التنظيم القانوني لمؤسسة الشرط و تأثره بالحركة الاقتصادية
عبد الصديق المسناوي رئيس مؤسسة ميدان طالب باحث في ماستر القانون المدني و الأعمال
من المعلوم أن الأصل في الالتزام أن يكون ناجز، بسيط، وبالتالي تكون الرابطة القانونية فيه محقق وجودها ونفاذها، كما يكون له محل واحد، وأطراف غير متعددة.
إلا أنه قد يدخل عنه وصف من أوصاف الالتزام فيصبح وجوده معلق على شرط أو مقرون بأجل، كما يمكن تتعد محاله وأطرافه، فيصبح التزاما موصوفا، أي لحق عناصره أحد أوصاف الالتزام ( الشرط ، الأجل ، تعدد المحال، تعدد الأطراف).
ولعل أبرز هذه الأوصاف نجد الشرط الذي يمس رابطة المديونية فيصبح الالتزام معلقا على شرط واقف أو فاسخ، وهو هنا يكون في خدمة احد طرفي الالتزام أو كليهما، بحيث يجعل نفاذ الالتزام مرتبطا بتحقق واقعة معينة، وهو الأمر الذي يخدم بالأساس الحركة التجارية والاقتصادية، إذ عن طريقه يتم قيام الالتزام عن طريق ربطه بواقعة قد تتحقق أو لا تتحقق، وبالتالي عدم تحمل الأطراف أي مسؤولية في حالة عدم تحقق هذه الأخيرة، وهو ما جعل المشرع المغربي يطور من هذه الآلية القانونية ويضمنها بمجموعة من القوانين الحديثة سواء في شقها المدني أو في شق قوانين الأعمال بالأخص.
لكل هذا نجد أنفسنا أمام تساؤل عريض يتمثل في:
كيف تأثر المشرع المغربي بالهاجس الاقتصادي في تنظيمه لمؤسسة الشرط (سواء في ظهير الالتزامات والعقود أو في باقي القوانين الحديثة)؟
ثم أين تتجلى تمظهرات التأثير الاقتصادي على أوصاف الالتزام (الشرط نموذجا) ؟
لمحاولة الإجابة عن هذه التساؤلات كان لابد لنا والتعرف على مؤسسة الشرط كما هي منظمة في ظهير الالتزامات والعقود وذلك كمحور أول، قبل الانتقال لمعالجة تجليات التأثير الاقتصادي على هذه المؤسسة وجعلها كآلية لخدمة الاقتصاد سواء في نصوص القانون المدني الحديثة او في نصوص قوانين الأعمال وذلك في المحور الثاني.
المحور الاول : التنظيم القانوني للشرط في النصوص العامة (ظ ل ع)
خصص المشرع المغربي في القاعدة العامة للشرط الفصول من 107 إلى 126 من ظهير الالتزامات والعقود، حيث عمل على تأطيره وتعريفه (أولا) ثم تبيان آثاره (ثانيا).
أولا : ماهية الشرط
على غير عادته عرف المشرع المغربي الشرط بموجب الفصل 107 من قانون الالتزامات والعقود حيث جاء في فقرته الأولى “الشرط تعبير عن الإرادة يعلق على أمر مستقبل وغير محقق الوقوع إما لوجود الالتزام أو زواله”.
كما عمل الفقه على تعريفه بكونه كل حدث عارض مستقبل وغير محقق الوقوع تعلق عليه الإرادة قيام الالتزام بالتصرف أو زوال هذا الالتزام[1]، كما تم تعريفه بكونه أمر مستقبلي وغير محقق، يمكن أن يحصل أو لا يحصل وبه يرتبط الالتزام سواء من حيث وجوده أو زواله[2].
من خلال هذه التعاريف يتبين أن الشرط يقوم على مقومات بدونها لا يمكن تصور صحته، وهي المحصورة في الفصلين 107 و 108 من ظ ل ع، حيث يتطلب الفصل 107 في الشرطان يكون أمرا مستقبلا[3] من جهة وان يكون غير محقق الوقوع[4] من جهة ثانية، كما أضاف الفصل 108 وجوب أن يكون الشرط غير مستحيل[5] وان لا يكون مخالفا للأخلاق الحميدة أو للقانون[6] وإلا كان باطلا[7].
