاك مانييه الفقهية المرجعية ابتداء من سنة 1971 وحتى وفاته سنة 2001 حول مناهج وإجراءات الرقابة القضائية وصلاحيات ووظائف محاكم الحسابات، وفي العقدين الأخيرين برزت أعمال الفقيهين البارزين ميشال لاكومب وغزافييه فاندندريش المنشورة على الخصوص في مجلة الخزينة Revue du trésor ، والتي تغير إسمها وأصبح حاليا : “الإدارة والمالية العامة” Gestion et finances publiques.

إضافة للأعمال التي تناولت تقارير هذه المحاكم حول قضايا ومحاور معينة كالتقارير المواضيعية في السياسات العامة والتي يغلب عليها طابع الامتثال أكثر من القيمة مقابل المال. وقد تطرق لها مجموعة من الباحثين والممارسين نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الباحثة دولاماريه والممارس جاك باريلاري، ويمكن الرجوع إلى جانب مهم من هذه الكتابات بالمجلة الفرنسية للمالية العامة RFFP على الخصوص.

وخلاصة القول، إن الكتاب الذي نقدمه بين يدي القارئ الكريم هو تتويج تراكمي لمسيرة متواصلة من البحث في هذا المنيدان نتاجها 14 مؤلفا في نفس الموضوع والمئات من الدراسات والمقالات العلمية، فهو يتسع لكل المحاور المذكورة في الأدبيات بشكل متناثر، بل ويتجاوزها ويتوغل في مختلف أبعادها، متناولا إياها بمختلف المقاربات والمناهج العلمية والتطبيقية، مع ميزة خاصة وهي أنه مكتوب بقلم باحث وممارس في الميدان، في نفس الوقت، بحيث لم يتم الاكتفاء بالجمع والتنسيق والتصنيف والإضافة والتحديث (القيمة المضافة الأولى، تراكمية)، بل تجاوزه للتحليل النقدي والاقتراح والمراجعة والتصويب (القيمة المضافة الثانية، تأصيلية وتجديدية)، والتي سنحاول التدليل عليها عبر كل المحاور والتفاصيل التي يتضمنها والتي يمكن إعادة اكتشاف عصارتها من خلال الاطلاع على الملخصات التي تتوج جميع فصوله العشرة وخصوصا من خلال التوصيات الختامية والتي تشكل حصاده النهائي.

4. التأسيس المنهجي
بناء على مراجعة تلك الأدبيات، نعلن من الآن، عن حكم قيمة نعرضه للاختبار والتجريب، مفاده أن هذا البحث هو الأول من نوعه عالميا، على العموم والإطلاق، من حيث الشمولية والاتساع فضلا عن الأصالة المعرفية والمنهجية في هذا الموضوع الدقيق، لا فقط من حيث تنوع الموضوعات الفرعية التي ينطوي عليها وتشعب أبعادها، ومن حيث العناية بمختلف التوجهات والمدارس والمناهج، بل أيضا وبالموازاة مع ذلك، من حيث تجلياته التطبيقية وتلويناته الإجرائية، من خلال استعراضه الوافي للحالات الميدانية من منظور مقارن متعدد التوجهات. لقد اعتمدنا فيه مقاربة متعددة الأبعاد وديناميكية، ذات أفق عالمي من جهة، ومضمون في أغلبه الأعم ذو طابع فني وعملي ينتمي لدائرة السياسات التطبيقية Applied politics من جهة أخرى. يقوم على عدة مناهج متداخلة ومندمجة وهي المنهج الوصفي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن والمنهج النقدي والمنهج المعياري والمنهج التطبيقي (من خلال نهج دراسة الحالات)، ومع أنه يمكن إلحاقه أكاديميا بتخصصات العلوم الإدارية والاقتصادية والقانونية، كما أنه يلامس بقوة علم الاجتماع (علم الاجتماع التطبيقي Applied sociology ) وإلى حد ما علم السياسة (الشق التنفيذي للعملية السياسية). فإنه ليس مؤلفا أكاديميا بالمعنى الضيق والصارم للمفهوم وإنما هو عبارة عن دليل معرفي وإرشادي متخصص وفي نفس الوقت مفتوح لجميع المعنيين والمهتمين بموضوع الحوكمة الرشيدة والإدارة المالية العامة والرقابة والمحاسبة في سياق التنمية المستدامة وبناء الدولة العصرية وتحديث وتقوية مؤسساتها.

