واقع الجهوية المتقدمة بين التدبير الحر و سلطة التداول-جهة كليميم واد نون نموذجا-

  • بقلم حمزة بيهات : طالب باحث في القانون الإداري و تدبير التنمية .

لقد دخل المغرب عصر الاصلاحات السياسية والمؤسساتية منذ عقد من الزمن في إطار ما يصطلح عليه بالقول الديمقراطي لكن هذا المسلسل التحويلي و التحديثي سرعان ما شابه نوع من التعثر والتراجع بفعل إكراهات وعوامل تعزى الى غياب الارادة والقدرة لدى الدولة والمجتمع في خطم هذه الطرفية وكدا ارتباطها بتفاعلاتها مع طاهرة الاحتجاجات في بعدها العربي والتي هبت نسماته على المغرب فجاء الخطاب الملكي ل09 مارس 2011 حول الاصلاحات السياسية والدستورية ليشكل منعطفا جديدا لتتبوأ الجهات والجماعات الترابية مكانة ذات أهمية قصوى في المشهد السياسي بعد تعديل الدستور سنة 2011 الذي اعتبرها مؤسسات مستقلة وذات ” تدبير حر”  قائم على سلطة “التداول” بكيفية ديمقراطية  فضلا على القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات ، ولما منحه الخطاب الرسمي من أهمية لموضوع ” الجهوية المتقدمة اقتصاديا وترابيا وموسعة سياسيا ” ، والنقاش الذي حضي به داخل الأوساط الأكاديمية خلال الفترة الأخيرة خاصة من خلال تسير الجهات الفريدة من نوعها كليميم واد نون نمودجا .

المحور الاول : الجماعات الترابية بين مبدأ التدبير الحر و سلطة التداول .

شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة إصلاحات هامة في إطار ترسيخ اللامركزية واللاتمركز، وتدعيم أسس الديمقراطية وبناء صرح التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتكريس العدالة المجالية من خلال توزيع الاختصاصات وتكريس المشاركة المحلية في صناعة القرار.

ويمثل مبدأ التدبير الحر المنصوص عليه في الفصل 136 أحد أهم تجليات الحكامة الترابية التي أقرها دستور 2011، فضلا عن كونه يشكل منعطفا هاما في مسار تعزيز اللامركزية الإدارية، باعتباره يمكن الجماعات الترابية من تدبير شؤونها وبلورة اختياراتها وتنزيل مخططاتها وبرامجها التنموية بكيفية مستقلة، ولا يسمح بتدخل ممثلي السلطة المركزية (الولاة والعمال) في أنشطتها ومهامها إلا في الحدود التي يتيحها القانون.

ذلك أن السلطة المركزية انتقل دورها من الوصاية إلى المساعدة والمصاحبة، حيث أنه طبقا للمادة 145 من الدستور ” يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية”.

لكن مع الابقاء على المراقبة الإدارية المنصبة أساسا على شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات المجلس، وكذا المراقبة القبلية للمقررات ذات الوقع المالي على النفقات والمداخيل والمقرر المتعلق بالميزانية، والمقررات المرتبطة بإحداث المرافق التابعة للجماعة، والتي لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من قبل الوالي أو العامل.

مقال قد يهمك :   سليمة فراجي: التحايل بمسطرة سماع دعوى الزوجية لتفادي سلوك مسطرة تعدد الزوجات

هذا، ويرتكز التدبير الحر للجماعات الترابية على عنصريين أساسيين:

أولا: سلطة التداول بكيفية ديمقراطية، ذلك أن مجالس الجماعات الترابية المنتخبة تفصل بمداولاتها بكيفية حرة، في اختصاصاتها وتمارس الصلاحيات الموكولة إليها بموجب القوانين التنظيمية المؤطرة لها؛

ثانيا: تنفيذ مداولات ومقررات المجالس، حيث خولت صلاحيات هذا التنفيذ لرؤساء الجماعات الترابية، شريطة أن تتوافق والأنظمة القانونية المعمول بها وأن تندرج ضمن الاختصاصات المخولة لها و ألا يشوبها عيب من العيوب القانونية، فضلا عن مراعاة التوجهات العامة والقطاعية للدولة والالتزام بحدود  ما هو متوفر من موارد مالية.

إذن فالتدبير الحر، سيمكن الجماعات الترابية من ممارسة اختصاصاتها بنوع من الاستقلالية مقابل التقليص من وصاية السلطة المركزية.

غير أن هذا المبدأ يتطلب توفير الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة، وكذا منتخبين قادرين على استيعاب دورهم الحقيقي في النهوض بالتنمية المحلية وتكريس نهج الحكامة الجيدة التي نص عليها الدستور، ذلك أن الاختصاصات الهامة المنوظة بالجماعات الترابية، لا سيما وضع المخططات والبرامج التنموية تتطلب التوفر على منتخبين لهم مستوى معرفي وعلمي يمكنهم من فهم النصوص القانونية والإلمام ببعض التقنيات التي تحكم التدبير المالي والإداري.

لذا، يتعين في مقابل التنصيص على مبدأ التدبير الحر، وضع آليات للرفع من القدرات المعرفية والعلمية للمنتخب المحلي في حين ان دراسات  وزارة الداخلية تقر ان 5642 منتخب لا يتوفر على دبلوم شهادة الابتدائية وهدا ما يزكي اشكالية النخب التقليدية ، وعلى الأحزاب السياسية أن تتحمل مسؤوليتها المنوطة بها دستوريا، والمتمثلة أساسا في تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي في حين ان نخبها تفتقر لذالك مع بعض الاستثناء نسبيا وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية وفي تدبير الشأن العام في حين .