أما بالنسبة لمصدر الشرط فالأصل أن مصدره هو الإرادة، إذ أن طرفا العقد هما اللذان يمكن لأحدهما أن يتفق مع الآخر على أن يكون الالتزام معلقا على شرط واقف أو شرط فاسخ بل إن الشرط يكون مصدره إرادة الملتزم وحدها في حالة الإرادة المنفردة.
وهناك من الأوضاع القانونية التي يذهب بعض الفقهاء للدفع بكون أنها معلقة على شرط مصدره القانون، كمثل الوصية فهي تصرف قانوني معلق بحكم القانون ذاته على شرط واقف، وهو أن يعيش الموصي له بعد موت الموصي، إلا أن الشرط هنا ليس بالأمر العارض بل هو عنصر من عناصر تكوين الحق، ولا يتصور قيام الحق بدونه، كما أن هناك حالات بنصوص قانونية تتضمن شبهة قوية وذلك مثل ما نصت عليه المادة 874 من القانون المدني المصري بقولها “إذا زرع مصري أرضا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة، ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس عشرة سنة التالية للتملك”.
وانطلاقا من هذا النص يبدو أن الملكية معلقة على شرط فاسخ مصدره القانون وهو عدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتالية، إلا انه بالعودة لرأي الفقهاء في هذا الشأن نجد أن بلانيول وبيدان ولكارد[8]، يذهبون للقول بأن الشرط في مثل هذه الحالة مصدره القانون، في حين نجد الأستاذ السنهوري يرى عكس ذلك بكون أن الشرط في هذه الحالة ليس إلا وصفا خاصا قرره القانون ورتب عليه نتائجه سواء تحقق هذا الوضع أو تخلف[9].
كما يقسم الشرط لعدة صور أو انواع، فهو من جهة إما أن يكون شرطا واقفا أو شرطا فاسخا، ومن أخرى إما أن يكون شرطا إراديا او شرطا غير إرادي أو مختلط، ومن جهة ثالثة إما أن يكون شرطا إراديا بسيط أو شرط إرادي محض.
وللتمييز بين الشرط الواقف والشرط الفاسخ الذي يعد التمييز الأساسي في أنواع الشرط، نجد أن التمييز الذي يقوم هنا هو بين قيام الالتزام وزواله، فالشرط الواقف هو الذي يتوقف عليه وجود الالتزام بحيث إذا تحقق الشرط وجد الالتزام و إذا تخلف لا تقوم للالتزام قائمة ولا يخرج للوجود[10].
وذلك كأن تتعهد شركة التأمين بدفع تعويض لمالك دار مؤمن عليها إذا هلكت الدار بالحريق فالشرط في هذا المثال شرط واقف، إذ أن وجود الالتزام رهين بتحقق واقعة الحريق.
أما الشرط الفاسخ فهو عكس ذلك بحيث إذا ما تحقق الشرط زال الالتزام واعتبر كأن لم يكن، وإذا ما تخلف أصبح الالتزام باتاً.
ومما يلاحظ أن اغلب الشروط الفاسخة عادة ما تكون مرتبطة بعدم تنفيذ المدين لالتزاماته، حتى أن المشرع أطرها بموجب الفصل 260 من قانون الالتزامات والعقود واعتبر أن العقد يكون مفسوخا إذا لم يف احد المتعاقدين بالتزاماته وكان المتعاقدان قد اشترطا ذلك مسبقا.
وفي الأخير فالأصل هو عدم وجود صعوبة في تمييز الشرط الفاسخ عن الشرط الواقف إلا أنه في بعض الأحيان تثار صعوبة في التفرقة بينهما ويصعب معرفة إذا كان الشرط واقفا أم فاسخا، ومثال ذلك أن يكري المالك داراً للسكن شرط ان توافق زوجة المكتري على هذه الدار. فهل الشرط هنا واقف ولا يتم الإيجار إلا إذا وافقت الزوجة، أم أن الشرط فاسخ حيث ينفد الإيجار في الحال إذ الأمر هنا في الغالب يعود لظروف الحال وبالتالي إلى قاضي الموضوع الذي يستخلص إرادة الطرفين وفق الظروف والملابسات.
