أحمد الزيتي :ضمان العدالة التعاقدية و الأمن القضائي من خلال المقتضيات الجديدة لقانون الكراء التجاري 49.16

  • أحمد الزيتي طالب باحث في قانون العقود و العقار.

مقدمة :

عرف الإطار التشريعي المنظم لعقد الكراء التجاري – الكراء الذي يتخذ الأصل التجاري محورا له – تطورا كبيرا ، إذ كان في البداية منظم بمقتضى أحكام الفقه الإسلامي والأعراف المحلية المأخوذة في أصلها من الفقه المالكي[1]. إلا أنه وبعد بسط الحماية الفرنسية على المغرب أُخضعت كل عقود الكراء بغض النظر عن محلها لقانون الالتزمات والعقود في الفصول 627 إلى 722. غير أنه وبعد 27 سنة من تطبيق القواعد العامة، تبين أنها عاجزة عن ضبط وتنظيم كراء المحلات التجارية والصناعية والحرفية فتم إصدار أول ظهير منظم لذلك في 21 مارس 1930 ، قبل أن يتم إلغاؤه بدوره بظهير 17 يناير 1948 الذي عدل وتمم مرتين، مرة بمقتضى ظهير 2 ماي 1951 ومرة بمقتضى ظهير 30 يناير 1952 . ولتدارك العواقب الوخيمة لظهير 1948 كما تم تعديله وتتميمه تم إصدار ظهير 22 مايو 1954 ، ليستقر الأمر في الآخير على ظهير 24 ماي 1955 [2] ، الذي عمر طويلا في الزمن إذ ظل صامدا لأكثر من 60 سنة ، رغم عيوبه ونقائصه المتعددة سواء على مستوى الشكل أو المضمون [3]، إضافة إلى عجز مقتضياته عن مسايرة التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها بلادنا ،في ظل العولمة، في جميع المايدين بصفة عامة ، وفي الميدان التجاري بصفة خاصة . فأصبح من الضروري إعادة النظر في هذا القانون والبحث عن حل لمعالجة تلك الصعوبات والعراقيل التي واجهها على مدى أكثر من 60 سنة ، وتحقيقا لهذا المبتغى تم نسخه بمقتضى القانون الجديد 49.16 [4] المنشور يوم 11 غشت 2016 بالجريدة الرسمية . وقد تمت صياغة القانون الجديد – حسب مذكرته التقديمية- وفق رؤية فلسفية تعتمد على ثلاثة أسس:

  1. حماية الاستقرار التجاري، وذلك بإقرار الحق في الكراء لحماية الزبناء باعتبارهم قطب الرحى في الأصل التجاري؛
  2. الابتعاد عن مبدإ حرية التعاقد ومبدأ اعتبار الملكية العقارية حقا مقدسا ومطلقا اللذين كانا سائدين وفق منطق ظهير 1955؛
  3. ضرورة إيجاد توازن بين الحق في الملكية التجارية (حق الكراء) وحماية الملكية العقارية.

وهذا كله عن طريق إعادة النظر في العديد من المفاهيم، وتبسيط المسطرة، وتجنب التعقيد وتكريس بعض القواعد التي استقر عليها الاجتهاد القضائي. ومن هنا يخلص السيد وزير العدل في عرضه التقديمي لهذا القانون ، إلى أن الهدف العام الذي يسعى هذا القانون الجديد تحقيقه هو : ضرورة إيجاد توازن بين مصلحتين رئيسيتين في عقد الكراء هما : تحقيق الاستقرار للمكتري، والحفاظ على الملكية العقارية وكل ما تخوله للمكري، في ظل تعدد الحالات الاقتصادية والاجتماعية للمكترين والمكرين، حيث يجب أن يجد كل طرف في هذا القانون الحل المناسب ، ويحصل عبره على الاطمئنان على مصلحته ، وأن يعرف من خلال ذلك، الطرف الضعيف سواء كان مالكا للعقار أو مالكا للأصل التجاري أنه محمي وأن حقوقه لن تضيع[5].