وإذا توقفنا عند التدبير الحر من الناحية الاصطلاحية فهو يفيد الحرية في التدبير والإدارة ، ومن ثم فهو لا يعني الحرية في الحكم، بل يقتصر على الحرية في تدبير أو إدارة الشؤون الإدارية دون السياسية لاكن التطبيق في سلطة التداول يحتم على مجالس الجماعات الترابية مجموعة من الاكراهات بين الفرقاء السياسين ما يحتم بلوكاج التنمية هدا من جهة .

ويربطه بالجماعات الترابية فهو يعني حرية واستقلالية هذه الجماعات في تدبير شؤونها. وهذه الحرية أو الاستقلالية تمتد لتشمل عناصر مختلفة في التدبير. وهو ما يدفع إلى البحث عن التمييز بين التدبير الحر واللامركزية  .حيث استعمل المصطلحين لمدة طويلة ) التدبير الحر واللامركزية (، كمترادفين قبل أن يعتبر الأول من الحريات المعترف بها للجماعات فيما يشكل الثاني مبدأ للتنظيم الإداري، رغم أنهما مفهومين دستوريين متكاملين ويدخلان في دينامية مشتركة.

مقال قد يهمك :   مبدأ الوقاية كأساس جديد للمسؤولية المدنية

وعليه فإنه من الناحية النظرية كمبدأ سيمكن الوحدات الترابية من تدبير شؤونها بنفسها مع تحديد وبلورة اختياراتها وبرامجها التنموية بكيفية مستقلة وديمقراطية، إلا أنه من الناحية الواقعية فإن سياسة عدم التركيز الإداري المعتمدة في بلادنا لازالت محدودة رغم كل المحاولات والمبادرات المحتشمة في هذا الإطار، وهذا سيشكل في حد ذاته عرقلة لتفعيل التدبير الحر للجماعات الترابية مادامت هذه الأخيرة مطالبة بالتنسيق مع ممثلي الإدارات المركزية على الصعيد الترابي لتنفيذ سياساتها العمومية، مما يفرض بالإضافة إلى نقل سلطة اتخاذ القرار من الإدارات المركزية إلى ممثليها على الصعيد الجهوي والترابي، إيجاد آليات للتنسيق والانسجام بين مختلف الفاعلين داخل الوحدات الترابية.

المحور الثاني: أزمة تدبير جهة كليميم واد نون .

ان الحديث عند تدبير مجلس جهة   كليميم واد نون  اصبح فريد النوع من حيث الكم والكيف في التسير حيث انها خلال ثلاث سنوات من التسير تخبطت بين صراع اكبر مبدأين  دستورين في التسير بالجماعات الترابية بين  التدبير الحر للمجلس وقرائته من مجموعة الرئيس و سلطة التدوال وقرائتها من طرف مجموعة بلفقيه وهناك كذالك السلطة الحكومية  التي لعبت دور المتفرج امام هذين المبدأين الدين أعاقا التنمية بالجهة حبدا بعض المشاريع الملكية التي وقعت امام صاحب الجلالة بالعيون والداخلة التي نفذت من طرف السلطة الوصائية و من هنا نستشف ان تغيب تطبيق  القوانين وتفعيل لجان المكتب   هي العثرة الاساس في إعاقة التنمية بالجهة.

و المشرع يقر انه إذا كانت مصالح الجهة مهددة لأسباب تمس بحسن سير مجلس  الجهة  جاز لسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية احالة الامر الى المحكمة الادارية من أجل حل المجلس  ( المادة 75 ) في حين أن حضور  اعضاء مجلس  الجهة لدورات المجلس تكون اجبارية على كل عضو من اعضاء و في حالة ان لم يلبي الاستدعاء للحضور خلال ثلاث دورات متتالية او خمس دورات منقطعة دون مبرر يقبله المجلس يعتبر مقالا بحكم القانون ويجتمع المجلس لمعاينة هده الاقالة ويوجه السيد الرئيس نسخة من مسك سجل الحضور الى والي الجهة داخل اجل خمسة ايام (المادة 70).

مقال قد يهمك :   منهجية تحليل النازلة: نظريا وتطبيقيا

في حين ان الحضور في دورات الجهة يلعب بين المد والجزر بين المعكسرين في تغييب تام لمصالح الوطن والمواطن حتى اصبح رفع دورات المجلس بغياب النصاب القانوني لعبتا بين ايدي المعسكرين ولا زالت السلطة الرقابية لسيد الوالي وعمال اقاليم الجهة  يلعون دور المتفرج في الجهة وكأن مجلسها حديث النشأة في حين انه يجوز بعد انصرام السنة الثالثة من مدة انتداب المجلس لثلثي اعضاء المجلس المزاولين مهامهم تقديم طلب بإقالة الرئيس من مهامه في حين لا يمكن تقديم هدا الطلب الا مرة واحدة خلال مدة انتداب المجلس (المادة 73) الا انهم لا يرغبون سماح في كراسي والتمرد على النخب تقليدية سلالة وفرز مكتب جديد يعتبر المصلحة العامة فوق كل إعتبار حيث اصبح تدبير أمور الجهة امام الباب المسدود وإستحالة استقالة اعضائها ورئيسها اما هاته الترسانة القانونية واصبحت جهة  كليميم فريذة من نوعها بعد رفض المجلس القيام بالاعمال المنوطة به من تشكيل لجان  وبمقتضى احكام القوانين التنطيمية والانطمة الجاري بها العمل ورفض المعارضة التداول بالايجاب واتخاد المقرر المتعلق بالميزانية والعجز في تدبير المرافق العمومية التابعة للجهة يمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إحالة الامر الى المحكمة الادارية من أجل حل المجلس طبقا لمقتضيات المادة 75 .

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)