أما ناحية الإرادة ودورها في تعليق الشرط فنجد أن الشرط إما يكون إرادياً وبالتالي معلقا على إرادة أحد الأطراف[11]، وذلك كأن يقول أحدهم لآخر سأهبك مسكنا إذا أنت تزوجت بينما الشرط الغير الإرادي أو المتروك للصدفة هو الذي لا علاقة له بإرادة الإنسان أصلا[12]، بل تتحكم فيه ظروف خارجية لا يكون باستطاعة الدائن ولا المدين التدخل فيها.
أما بالنسبة للشرط المختلط فهو الذي يعلق تحققه على إرادة أحد طرفي العقد وعلى أمر خارجي، أي يناط تحققه بإرادة احد المتعاقدين مقرونة بالصدفة أو بإرادة الغير إذا كان معينا.[13]
وللتفريق بين الشرط الإرادي البسيط والشرط الإرادي المحض فمكمن التمييز يتجلى في قدرة إرادة الملزم لوحدها من عدم قدرتها، إذ الشرط الإرادي البسيط يتميز بغل إرادة الملتزم بدخول عوامل خارجية بينما الشرط الإرادي المحض فيتوقف فقط على إرادة صاحب العلاقة.
ثانيا : آثار الشرط
حتى نتبين ما للشرط من آثار يجب أن نميز بين مرحلتين مرحلة التعليق آو الشك (أ)، وهي المرحلة التي يكون فيها الشرط قائما لا يعلم هل يتحقق او يتخلف، ولهذا يكون فيها الالتزام معلقا، ومرحلة ما بعد التعليق آو مرحلة اليقين (ب)، وهي المرحلة التي يتبين فيها هل تحقق الشرط آم تخلف.
أ. أثر الشرط في مرحلة التعليق[14]
تختلف آثار الشرط في مرحلة التعليق بين الشرط الفاسخ والشرط الواقف، ففي حالة الشرط الفاسخ يكون الالتزام موجود ونافد، بحيث انه ينتج أثره فوراً وهذا ما ذهب إليه الفصل 121 َمن ظهير الالتزامات والعقود حيث نص على أن ” الشرط الفاسخ لا يوقف تنفيذ الالتزام”.
كما يمكن إجمال آثار الشرط الفاسخ في أثناء مرحلة التعليق في قاعدتين، الأولى وهي أن الالتزام المعلق على شرط فاسخ هو التزام موجود ونافذ والثانية انه التزام مهدد بخطر الزوال[15].
بينما في حالة الشرط الواقف يكون الحق منعدما، حيث لا يكون حق الدائن قد ولد، كما يكَون هناك احتمال أن لا يولد نهائياً، وهو ما يجعل الدائن لا يمكنه المطالبة بالأداء هذا من جهة، ومن جهة أخرى نجد أن الدائن ينشأ له بذرة أو بداية حق، أي أمل في الحق[16].
لهذا نجد المشرع قد خول للدائن أن يتخذ جميع الإجراءات التحفظية للحق الذي يأمل في الحصول عليه وهو ما نص عليه الفصل 126 من ظهير الالتزامات و العقود الذي جاء فيه “للدائن أن يجري قبل تحقق الشرط جميع الإجراءات التحفظية لحفظ حقه”.
ب. أثر الشرط في مرحلة اليقين
بتخلف الشرط الواقف يتحقق زوال الالتزام الذي كان معلقا على تحققه، فيعتبر هذا الالتزام كأن لم يكن ومجردا من أي أثر وهذا ما جاء به الفصل 117 من ظهير الالتزامات والعقود.
إلا انه إذا ما تحقق الشرط وقد هلك محله أو لحقه عيب قبل تحقق الشرط طبقت عليه قواعد الفصل 120.[17]
في مقابل ذلك نجد أن الشرط الفاسخ يكون أكثر وضوحا إذ أن تخلف الشرط يترتب عليه استقرار الالتزام الذي كان زواله معلق على تحقق هذا الشرط.
