رئيس المجلس الجهوي للموثقين بوجدة يبرز واقع مسؤولية الموثق وآفاق المهنة بالمغرب

مجلس أوربا يثمن مجهودات رئاسة النيابة العامة ويمنح المغرب العضوية بالمجلس الاستشاري للوكلاء الأوربيين

مختصون بمحكمة الاستئناف بوجدة يقاربون مسؤولية الموثق في التشريع المغربي والمقارن

3 مايو 2019 - 6:05 م في الواجهة , أنشطة علمية , ندوات ومؤتمرات
  • حجم الخط A+A-

إعداد: ياسين إبن مسعود المدير العام لموقع مغرب القانون

انعقدت أمس بمحكمة الاستئناف بوجدة في إطار برنامج التكوين المستمر المسطر على مستوى الدائرة القضائية لهذه المحكمة ندوة علمية تحت عنوان : 

مسؤولية الموثق

وقد افتتح رئيس المجلس الجهوي للموثقين بوجدة الأستاذ محمد لحبيب هذه الندوة التي ترأسها الأستاذ خليل متحد نائب رئيس المجلس الجهوي بمداخلة تحت عنوان : “مسؤولية الموثق: الواقع والآفاق” حيث ذكر بالإطار القانوني لعمل الموثق والمتمثل في القانون رقم 32.09 وإبراز دور الموثق في ترسيخ الأمن القانوني والتوثيقي بالمغرب من خلال المسؤولية الجسيمة التي تقع على عاتقه.

مع الإشارة إلى الطابع الزجري الذي يطغى على نصوص القانون 32.09 وأثر ذلك على ممارسة الموثق للمهام المنوطة إليه.

ليركز بعد ذلك الأستاذ محمد لحبيب على بعض النقط الرئيسية التي اعتبرها مهمة جدا للرقي بمهنة التوثيق وفي مقدمتها المراقبة المستمرة لمكاتب الموثقين، والمطالبة بالسماح للموثقين بالولوج لقاعدة البيانات المتوفرة لدى الأمن الوطني لتمكين السادة الموثقين من التأكد من هوية الزبناء والمتعاقدين وهو ما سيشكل قفزة نوعية للقضاء على جرائم التزوير وترسيخ الحكامة التوثيقية.

كما أبرز المتدخل أهمية تمكين الموثق من الولوج إلى البيانات المضمنة في السجل التجاري للاطلاع على المعلومات المتعلقة بالأشخاص المعنويين ومن يمثلهم قانونا، مع المطالبة بإحداث السجل الوطني للوكالات لما لذلك من دور في القضاء والحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير التي عرفت تطورا خطيرا في السنوات الأخيرة وهو ما استدعى تدخلا ملكيا عبر الرسالة الموجهة لوزير العدل.

كما دعى المحاضر في الأخير إلى توفير منصات متعددة للتبادل الإلكتروني للمعطيات والمعلومات وذلك من أجل توفير الحماية اللازمة للموثق والمتعاقدين على حد سواء، حيث أشار المتدخل إلى التجربة المتميزة المتعلقة بمنصة التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بين الموثقين ومصالح المحافظة العقارية وذلك من خلال اتفاقية التبادل الالكتروني التي وقعت بين المجلس الوطني للموثقين والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح والخرائطية بتاريخ 15 أبرل 2019.

مقال قد يهمك :   محكمة النقض: جنحتي السكر العلني البين والسياقة في حالة سكر فعلان منفصلان تحكمهما مقتضیات مختلفة

في حين كانت المداخلة الثانية من نصيب الأستاذ طارق صبري نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بوجدة وذلك تحت عنوان : “المسؤولية التأديبية للموثق” حيث عمل على مقاربة القانون 32.09 المتعلق بمهنة االتوثيق من خلال قراءتين تنطلق الأولى من التصور الذي أراده المشرع للقانون 32.09 ، في حين ترتكز الثانية على ملاحظات المتتبع والممارس للعمل القضائي.

ويرى المحاضر أن المشرع وهو بصدد تنظيم المسؤولية التأديبية للموثق قد خرج عن النمط العادي لأنظمة التأديب إذا ما قورن بانظمة أخرى كما هو الشأن بالنسبة لمهنة المحاماة أو الخبراء المحلفين، وهو ما يفهم منه خطورة المسؤولية التأديبية التي تقع على عاتق الموثق وهو بصدد ممارسة مهنته.

ليعرج بعد ذلك المتدخل لمناقشة المواد القانونية المؤطرة للمسؤولية التأديبية للموثق بدءا بالمادة 2 من القانون 32.09 التي تفرض على الموثق التقيد في سلوكه المهني بمبادئ الأمانة والنزاهة والتجرد والشرف وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة. مرورا بالمادة 13 المتعلقة باليمين القانونية حيث يؤدي الموثق  بعد تعيينه وقبل الشروع في مهامه اليمين  أمام محكمة الاستئناف المعين بدائرتها في جلسة خاصة يرأسها الرئيس الأول بحضور الوكيل العام للملك وكذا رئيس المجلس الجهوي للموثقين الذي يتولى تقديم المترشح وذلك بصيغة ” أقسم بالله العظيم أن أؤدي بأمانة وإخلاص المهام المنوطة بي، وأن أحافظ على السر المهني، وأحترم كل الواجبات التي تتطلبها المهنة”.