فهل استطاع المشرع فعلا الوفاء لفلسفته من خلال هذا القانون؟ وما مدى مراعاته ،من خلال سن المقتضيات الجديدة ، ما من شأنه تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية وتقيق الأمن القضائي؟

وفي محاولة الإجابة عن هذه الإشكالات المطروحة ، سأخصص (المطلب الأول) للحديث عن مظاهر تحقيق العدالة التعاقدية من خلال المقتضيات الجديدة لقانون 49.16 ، على أساس تناول مقتضيات قانون 49.16 وهدفها في تحقيق الأمن القضائي في (المطلب الثاني) وذلك في ضوء نص القانون المنشور بالجريدة الرسمية وما ورد في مذكرته التقديمية .

المطلب الأول : مظاهر تحقيق العدالة التعاقدية من خلال المقتضيات الجديدة لقانون 49.16.

تضمن القانون الجديد المتعلق بكراء العقارات والمحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي العديد من المقتضيات التي يروم المشرع من خلالها إلى ضمان أقصى ما يمكن أن يحقق التوازن بين حقوق أطراف العلاقة التعاقدية وبالتالي تحقيق العدالة التعاقدية في عقد الكراء، ويمكن تصنيف أهم هذا المقتضيات صنفين ، صنف يتعلق بضمان حقوق المكري(الفقرة الأولى) ، وصنف يتعلق بضمان حقوق المكتري(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : المقتضيات الهادفة إلى حماية المكري

إن المكري لا يعتبر دائما هو الطرف القوي في العلاقة التعاقدية في عقد الكراء، فكما قد يكون صاحب عقارت متعددة، قد يكون مالكا ضعيفا يعتمد على الوجيبة الكرائية في تلبية حاجياته الاجتماعية والاقتصادية المتعددة

والمتنوعة، لذا كان من الضروري وجود مقتضيات حمائية له بشكل متوازن مع حماية حقوق المكتري ، ويمكن ابراز أهم المقتضيات الرامية لضمان حقوق المكري في القانون الجديد كما يلي:

  1. منح المكري إمكانية إثبات كون التعويض المطالب به جد مبالغ فيه، بالنظر إلى قيمة الضرر الذي حصل للمكتري نتيجة إفراغه من المحل (الماة 7 الفقرة الأخيرة) حيث إنه وإن كان من حق المكتري التعويض عن الإفراغ فإنه حماية للمكري وتحقيقا للتوازن بينهما لا يمكن أن يكون التعويض مبالغ فيه بشكل يضر بالمكري؛
  2. اعتبار الكراء من الباطن مبررا لإفراغ المكتري من المحل بدون تعويض إذا كان العقد ينص على عدم تولية الكراء (المادة 8 البند 6)، وفي هذا المقتضى حماية واضحة لحق الملكية العقارية وما تخوله لمالكها وهو المكري على غرار المقتضى الموالي؛
  3. إعطاء الإمكانية للمكري في استرجاع محله التجاري المهجور، وذلك بإقرار مسطرة خاصة موكولة لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة (المادة 32)؛
  4. في حالة إفراغ المكتري للهدم وإعادة البناء،وتأخر المكري عن تسليم المحل للمكتري فإن هذا الأخير لا يمكنه المطالبة بالتعويض الكامل عن التأخير في تسليم المحل إذا كان ذلك لأسباب خارجة عن إرادة المكري(المادة 10 ) ، وفي هذا المقتضى أيضا محاولة بينة لإقامة التوازن بين حق المكتري في التعويض عن التأخير وحماية المكري الذي لا يد له في ذلك.
  5. التمييز بين الأنشطة التي يجوز للمكتري ممارستها بالمحل بين تلك المرتبطة بنشاطه الأساسي وتلك المختلفة تماما عن نشاطه والتي تعتبر تغييرا لنشاط أصله وبالتالي تحتاج موافقة المكري ( المادة 22)؛
  6. منح المكتري إمكانية تنفيذ الحكم بالإفراغ الصادر لفائدته دون انتظار رفع دعوى التعويض لتقاعس هذا الأخير عن تقديم طلبه الرامي إلى الحصول على التعويض رغم حضور إجراءات دعوى الإفراغ (المادة 27)؛
  7. التنصيص على أنه في حالة إعادة بناء المحل بعد هدمه، بعدم التقيد لتحديد السومة الكرائية الجديدة بمقتضى القانون 03.07 المتعلق بكيفية مراجعة أثمان المحلات المعدة للسكن والاستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي[6]، وأنه يراعى في هذا التحديد الاتفاقي أو القضائي العناصر الجديدة المستحدثة من قبل المكري في المحل (المادة 12)
مقال قد يهمك :   تنظيم التجزيء والتقسيم بالمجال القروي