في مقابل ذلك فإن تحققه يرتب زوال الالتزام المعلق عليه، والتزام الدائن برد ما أخده إذا ما تحقق الأمر المنصوص عليه في الشرط الفاسخ وهو ما نص عليه الفصل 121 من ظهير الالتزامات و العقود.
المحور الثاني: الشرط كآلية قانونية لخدمة الاقتصاد في التقنين المدني الحديث
من المعلوم أن ظهير الالتزامات والعقود يعد في المغرب هو المرجع الأول والأساس لمصادر القانون المدني، إلا أن صموده الذي يتجاوز القرن من الزمن وفق الأسس التقليدية، دفع المشرع المغربي إلى الخروج بمجموعة من القوانين حتى تساير الركب الاقتصادي وتؤمن مجموعة من الحاجيات المجتمعية محافظة أحيانا على الأسس العامة لنظرية الالتزام ومبدأ سلطان الإرادة، ومتجاوزة في أحيان كثيرة هذه الأسس، وكل ذلك قصد مسايرة التوجه الليبرالي السريع التغير.
فتم تغيير وتتميم مجموعة من نصوص هذا القانون حينا والخروج بمدونات مستقلة أحيانا أخرى. وهكذا عرف العقد الأخير من القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين حركة تشريعية كبيرة انطلاقا بالخروج بمجموعة من القوانين التي تؤطر المجال التجاري (مدونة التجارة ،قانون شركة المساهمة، قانون باقي الشركات ،قانون إحداث المحاكم التجارية ، قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها…)، مرورا بتغيير الكثير من بنود قانون الالتزامات والعقود وتتميمها (قانون بيع العقار في طور الإنجاز، القانون المتعلق بتبادل المعطيات القانونية بطريقة إلكترونية، قانون المنافسة…)، وصولا لقوانين تهدم مجموعة من أسس نظرية سلطان الإرادة (قانون حماية المستهلك ، قانون الكراء المدني، قانون الكراء التجاري…).
لكل هذا نجد أنفسنا أمام مجموعة من التقنينات التي خرجت نتيجة لمجموعة من العوامل الاقتصادية سواء على مستوى القانون المدني (أولا) ،أو على مستوى قانون الأعمال (ثانيا).
أولا : الشرط في التقنين المدني الحديث
من بين أبرز القوانين التي أحدثت ثورة على مبادئ النظرية العامة للالتزام نجد القانون المتعلق بإحداث تدابير لحماية المستهلك رقم 31.08 الذي ذهب عكس ما هو منصوص عليه في قانون الالتزامات والعقود، حيث أضحى عن طريقه الفصل 230 من ظهير الالتزامات و العقود غير مجدي وهو الذي يجعل من العقد يحتل مكان القانون بين المتعاقدين، حيث جعل قانون 31.08 كل الشروط التعسفية التي تكون لصالح المورد باطلة بقوة القانون، إذ جاء في مادته الأولى ” يهدف هذا القانون إلى تحقيق ما يلي :
– …….
– ضمان حماية المستهلك فيما يتعلق بالشروط الواردة في عقود الاستهلاك ولاسيما الشروط التعسفية والشروط المتعلقة بالخدمات المالية والقروض الاستهلاكية والقروض العقارية وكذا الشروط المتعلقة بالإشهار والبيع عن بعد والبيع خارج المحلات التجارية”.
وهو بهذا يجعل من الشرط آلية لخدمة المستهلك وسط مجتمع تسيطر عليه الثقافة الاستهلاكية يوم بعد آخر، وخير مثال على ذلك نجد حق الرجوع الذي خوله هذا القانون للمستهلك إذ أن نفاذ البيع مقرون بالجودة وإلا رجع المستهلك عن العقد.