ليعرج في ختام مداخلته لمناقشة المواد 75 و76 و77 وما بعدها من القانون 32.09  خاصة ما ما يتعلق بأصناف العقوبات التأديبية التي قد يتم إيقاعها من طرف الموثق بدءا بعقوبة الإنذار ؛ التوبيخ ؛الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تتجاوز سنة ؛و أخيرا العزل باعتباره أقصى عقوبة تأديبية يمكن إيقاعها على الموثق.

أما المداخلة الثالثة فقد كانت من نصيب الأستاذ علي أحنين نائب رئيس المحكمة الابتدائية بوجدة وذلك تحت عنوان: “المسؤولية الجنائية للموثق” حيث ذكر المحاضر بازداوجية المقاربة التي تبناها المشرع المغربي وهو بصدد تأسيس البناء القانوني للمسؤولية الجنائية للموثق بدءا بنصوص القانون الجنائي و انتهاء بالمقتضيات الزجرية المنصوص عليها في القسم الخامس من القانون 32.09 المتعلق بمهنة التوثيق.

مقال قد يهمك :   تذييل الحكم الأجنبي بالطلاق بالصيغة التنفيذية (حكم قضائي)

مع التذكير بالفراغ التشريعي الذي كان واضحا في ظل الظهير الشريف الصادر في 10 شوال 1343 ‏(4 ماي 1925) المتعلق بتنظيم التوثيق والذي تم نسخه بموجب المادة 132 من القانون 32.09

كما أورد المتدخل النقاش الفقهي  بخصوص اعتبار الموثق موظفا عموميا طبقا للفصل 224 من القانون الجنائي المغربي، وأحكام المادتين 90 و 91 من القانون 32.09 التي تمنع على الموثق القيام مباشرة أو بواسطة الغير بأي عمل يدخل في نطاق سمسرة الزبناء أو جلبهم متسائلا حول سكوت المشرع بخصوص قيام هذه الجرائم بتوفر القصد الجتائي أم بالخطأ بإهمال؟ 

كما اعتبر المتدخل أن استعمال المشرع لتقنية الإحالة الخارجية مجرد تضخم تشريعي، خاصة في المادة 89 من القانون 32.09  التي تعاقب الموثق عن كل تصرف مخالف لقرار العزل أو الإيقاف الصادر ضده طبقا لمقتضيات الفصل 381 من مجموعة القانون الجنائي. اوالإحالة الموجودة في المادة 93 التي تنص على أن كل  من ادعى صفة موثق دون أن يستوفي الشروط اللازمة لحمل هذه الصفة أو استعمل أي وسيلة ليوهم الغير بأنه يزاول مهنةالتوثيق يعتبر منتحلا لمهنة نظمها القانون، ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفصل 381 ‏ من مجموعة القانون الجنائي.

وقد ركز المتدخل في الأخير على أمثلة لبعض الجرائم التي ترتب المسؤولية الجنائية للموثق بدءا بجريمة إفشاء السر المهني المنصوص عليها في الفصل 446 من القانون الجنائي مرورا بجريمة غسل الأموال التي أطرها المشرع بالقانون 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.

حيث أن تقديم الموثق عن علم استشارة لزبون من أجل تحويل أموال قذرة لأموال مشروعة من شأنه أن يرتب المسؤولية الجنائية للموثق باعتباره مشاركا طبقا لأحكام الفصل 129 من القانون الجنائي.

وقد ختم المتدخل بجريمة التزوير المنصوص عليها في الفصول 351 و352 و353 من القانون الجنائي المغربي مبرزا توجه المشرع الفرنسي في هذا الصدد، مع التذكير بالنقاش الفقهي المتعلق بالتزوير المعنوي من خلال إمكانية اعتبار الصورية مظهرا من مظاهر التزوير.

مقال قد يهمك :   إدريس فجر : حماية الأجير و المقاولة بين القانون و الواقع

أما المداخلة الرابعة و الأخيرة فقد كانت من نصيب الأستاذ فتح الله تيزاوي تحت عنوان: “المسؤولية المدنية للموثق- دراسة مقارنة مع التشريع الجزائري-“ حيث تناول فيها المتدخل ماهية الخطأ التأديبي المهني وأهم أركانه وحالاته، مع إبراز النقاش الفقهي القضائي بخصوص مدى اعتبار مسؤولية الموثق مدنية عقدية أو مدنية تقصيرية، مذكرا بأحكام الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود المغربي. ليختم مداخلته بالأحكام القانونية المتعلقة بتأمين الموثق على مسؤوليته المدنية.

ليتم بعد ذلك فتح باب المناقشة التي انصبت بالخصوص على مآل أحكام المادة 78 من القانون 32.09 التي تلزم الوكيل العام للملك باستصدار إذن من وزير العدل إذا قدر في إطار سلطة الملائمة المخولة له أن يوقف الموثق مؤقتا عن عمله في حالة ما إذا فتحت متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية ضده إما لأسباب مهنية أو عند اعتقاله بسبب يمس الشرف في ظل الظهير الشريف الجديد رقم 1.17.75 الصادر في 8 ذي الحجة 1438 (30 أغسطس 2017) بتنفيذ القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة وبسن قواعد لتنظيم رئاسة النيابة العامة.

كما تناولت المناقشة الحدود الفاصلة بين المتابعة التأديبية والجنائية و كذا معالم المسؤولية الجبائية التي قد تقع على عاتق الموثق، وإمكانية الحديث عن المسؤولية الجنائية للموثق في حالة إغفال معلومات لم تسبب أي ضرر للزبون. لتختتم الندوة العلمية أخيرا بحفل شاي على شرف المتدخلين والحضور الكريم.

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)