الضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية (الضريبة على البيوع العقارية نموذجا)

28 أغسطس 2021 - 2:53 م مقالات , القانون الخاص , مقالات , القانون العام , في الواجهة , مقالات
  • حجم الخط A+A-

آسية المسك باحثة في القانون

تقديم:

يعتبر العقار من أهم القطاعات المحركة لعجلة التنمية بالمغرب، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو البيئية الخ، بحيث يتقاطع وبشكل أفقي مع مختلف القطاعات الأخرى، فهو تلك  اللبنة أو الأرضية الأساسية، التي تنطلق منها مختلف المشاريع العمرانية، والسياحية والفلاحية إلى غير ذلك، ونظرا للدور المحوري الذي يلعبه هذا القطاع في تحريك عجلة التنمية داخل البلد، عملة الدولة المغربية من خلال حكوماتها المتوالية، على التدخل من خلال سنها لسياسة ضريبية، تعمل بواسطتها على محاولة التوفيق بين حقها في تحصيل الضرائب المستمد من سلطتها السيادية، وكذا دعم الاستثمار في هذا المجال، وذلك من خلال اعتماد تدابير تحفيزية، تمكن من تخفيض الضغط الجبائي وتحسين المردودية التنافسية في هذا المجال.

وقد فرضت أول ضريبة على الأرباح العقارية سنة 1978، من خلال قانون المالية رقم 1-77، لتصبح بموجب قانون المالية لسنة 2001 تندرج ضمن الضريبة على الدخل، إلى جانب الدخول المهنية والدخول الفلاحية وكذا الأجور والدخول المعتبرة في حكمها، وأيضا الدخول والأرباح الناتجة عن رؤوس الأموال المنقولة، وفي سنة 2006 أصبحت تسمى الضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية، وقد ميز المشرع في هذا الصدد انطلاقا من الفصل 61 من المدونة العامة للضرائب، بين الدخول والأرباح العقارية، بحيث تعتبر دخولا عقارية لأجل تطبيق الضريبة على الدخل، ما لم تكن مندرجة في صنف الدخول المهنية:

  • الدخول الناشئة عن إيجار:

– العقارات المبنیة وغیر المبنیة والبناءات مهما كان نوعها؛
– العقارات الزراعیة ویدخل في ذلك المباني والمعدات الثابتة والمتحركة المرتبطة بها.

  • القيمة الإيجارية للعقارات والمباني التي يضعها ملاكها مجاناً رهن تصرف الغير، على أن تُراعى في ذلك الاستثناءات الواردة في المادة 62- I من المدونة العامة للضرائب؛
  • التعویضات عن الإفراغ المدفوعة من طرف مالكي العقارات إلى الأشخاص الذین یشغلونها؛

 

  • تعتبر أرباحا عقاریة لتطبیق أحكام الضریبة على الدخل، الأرباح المثبتة أو المحققة بمناسبة:

– بیع عقارات واقعة بالمغرب أو تفویت حقوق عینیة عقاریة متعلقة بالعقارات المذكورة؛
– نزع ملكیة عقار لأجل المنفعة العامة؛
– المساھمة في شركة بعقارات أو حقوق عینیة عقاریة؛
– عملیات التفویت بعوض لأسهم أو تقدیم حصص مشاركة اسمية صادرة عن شركات ذات غرض عقاري المعتبرة ضریبیا شفافة وفقاً للمادة 3-3   من المدونة العامة للضرائب ؛
– عمليات التفويت بعوض أو المشاركة في شركات بأسهم أو حصص مشاركة في شركات يغلب عليها الطابع العقاري وغير المسعرة ببورصة القيم؛
– المعاوضة المعتبرة بیعا مزدوجا والمتعلقة بالعقارات أو الحقوق العینیة العقاریة أو الأسهم أو حصص المشاركة المنصوص عليها أعلاه؛
– قسمة العقارات المشاعة بمدرك وفي هذه الحالة لا تفرض الضریبة إلا على الربح المحصل عليه من التفویت الجزئي الناتج عنه المدرك المذكور؛
– التفویتات بغیر عوض الواقعة على العقارات والحقوق العینیة العقاریة والأسهم أو الحصص المذكورة أعلاه.

و يحظى موضوع الضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية (الضريبة على البيوع العقارية نموذجا)، أهمية بارزة على المستويين العلمي والعملي، هذه الأهمية التي يستمدها من المكانة القصوى التي يحظى بها قطاع العقار بالمغرب، ومدى خذمته للمجالين الاقتصادي والاجتماعي.

ومن أجل التوسع أكثر في الحديث عن موضوع تضريب البيوع العقارية، كضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية، سوف ننطلق من الإشكال التالي: تضريب البيوع العقارية، بين حقوق الإدارة في التحصيل المستمد من سلطتها السيادية، وضمانات الملزمين.

