عبد السعيد الشرقاوي :تدابير وطعون وعقوبات مدنية وجنائية ضد الانتحال والقرصنة

الخاميس فاضيلي : النقود الإفتراضية-ماهيتها مخاطرها-

إصلاح القضاء مرة أخرى

1 ديسمبر 2017 - 2:17 م تحت الواجهة , وجهة نظر
  • حجم الخط A+A-

مواطن لجأ إلى المحكمة لاسترجاع حق بسيط في قضية تهم قوته وقوت أطفاله، ثم بقي ينتظر لمدة سنة صدور حكم يعيد له حقه أو – حتى- يقطع أمله فيه، فيما المحكمة تقول له إنه يصعب عليها تبليغ خصمه الذي يراه أمامه كل ساعة ويوم في الشارع والمقهى والمسجد والإدارة. مواطن كهذا ما الذي يهمه في أن نقول له إن إصلاح القضاء في المغرب قطع أشواطا مهمة، في إخراج نصوص قانونية جيدة والارتقاء بالقضاء إلى سلطة. إنه مثل ذلك الجائع الذي تدعوه إلى الديمقراطية والحرية، ثم تُفاجأ بأنه يُعادي دعوتك، وفي أحسن الأحوال يتجاهلها. “فرغم أن دستور 2011 وفّر مرجعية صريحة للحق في عدالة سريعة (…)، ورغم أن العديد من نصوص القانون الدولي لحقوق الإنسان تكرس مبدأ سرعة العدالة كأحد المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة، فإن المساطر القضائية في المغرب لازالت تتسم بالبطء الشديد، وهو ما يُعد أحد أسباب حالة انعدام الثقة في النظام القضائي، والتي تضمر في الواقع ضعفا خطيرا في شرعية هذه المساطر”، تقول وثيقة صادرة عن ودادية موظفي العدل.
لقد اكتشف المغاربة أن دعاة إصلاح القضاء سلخوا عشرات السنوات في نضال ونقاش سياسي كبير، يهم استقلال القضاء والارتقاء بالنصوص القانونية المؤطرة لاشتغال جهاز العدالة، ابتداءً من المكانة الدستورية للقضاء، مرورا بقوانين الموضوع ثم القوانين المسطرية، لكنهم أهملوا جودة الخدمة القضائية، وحق المتقاضي في عدالة سريعة مثلما نص على ذلك الفصل 120 من دستور 2011: “لكل شخص الحق في محاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول”.
لقد ساد، منذ 1913 (تاريخ ظهور أول “قانون” للمسطرة الجنائية بالمغرب)، اعتقادٌ بأن إصلاح القضاء وضمان نزاهته ونجاعته والارتقاء به إلى أن يصبح سلطة.. هو غاية في ذاته، وليس مجرد حلقة في سلسلة إحقاق العدالة، ترتبط بالضرورة بحلقات تجويد الخدمة القضائية وضمان حق المتقاضي في عدالة فعالة وناجعة وسريعة، إلى أن اصطدموا بأن “نظاما” قضائيا حديثا لا يصمد أمام “فوضى” إدارية عتيقة.
أول أمس الثلاثاء، شاركت في ندوة نظمتها ودادية موظفي العدل والنقابة الديمقراطية للعدل، بالمعهد العالي للقضاء، تحت عنوان: “نحو مقاربة تستند إلى حس مواطناتي يربط الإصلاح القضائي بغاياته”. وخلال ساعتين من النقاش أثيرت قضايا صادمة وقدمت عناصر إجابة لا تخلو من أهمية حول اقتصاد الزمن القضائي، وحق المواطن في خدمة قضائية تتميز بالجودة والنجاعة.. لكن صرخة أحد النقابيين كانت أهم، عندما وقف يقول: “عندما كنا نشل المحاكم بالإضرابات لتحسين أوضاعنا الاجتماعية كان الجميع يدعمنا، لكننا عندما خرجنا اليوم نطالب بحق المغاربة في خدمة قضائية جيدة وفعالة لم نجد أحدا بجانبنا”!
ما العمل إذن؟ لا عمل دون إطلاق وإشراك كل الإمكانيات البشرية، والإدارية التي تزخر بها المحاكم، والتي تقدر بأزيد من 80 في المائة، ولا عمل، أيضا، إذا بقينا نعتقد بأن إصلاح القضاء حكر على القضاة.
لقد تحدث ميثاق إصلاح منظومة العدالة، عن مفهوم مهم هو: الإدارة القضائية، أي كتابة الضبط بعد تطويرها وإعطائها صلاحيات إدارية واسعة، تعفي القضاة من كل ما هو إداري وترتقي بكاتب الضبط من كونه مجرد كاتب مساعد للقاضي، إلى كونه إدارة قضائية تساهم في جعل القضاء مرفقا عاما وليس جهاز إكراه، لكن هذا لن يتأتى إلا باستقلالية هذه الإدارة القضائية (كتابة الضبط)، التي مازالت موزعة بين التبعية –قضائيا- للمجلس الأعلى للقضاء، وإداريا وماليا لوزارة العدل. كما لن يتم إلا بوضع استراتيجية واضحة لتكوين وتأهيل كتاب الضبط، الذين يشكلون استثناءً وسط باقي المهن المرتبطة بالقضاء، في عدم خضوعهم لأي تكوين. لقد تحدث ميثاق إصلاح منظومة العدالة عن وجوب إحداث مدرسة وطنية لكتابة الضبط، كما تحدث عنها وزير العدل السابق، لكن لا أثر لها ونحن على مشارف سنة 2018.

مقال قد يهمك :   حماية المستهلك من الشروط التعسفية في ضوء القانون 31.08

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)