الفقرة الثانية : المقتضيات الهادفة إلى حماية المكتري

كما أن المكري ليس دائما طرفا قويا ، كذلك المكتري ليس دائما طرفا ضعيفا إذ قد يكون تاجرا بسيطا كما قد يكون تاجرا كبيرا . وبغض النظر عن حالته الاجتماعية والاقتصادية فإن القانون الجديد أتى بمقتضيات من شأنها حماية حقوق المكتري دون المساس بحقوق المكتري في إطار الهدف العام الرامي إلى حماية مصلحتين متقابلتين في عقد الكراء، ويمكن إيضاح أهم هذه المقتضيات الحمائية كما يلي:

  1. استحقاق المكتري لتعويض لا يوازي فقط قيمة الأصل التجاري في حالة إفراغه من دون سبب مشروع ، وإنما يضاف إلى ذلك ما أنفقه المكتري من تحسينات وإصلاحات وما فقده من عناصر الأصل التجاري وكذا مصاريف الانتقال من المحل (الفقرة 2 من المادة 7)؛
  2. منح المكتري أجل 3 أشهر لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه سواء عند تغييره لمعالم المحل أو للنشاط وذلك لتفادي إفراغه من المحل بدون تعويض (الفقرة 2و3 من المادة 8)؛
  3. منح المكتري حق الرجوع إلى المحل بعد إعادة بنائه أو إصلاحه داخل أجل 3 سنوات الموالية لتاريخ الإفراغ (المادة 13)، وهذا المقتضى من شأنه تحقيق التوازن بين المكتري والمكري الذي من حقه إفراغ المكتري دون تعويض في الحالة التي تكون فيها البناية آيلة للسقوط؛
  4. منح المكتري إمكانية المطالبة أمام المحكمة بتحديد التعويض الكامل الاحتياطي عند فقدان الأصل التجاري للرجوع إليه عند حرمانه من حق الرجوع في حالة إفراغه للهدم وإعادة البناء(الفقرة الأخيرة من المادة 9)، وفي هذا ضمانة كبيرة لحقوق المكتري واستقراره النفسي والمالي؛
  5. منح المكتري إمكانية المطالبة بجزء من مصاريف الانتظار طوال مدة البناء لا تقل عن نصفها إذا أثبت المكتري ذلك، ويقصد بمصاريف الانتظار : الضرر الحاصل للمكتري دون أن يتجاوز مبلغ الأرباح التي حققها حسب التصريحات الضريبية للسنة المالية المنصرمة مع الأخذ بعين الاعتبار أجور اليد العاملة والضرائب والرسوم المستحقة خلال مدة حرمانه من المحل( الفرة 2 و3 من المادة 9)؛
  6. إبراز حق المكتري في تفويت الحق في الكراء بصفة مستقلة عن الأصل التجاري باعتبار هذا الحق هو عنصر من عناصر الأصل التجاري ( المادة 25)؛
  7. التنصيص في المادة 26 المتعلقة بمسطرة الإفراغ على سقوط حق المكري في طلب المصادقة على الإنذار بعد مرور أجل معين…