وتتمثل المقاربة الديناميكية في الأخذ بقواعد العرض الوصفي تارة، والتحليل تارة أخرى، والمقارنة طورا، والتعليق النقدي طورا آخر، فضلا عن القواعد العامة للضبط والترتيب الأكاديميين كوعاء عام. وهي مقاربة تزاوج بين المنهجية العلمية النظرية إلى هذا الحد أو ذاك، والمنهجية العملية التطبيقية المهنية، مع أرجحية فاقعة للثانية على الأولى. وهكذا، ومع أن الكتاب لا يخلو من مقدمات ومناقشات تتناول على نحو خفيف بعض التعريفات والبرديغمات في مجالات العلوم الاجتماعية بالمعنى الواسع ولا سيما ذات الصلة بعلم الإدارة وعلم المنظمات أو سوسيلوجيا المنظمات، كما تتضمن إسهامات تأصيلية لكاتب هذه السطور، من قبيل إعادة تحديد عناصر تعريف الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وإعادة تصنيف ووظائفها، فإن الضابط العام للكتاب من حيث المنهجية هو الضابط العملي المرتكز على الجوانب التطبيقية الفنية والاجرائية وما يرتبط بها من أوعية مؤسساتية ونظم إدارية ومالية تتصل بالدولة ومؤسساتها، وكل ذلك من منظور عالمي مقارن يستعرض مختلف التجارب العالمية والمدارس المؤسساتية والنماذج الرقابية على تنوعها مع الوقوف على ما استقر عليه المجتمع الدولي الإداري عموما والرقابي خصوصا من مبادئ وقواعد وما توافق عليه الخبراء الدوليون من معايير ودلائل وإجراءات. طبعا، مع حرصنا على تقديم قيمة مضافة نوعية، من خلال اللمسات النقدية والاقتراحية للباحث كاتب هذه السطور انطلاقا من تجربته الشخصية المزاوجة بين الخلفية الأكاديمية الممتدة في الزمن (أكثر من 26 سنة في ممارسة التدريس والبحث الجامعيين في العلوم الإدارية والمالية والقانونية والسياسية) والخبرة الميدانية الواسعة والمتصلة حتى كتابة هذه السطور، بدون انقطاع بموضوع الكتاب الأساسي، وبموضوعاته الفرعية ومحاوره التفصيلية (أكثر من 30 سنة من الممارسة في دروب الإدارة وميادين وفعاليات الرقابة المالية والمحاسبة وطنيا وعربيا ودوليا).

مقال قد يهمك :   قرار مفاجئ قد يعيد قانون التنظيم القضائي الجديد إلى نقطة الصفر

5. الجمهور المستهدف
والغرض من اعتماد تلك المقاربات والقواعد على تنوعها، مقصود وتبرره فكرتان؛ الفكرة الأولى: الالتزام بضرورات محتوى المواد المكونة لهذا البحث بناء على القاعدة القائلة: إن الموضوع هو الذي يخلق المنهج وليس العكس. الفكرة الثانية: السعي لأن يكون الكتاب قريب المأخذ لجميع قرائه، أجل، يتوقع كاتب هذه السطور أن يجد فيه الطالب المبتدئ مأربه، وينال منه الباحث الأكاديمي وطره، إلى جانب الخبير المحترف والمدير المتمرس. وهو بالتأكيد يستجيب لحاجة كل معني ببناء دولة عصرية رشيدة ونزيهة، من أساتذة جامعيين ومدربين مهنيين، ونشطاء مهتمين بقضايا الشفافية والمساءلة والرقابة على المال العام في سياق الحوكمة الرشيدة والتنمية.