هذا بالإضافة لما جاء به قانون الكراء المدني رقم 67.12 كمثل تخصيصه الباب التاسع منه لتنظيم إسترجاع حيازة المحلات المهجورة[18] إذ بموجبه تكون استمرارية العلاقة الكرائية رهين بشرط الاستغلال، وعدم استغلال العين المكتراة يعد سبباً لفسخ عقد الكراء، كما نصت المادة 15 من نفس القانون على ضرورة الحصول على موافقة المكري في الحالة التي يريد فيها المكتري إدخال تغييرات على المحل والتجهيزات المكتراة، كشرط لبدء هذه الأعمال والإصلاحات.[19]
كما علق عقد الكراء على شرط فاسخ إذا أخل المكتري بمجموعة من الالتزامات وهي المحصورة في المادة 56 ومنحت للمكري إمكانية الطلب من المحكمة فسخ عقد الكراء، دون توجيه أي إشعار بالإفراغ.[20]
ثانيا :الشرط في قوانين الأعمال
يعتبر الشرط كوصف يلحق الرابطة العقدية من أهم الآليات التي اعتمدتها القوانين الحديثة الخاصة بميدان الأعمال، تسهيلا للحركة الاقتصادية، حيث نص عليه في معظم القوانين الاقتصادية مثل مدونة الشغل(أ)، ومدونة التأمينات (ب).
أ. الشرط في مدونة الشغل
من أبرز مظاهر الشرط في قوانين الأعمال نجد ما جاءت به مدونة الشغل بموجب القانون رقم 65.99 سواء من حيث تنفيذ عقد الشغل أو من حيث شروطه حيث نص على فترة الاختبار وجعلها بيد المشغل يشترطها على الأجير قبل إبرام عقد الشغل، حيث يعلق سريان عقد الشغل على شرط واقف معلق على كفاءة الأجير، وتبعا لهذا فإن فترة الاختبار إما أن تؤدي إلى إبرام عقد نهائي، وبذلك يكون لهذا العقد اثر رجعي وتدخل فيه أقدمية الأجير، وإما عدم تحقق الشرط، وبالتالي فلا تجد العلاقات الشغلية أي أساس لها في عقد الشغل[21].
هذا بالإضافة لما جاءت به هذه المدونة بخصوص مجموعة من الشروط المضمنة بعقود الشغل كمثل شرط عدم المنافسة وشرط الحفاظ على السرية.
ب. الشرط في مدونة التأمين
يعد قطاع التأمينات من أكثر القطاعات مساهمة في حركة الاقتصاد، إذ أن كل شركات التأمين هي شركات كبرى ألزمها المشرع أن تنظم وفق شكل معين وهو شركة المساهمة،كما جعلها تخضع لقانون خاص وهو مدونة التأمينات رقم 17.99 لما لها من أهمية بالغة في ضمان التعويضات الناتجة عن الأضرار وتشجيع الاستمرار وتحقيق الأمن الاقتصادي.
حتى أضحت الدولة تجعل منه عقد إلزامي في حالات كثيرة كمثل التأمين على المركبات التي تستعمل الطريق ويكون التأمين الإلزامي هنا هو تأمين ركاب هذه المركبة من كل الحوادث التي قد تصيبهم.
هذا ويعد عقد التأمين من أبرز العقود التي تنبني على شرط قوامه التعويض في حالة حصول الضرر، فيكون التعويض معلقا على شرط حدوث الحادثة في حال مثال التأمين على المركبات، ويستوجب التعويض كذلك في مثل التأمين على الحريق في اندلاع الحريق.
خاتمة
وفي الأخير يبقى القانون كما هو معلوم هو الخط الذي يسير عليه الجميع ويحدد وجهته وفق علامات وإشارات هذا الخط وتوجيهاته، والأصل انه هو صاحب التأثير القوي على الاقتصاد وحركة الأسواق، إلا انه في أحيان كثيرة نجده طيعا في خدمة الاقتصاد، وذلك عن طريق قوانين تساير ما يذهب أليه التوجه الاقتصادي السائد.
وهو الأمر الذي بدء فعلا بعد انهيار القطبية الثنائية وهيمنة اقتصاد السوق (المذهب الليبرالي)، حيث أضحت جل بلدان العالم تعمل على تعديل قوانينها بما يتلاءم والتوجه الليبرالي العالمي، والمغرب بطبيعة الحال هو الآخر ذهب في هذا التوجه بسنه لقوانين تخدم اقتصاده وتساير توجه شركائه الدوليين (العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب..)، وذلك بتحديث ترسانته القانونية المتعلقة بميدان الأعمال وخلخلة مجموعة من القوانين التي عمرة كثيرا على رأسها ظهير الالتزامات والعقود الذي عرف مؤخراً أهم تعديل يتعلق بالضمانات المنقولة قصد تحسين تموقع المغرب في مؤشر مناخ الأعمال والذي تطرق فيما تطرق له لبنود تعدل من أوصاف الالتزام.