المطلب الثاني : مقتضيات قانون 49.16 والقدرة على تحقيق الأمن القضائي

لعل أهم مقتضى جاء به القانون الجديد تحقيقا للأمن القضائي والتعاقدي في نفس الوقت هو إشتراط شكلية الكتابة في الأكرية التجارية (الفقرة الأولى) إضافة إلى مجموعة من المقتضيات الأخرى الي تهدف إلى تفادي حصول النزاعات التي كانت تعاني منها المحاكم في ظل القانون القديم إضافة إلى توحيد الرأي القضائي في المسائل التي كانت تثير تباينا في الاجتهادات القضائية(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تكريس شكلية الكتابة في قيام الأكرية التجارية

من بين المستجدات الأساسية في قانون 49.16 ، تكريس المشرع توجهه نحو إقرارشكلية الكتابة لقيام عقد الكراء وإنشائه. وهو يروم من وراء ذلك بالتأكيد، كما جاء على لسان وزير العدل أثناء تقديمه للقانون أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب ، تقليص عدد المشاكل والنزاعات التي عانت منها المحاكم لإثبات وجود العقد مع تمكين أطراف العلاقة التعاقدية من اقتضاء حقوقهما الثابتة والمشروعة في سهولة ويسر ودون كبير عناء[7] . وهذا نصت المادة الثالثة من القانون الجديد على أنه ” تبرم عقود كراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ “، وهكذا فإن الأكرية المعنية بهذا القانون أصبحت شكلية، والشكلية المتطلبة هنا للانعقاد وليست مجرد شكلية للإثبات ، فهي تقضي لزوما، وجوب إبرام العقد في محرر ثابت التاريخ [8]. ومؤدى ذلك أن عقود الأكرية التجارية الرضائية(الشفوية) لا تخضع لهذا القانون وإنما تبقى خاضعة للقواعد العامة لأن هذا القانون يحمي المحلات وهذه الحماية يجب أن تكون مبنية على قواعد ثبوتية قوية[9] ،وفقا للمادة 37، أما العقود الكتابية المبرمة خلافا لمقتضيات المادة الثالثة فقد تساهل المشرع معها إلى أبعد الحدود ، وقرر إخضاعها لمقتضيات هذا القانون مع منح الأطراف إمكانية الاتفاق في أي وقت ، على إبرام عقد مطابق لمقتضياته طبقا للفقرة الثانية من المادة38 ، وبهذا التساهل الكبير يكون المشرع قد أفرغ مضمون وجوب نص المادة 3 من معناه إذ ما فائدة تقرير وجوب ورود العقد في شكلية معينة لقيامه ثم نقرر في الأخير أن العقود المبرمة خلاف ذلك تخضع لنفس القانون دون تحديد سقف زمني معين لتدارك الأمر؟؟؟ اللهم إلا إذا كان مقصود المشرع من هذه الشكلية هو شكلية من نوع خاص أطلق عليها الأستاذ عبد الرحيم شميعة اسم شكلية الانطباق ، أي ليست بشكلية انعقاد ولا بشكلية إثبات وانما بشكلية تعتبر شرطا لخضوع العلاقة الكرائية لمقتضى هذا القانون بحيث إذا لم يرد العقد كتابة فإنه يعتبر عقدا صحيحا ولكنه لا تسري عليه قواعد قانون 16.49 [10]

مقال قد يهمك :   سليمة فراجي: تقرير رئيس النيابة العامة بين السياق الدستوري القانوني،وافتعال الصراع

وأيا كان الأمر، يلاحظ أن المشرع الذي تساهل إلى حد بعيد في طبيعة المحررات المتطلبة لإبرام عقود الأكرية التجارية ، جعل اشتراط الكتابة في المقابل توجها عاما وغالبا على امتداد القانون ، ومن ذلك ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 3 من وجوب تحرير بيان وصفي لحالة الأماكن عند تسليم المحل ليكون حجة بين الاطراف ، إلا أن هذه المرة لم تحدد طبيعة المحرر ولا البيانات الواجب إدراجها فيه وهو موقف أكثر مرونة أيضا مقارنة بما ورد في المادة 7 و8 من قانون [11]67.12 المتعلقة بكراء المحلات المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني ، الأمر الذي يمكن القول معه وبكل تواضع ، إن المشرع لم يستطع إحاطة عقد الكراء التجاري بكافة الضمانات التي من شأنها تحيق الأمن التوثيقي ودوره الهام في حماية حقوق ومصالح الأطراف وتقليص أسباب النزاع وصولا إلى تحقيق أمن قضائي فعال ، إلا أن هذا لا يمنع من القول كذلك، إن المشرع حاول بكل ما في وسعه لتحقيق الأمن القضائي المنشود من خلال مجموعة من المقتضيات الأخرى أورد أهمها في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية: أهم المقتضيات الهادفة إلى تحقيق الأمن القضائي في ق 49.16.