6. الغاية المثلى والأمنية الأسمى
لكن الغاية المثلى التي يتوسلها كاتب هذه السطور، والتي تمثل أغلى أشواقه وأسمى أمانيه هو أن يجد الزعماء السياسيون والقادة التنفيذيون ضالتهم في موضوع الكتاب، فيتمعنوا فصوله ويتدارسوا بعناية ونظرة بناءة استنتاجاته وتوصياته، من أجل بحث إمكانية ترجمتها إلى قرارات نافدة وسياسات عملية فاعلة لعلها تساعد في تقريب المسافة وتعبيد الطريق نحو التنمية المنشودة وبناء الدولة العتيدة وتحديث مؤسساتها وتصليب عودها خدمة للمجتمع والمواطن. خصوصا في ظل هذه الظروف (النصف الأول من سنة 2020) التي تسعى فيها القيادات العليا ومختلف السلطات الحكومية لحشد الطاقات في سبيل مواجهة التحديات الواقعية (ومنها التحديات الطارئة المتمثلة في وباء كورونا وارتداداته) وذلك من خلال بلورة وتطوير نموذج تنموي جديد يتوخى العدالة والإنصاف والاندماج الاجتماعي والتقدم الاقتصادي على ضوء التوجهات العالمية وعلى رأسها أجندة التنمية المستدامة التي تعلي من شأن قطاعي التعليم والصحة. وثقتي كبيرة وأملي وطيد أن يكون هذا المنتج العلمي المتواضع قد أتى في الوقت المناسب وفي سياقه التاريخي الملائم وطنيا وإقليميا وعالميا.

7. توصيفات مختصرة لمحتويات الكتاب
يتكون الكتاب، الذي يقع في جزأين، من مقدمة وعشرة (10) فصول، تتوزع على ثلاثة (3) أبواب، إضافة إلى توصيات:

الباب الأول: الأجهزة العليا للرقابة المتتالية والمحاسبة، عرض شامل وتحليل مقارن

يعنى بتقديم عرض شامل وصفي وتحليلي ومقارن ونقدي متكامل حول الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، من منظور عالمي، وذلك من خلال الفصول الأربعة التالية:

الفصل الأول: ماهيتها ومنافعها وتاريخها

يقدم الفصل الأول تعريفا شاملا ومركزا لماهية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ويناقش عناصر هذا التعريف ويسلط الضوء على خصوصية هذه الأجهزة من حيث رسالتها ومهامها ومنافعها، ويستعرض تطورها التاريخي.

الفصل الثاني: نماذجها ونظمها ووظائفها

يتناول الفصل الثاني مختلف النماذج المدرسية والأنماط التنظيمية ووظائف وصلاحيات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وكذا أنواع الرقابة التي تمارسها ونقاط قوة وضعف كل نموذج ونظام ونوع رقابي.

الفصل الثالث: قواعدها الفنية وإجراءاتها

يتناول الفصل الثالث الأنواع الثلاثة الأساسية للتدقيق وهي التدقيق المالي؛ وتدقيق الامتثال أو الالتزام؛ وتدقيق الأداء، وذلك على مستوى القواعد الفنية والإجرائية لكل نوع من هذه الأنواع، وكيف تتباين أو تتكامل فيما بينها وماهي التوجهات الحالية والمستقبلية لأفضل تطبيق لقواعد وإجراءات التدقيق ولا سيما التحول نحو البعد التقييمي للرقابة، بعلاقة مع التنمية ومتطلباتها وبناء الدولة واحتياجاته واشتراطاته.

الفصل الرابع: منظماتها ومعاييرها الدولية

يضيء الفصل الرابع على الأبعاد التنظيمية والمعيارية العالمية فيما يتصل بمجال اشتغال الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، وما يصنع في مطابخ المجتمع الدولي من خطط وسياسات وما يصادق عليه من معايير وضوابط، تشكل مرجعية دولية تنير الطريق لهذه الأجهزة في سبيل التنفيذ الأمثل والأكثر مصداقية وتأثيرا لمهام الرقابة والتدقيق، من خلال المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وعلى رأسها المنظمة الرقابية الدولية الأم (إنتوساي).