الهوامش :
[1] عبدالله الدرقاوي، أوصاف الالتزامات في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، مجلة الملحق القضائي، العدد 29 – الصفحة 79.
[2] عبدالرحمن الشرقاوي. القانون المدني: دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي: أحكام الالتزام الجزءالثالث. أوصاف الالتزام وانتقاله وانتفائه الطبعة الثانية. .2018. ص 15
[3] أمر مستقبل : لكي تكون تكون الواقعة شرطية يجب أن تكون أمرا مستقبلا، أما الواقعة الماضية أو الحاضرة فلا يصح ان تكون شرطا حتى ولو كانت مجهولة من طرفي الالتزام.
[4] غير محقق الوقوع اي ان الحدث ينبغي أن يكون غير محقق وجوده إذ الشك والريبة في وجوده من عدمه هو جوهر الشرط.
[5] غير مستحيل : الأمر المستحيل لا بصح البتة أن يكون شرطا وذلك بسبب مغايرته لمقتضيات الطبيعة او بسبب تعارضه وأحكام القانون وهو بذلك إما أن يكون مستحيلا استحالة مادية أو استحالة قانونية.
[6] غير مخالف للقانون والأخلاق الحميدة : نص على بطلان الشرط المخالف للقانون والأخلاق الحميدة الفصل 108 من ظهير الالتزامات والعقود حبث جاء فيه “كل شرط يقوم…… أو مخالف للأخلاق الحميدة أو للقانون يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه.
[7] مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي ، المجلد الثاني : أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، مطابع دار القلم / بيروت لبنان، الطبعة الأولى 1970،ص19 – 20.
[8] بلانيول وريبير بولا نجيه، دروس في القانون المدني الفرنسي، ج 2 فقرة 1349، مأخوذ عن عبدالرحمن الشرادي، الشرادي، الشرط والاجل في قانون الالتزامات والعقود، ط الأولى ص 29.
[9] عبدالرزاق السنهوري، الوسيط، ج 3، ص35 ص35 عن عبدالرحمن الشرادي، م س، ص 29.
[10] مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي . م س. ص 33.
[11] عبدالرحمن الشرقاوي. دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي: أحكام الالتزام الجزءالثالث. أوصاف الالتزام وانتقاله وانتفائه الطبعة الثانية .2018 ،م س، ص30.
[12] مأمون الكزبري ، م س، ص36.
[13] عبدالله الدرقاوي ، مجلة الملحق القضائي ، أوصاف الالتزام في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي ، عدد 29،ص91.
[14] عبدالرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثالث، نظرية الالتزام بوجه عام، الأوصاف – الحوالة – الانقضاء، دغر الثراث العربي، ص 38.
[15] عبدالكريم شهبون، الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود المغربي ، الكتاب الأول، الالتزامات بوجه عام، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط 2002. ص3.
[16] عبدالرحمن الشرقاوي. دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي: أحكام الالتزام الجزءالثالث. أوصاف الالتزام وانتقاله وانتفائه الطبعة الثانية. .2018 م س،. ص 32.
[17] ينص الفصل 120 من قانون الالتزامات والعقود على “لا يصح الشرط الذي لا فائدة فيه لمشترطه أو لغيره أو بالنسبة لموضوع العقد”.
[18] حساين عبود، قراءة في القانون رقم 12.67 المتعلق بكراء المحلات المعدة للسكنى أو الاستعمال المهني، مجلة القضاء المدني، العدد الحادي عشر، ص83.
[19] فيصل بجي، اشكالية التوازن العقدي في الكراء الجديد 12.67، مجلة القانون المدني ، العدد الأول 2014 ص 125.
[20] فيصل بجي، م س، ص 135
[21] محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الثاني، المجلد الأول، مطبعة دار السلام، طبعة يناير 2007،ص352 – 253.
تعليقات 0