إضافة إلى تكريس شكلية الكتابة لقيام الأكرية التجارية نص المشرع على مجموعة من المقتضيات الأخرى الي تهدف إلى تفادي حصول النزاعات التي كانت تعاني منها المحاكم في ظل القانون القديم إضافة إلى توحيد الرأي القضائي في المسائل التي كانت تثير تباينا في الاجتهادات القضائية ، ويمكن التمثيل بأهمها كما يلي:

  1. تأسيس مبدأ التعويض عن فقدان الحق في الكراء على معايير موضوعية محددة ودقيقة للتقليص من الفوارق الملاحظة بين قيمة التعويض المضمن في الخبرات التي تأمر بها المحاكم ( المادة7)؛
  2. تحديد الأجل الذي يمنح للمكتري لإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه في 3 أشهر (المادة 8 الفقرة 2 و3) بدل ترك هذا الأجل غير محدد وهو ما من شأنه فتح باب لتضارب الرأي القضائي؛
  3. التنصيص على الحالات التي لا يقبل فيها المحل التجاري والمحل السكني التجزئة وبالتالي لا يمكن المطالبة بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن لوحده فيها طبقا لما استقر عليه الاجتهاد القضائي، ويتعلق الأمر بالحالات التالية (المادة 20):
  • إذا كان من شأن استرجاع المحل أن يحدث مساسا خطيرا باستغلال الأصل التجاري؛
  • إذا تعلق الأمر بملحقات المؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، والمصحات والمؤسسات المماثلة، ومؤسسات التعليم الخصوصي؛
  • إذا كان المكتري يستعمل جزءا من محل الكراء للمسكن ولا يمكن الفصل بينه بينه وبين الجزء المستعمل كمحل تجاري.
  1. ضرورة إيداع ثمن تفويت الأصل التجاري أو الحق في الكراء لدى جهة مختصة بالاحتفاظ بالودائع لتوزيع الثمن وفق ما تنص عليه في حالة وجود دائنين للمكتري التاجر(المادة 25)؛
  2. ضرورة حصول المكتري على شهادة من كتابة الضبط تفيد خلو الأصل التجاري من تقييدات ( رهون مثلا) حتى يحصل المكتري على التعويض المستحق له ، وإلا يجب على المكتري إشعار الدائنين بوقوع الإفراغ وبوجود مبلغ من التعويض مستحق مع منحهم إمكانية للتعرض خلال أجل 15 يوما من تاريخ تبليغ الإشعار ولا يصرف التعويض للمكتري إلا بعد انصرام أجل التعرضات المذكور ( المادة30)؛
  3. التدقيق في المقتضيات الانتقالية نظرا لأهميتها في إزالة اللبس حول القانون الواجب التطبيق على القضايا المعروضة على القضاء، وهذا نصت الفقرة الأولى من المادة 38 على أنه:” يدخل هذا القانون حيز التنفيذ بعد انصرام أجل ستة أشهر إبتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية . وتطبق أحكامه على عقود الكراء الجارية وعلى القضايا غير الجاهزة للبت فيها ، دون تجديد للتصرفات والإجراءات والحكام التي صدرت قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ”
مقال قد يهمك :   جدوى الثنائية البرلمانية بالمغرب وأثرها على قوانين النواب

خاتمة:

من خلال ما سبق استعراضه من المقتضيات القانونية الجديدة، يتضح رغبة المشرع في إحاطة العلاقة التعاقدية ،التي تجمع بين طرفين في مركزين مختلفين ، قد يصل تضارب مصالحهما حد التنافر، بسياج من المقتضيات التي تضمن قدر الإمكان تحقيق التوازن بين حقوق والتزامات الطرفين بشكل يوفر الأمن التعاقدي والأمن القضائي المنشودين. وفي الختام لا بد من ابداء ملاحظتين شكليتين تتعلقان بعنوان هذا القانون:

أولاهما: أنه كان بالإمكان الاستغناء عن لفظة ” محلات” ما دامت لا تحمل في نظري أي جديد للمعنى ، إذ لفظة ” العقارات” تشمل كل ما ليس بمنقول؛

ثانيهما: أنه كان بالإمكان أيضا الاستغناء عن لفظتي ” الصناعية أو الحرفية” والاكتفاء بالمحلات التجارية ، ما دام أن البند السادس من المادة السادسة من مدونة التجارة تنص على أنه ” تكسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للنشاط الصناعي أو الحرفي”، وبالتالي لا أرى مبررا للتنصيص على المحلات الصناعية أو الحرفية ما دامت لا تضيف أي معنى إلا إذا كان ذلك من باب عطف الخاص على العام ، أو أن من وراء ذلك هدفا ومفهوما خاصا لم يتول المشرع التنصيص عليه مما يؤثر على جودة النص القانوني ووضوح مفاهيمه التي تعتبر ركائز أساسية للأمن القانوني. ومن هنا يمكن الاقتصار في نظري على العنوان التالي:” قانون 49.16 المتعلق بكراء العقارات المخصصة للاستعمال التجاري”.


الهوامش :

  1. الغوني عادل، فسخ عقد الكراء التجاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة القانون التجاري المقارن، تحت اشراف الدكتور محمد الكشبور، كلية العلوم القانوية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة.
  2. ظهير 2 شوال 1374( 24 ماي 1955) بشأن عقود كراء الأملاك والأماكنالمتعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف ، ج ر ع
  3. لمعرف مختلف العيوب التي اعترت ظ 1955 تراجع كلمة وزير العدل التقديمية لهذا القانون أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجليس النواب المنشورة في الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان المغربي ص 3.
  4. ظهير شريف رقم 1.16.99 صادر في13 من شوال 1437 ( 18 يوليوز 2016) بتنفيذ القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري او الصناعي أو الحرفي ، ج.ر.ع 6490 الصادرة في 7 ذو القعدة 1437(11 أغسطس 2016).
  5. الكلمة التقديمية لهذا القانون ص 10.
  6. ظهير شريف رقم 1.07.134 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007). بتنفيذ القانون رقم 07.03 المتعلق بكيفية مراجعة أثمان كراء المحلات المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي. الجريدة الرسمية رقم 5586 الصادرة يوم الخميس 13 دجنبر 2007
  7. الحسين بلحساني ، الموجز في العقود الخاصة ، كتاب موجه إلى طلبة السادسي السادس – قانون خاص موسم 2014-2015 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، ص 95 .
  8. نفسه ، ص 98.
  9. جواب السيد وزير العدل عن تساؤل بعض السيدات والسادة النواب أثناء مناقشة المادة 3 ،عن العقود الشفوية أين يمكن تصنيفها ؟ وكيف يمكن التعامل معها؟ وما هو القانون التي تخضع له؟ ( تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان ص5).
  10. رأي أورده الأستاذ ضمن مداخلته التي شارك بها في أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف مركز ادريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية بوجدة في موضوع ” الكراء التجاري – الثابت والمتغير في ضوء القانون49.16 – بتاريخ 25/11/2017.
  11. ظهير شريف رقم 1.13.111 صادر في 15 من محرم 1435 (19 نوفمبر 2013) بتنفيذ القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني الجريدة الرسمية عدد6208 بتاريخ 24 محرم 1435(28 نوفمبر 2013)، ص 7328.
error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)