الباب الثاني: مساهمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في التنمية وبناء الدولة من منظور عملي

يركز الباب الثاني مجهر التحليل المعمق والمقارن والنقدي على مساهمة الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في التنمية وبناء الدولة وتحديث وتقوية مؤسساتها من منظور عملي، وذلك من خلال الفصول الأربعة التالية:

الفصل الخامس: حفظ النظام وصيانة الشرعية

يعالج الفصل الخامس دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في مجال المساءلة العامة فيما يتعلق بالامتثال للنظام العام ومبادئ الشرعية القانونية، بمختلف تطبيقاته وتوجهاته العالمية مع التركيز على نموذج المحكمة الذي يغلب على نموذجه الرقابي التركيز على الامتثال للقانون، كما يتوقف عند الصعوبات التي يعاني منها هذا النموذج في الالتحاق بركب الدول التي تسير وفق النموذج الأنجلو سكسوني المتقدم والتي تنحو منحى المساءلة على مدى احترام القانون وحفظ النظام بالموازاة مع التزام الفعالية في الأداء سواء بسواء.

الفصل السادس: تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة

يستعرض الفصل السادس بالتحليل العميق والمقارن وبالفحص النقدي المهام والأهداف الأساسية التي تشكل علة وجود هذه الأجهزة، والمتمثلة في ترسيخ النزاهة والشفافية والمساءلة في إدارة المالية العامة بصفة خاصة وفي إدارة الشأن العام بصفة عامة.

الفصل السابع: بناء الدولة وتقوية المؤسسات

يتناول الفصل السابع تأثير الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة الإيجابي على أداء الدولة لوظائفها وعلى مصداقية وعقلانية تدخلاتها وكيف تساهم في تجديد أدوارها بما ينعكس على شرعيتها وقوة ومتانة مؤسساتها.

الفصل الثامن: تحسين الخدمات والمشاريع التنموية

يتناول الفصل الثامن العلاقة التفاعلية البناءة بين دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وبين جهود الدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية العادلة والمنصفة، ويركز من خلال أمثلة تطبيقية متنوعة على آليات وتجليات هذا الدور من خلال توصيات واستشارت هذه الأجهزة على مستوى تحسين الخدمات وتعظيم أثر البرامج والمشاريع التنموية. وختمناه بالإضاءة على مفهوم وتطبيق المساءلة على أداء الخدمات من خلال نموذجين عمليين رائدين من العالم العربي.

الباب الثالث: مستقبل الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في سياق الأجندة العالمية للتنمية المستدامة

يتناول تحديات وآفاق الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في سياق الأجندة العالمية للتنمية المستدامة، وذلك من خلال الفصلين التاليين:

الفصل التاسع: التحديات التي تواجهها وطرق الاستجابة لها

يتناول الفصل التاسع تحديات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة والمشكلات التي تواجهها وتعرقل أدءها لوظائفها ومهامها الرسالية، كما تطرح مختلف التدابير والإجراءات الكفيلة بمساعدتها على التغلب على المصاعب والاستجابة لتلك التحديات بما فيها تلك المناهج والأدوات المستعملة في قياس أداء الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وفقا للمعايير والممارسات الفضلى الدولية.

الفصل العاشر: أي مساهمة للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في تنفيذ خطة 15-30؟

يجيب الفصل العاشر على سؤال كيف تساهم الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة عمليا في السير بأجندة التنمية المستدامة 15-30 إلى غاياتها المنشودة عبر الجهود الميدانية في مراجعة تنفيذها على المستوى الوطني ومتابعة مساراتها ونقل خبراتها وقيمها الأخلاقية والمهنية إلى المؤسسات الحكومية التي تتولى تنفيذ برامج وأهداف التنمية المستدامة القطاعية.

توصيات:

عصارة ما انتهى إليه البحث جاء في صورة توصيات (50 توصية عملية) موجهة لأصحاب القرار السياسي والإداري من أجل الرفع من قيمة وفوائد الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في التنمية وبناء الدولة وتحديث وتقوية مؤسساتها، وذلك من أجل تعظيم أثر مساهمتها في تلبية احتياجات مواطنيها وتحقيق طموحاتهم المشروعة في مجتمع سعيد ومتماسك ومتطلع للمستقبل بكل ثقة واقتدار.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)