ومحاولة مني لاستيفاء الجواب على الإشكال المطروح، سأعتمد المقاربة الأنجلوسكسونية أثناء تحليل موضوع الدراسة، وذلك تجاوزا لمسألة الثنائية في التصميم، بحيث سأعتمد خطة البحث التالية:

  • المبحث الأول: التأطير القانوني للضريبة على الأرباح العقارية
  • المبحث الثاني: الاستثناءات والإعفاءات الضريبية المرتبطة بالمعاملات العقارية المعتبرة بيعا
  • المبحث الثالث: الضريبة على الأرباح العقارية بين حقوق الملزم  وضمانات الإدارة

المبحث الأول: التأطير القانوني للضريبة على الأرباح العقارية

إن حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956، جعله في وضعية اقتصادية واجتماعية تطلبت موارد مالية كبيرة، للقيام بالمهام المرتبطة بممارسة السيادة الداخلية والخارجية وإرساء قواعد التنمية، الأمر الذي دفع المغرب للإقدام على مجموعة من الإجراءات، التي شملة المجال الضريبي إلى جانب مجالات أخرى، بحيث تم إحداث ضرائب جديدة، وكذا الزيادة في أسعار الضرائب، التي سبق أن أحدثت من قبل خلال فترة الحماية، وفي ظل هذه الإصلاحات الضريبية والتي شملت التوسيع التدريجي في الوعاء الضريبي، عرفت سنة 1978 إحداث ولأول مرة الضريبة على الأرباح العقارية، والتي ضمنت في المادة الخامسة من قانون المالية رقم  77-1[1].

حيث خضعت لهذه الضريبة العمليات العرضية، المتعلقة بتفويت العقارات أو حقوق العينية العقارية*، أما إذا كانت هذه العمليات تدخل في إطار النشاط المهني، فإنها تخضع للضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل حسب الحالة، إضافة للضريبة على القيمة المضافة[2]، واستمر العمل بهذا المقتضى حتى سنة 2001، بحيث تم حذف الضريبة على الأرباح العقارية كضريبة نوعية مستقلة وقائمة بذاتها، وثم إدماجها آنذاك في إطار الضريبة العامة على الدخل صنف الدخول والأرباح العقارية، وذلك بموجب قانون المالية لسنة 2001، ورغم ذلك لم يتغير نظام الضريبة على الربح العقاري، بحيث احتفظت بخصوصيتها المستمدة من قانون المالية لسنة 1978، وبالتالي لم يتغير نظامها سواء تعلق الأمر بالوعاء أو سعرها النسبي[3]، وبموجب قانون المالية لسنة 2006[4]، أصبحنا نتحدث عن الضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية، بدلا من الضريبة  العامة على الدخل صنف الأرباح العقارية. وعموما طبعة هذه الضريبة بعدم الاستقرار بحيث عرفت سلسلة من التعديلات، ولعل آخر تعديل تم بموجب قانون المالية لسنة 2020[5]، مرورا بقانون المالية  لسنتي 2013[6] و2018[7]، اللذان شكلا  محطتين مهمتين في مسار التعديلات التي عرفتها هذه الضريب.

المطلب الأول: أساس فرض الضريبة على البيوع العقارية (تحديد تمن التفويت)

بخصوص أساس فرض الضريبة على الأرباح العقارية، فقد ورد في مستهل الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون المالية لسنة 1978 رقم  77_1  على أنه: “يتكون الربح الخاضع للضريبة، من فائض ثمن التفويت بالنسبة لثمن التملك المضاف إليه مبلغ التوظيفات المثبتة”، هذا المقتضى الذي تم تتميمه بموجب المادة الرابعة من قانون المالية لسنة 1980[8] والتي تنص على أنه: ” يعادل الربح المفروضة عليه الضريبة الفرق بين:

–  ثمن التفويت المسقطة منه عند الاقتضاء مصاريف التفويت .

– وثمن التملك المضافة إليه مصاريف التملك ونفقات الاستثمار المنجزة والفوائد المؤدات من لدن المفوت  عن قروض تمنحها أجهزة قرض مقبولة لإنجاز عمليات التملك والاستثمار المذكورة “.

ويراد هنا بثمن التفويت؛ ثمن البيع أو القيمة التقديرية المصرح أو المعترف بها، من لدن الطرفين أو أحدهما في العقد أو القيمة المحددة قانونا[9]، و يباشر تصحيح الثمن المعبر عنه في عقد البيع أو في اقرار الخاضع للضريبة، إذا ظهر أن هذا الثمن غير مطابق لقيمة الملك التجارية في تاريخ البيع، وذلك وفق الشروط المنصوص عليها لهذا الغرض[10]، وفي حالة تفويت عقار أو حق عيني عقاري سبق للإدارة أن قامت بتصحيح ثمن تملكه أو ثمن تكلفته في حالة تسليم الشخص العقار لنفسه، إما فيما يتعلق بواجب التسجيل وإما فيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، فإن ثمن التملك الواجب اعتباره هو الثمن الذي تم تصحيحه من لدن الإدارة، والذي على أساسه دفع الخاضع للضريبة الواجبات المستحقة.

 كما يراد بمصاريف التفويت مصاريف الإعلانات الإشهارية، ومصاريف السمسرة، ومصاريف تحرير العقود الملقاة عادة على كاهل المفوت، وكذا التعويضات عن الإفراغ المثبتة بصفة قانونية. كما أنه وبموجب هذا التعديل أصبح يضاف إلى ثمن التملك، مصاريف التملك ونفقات الاستثمار المنجزة وكذا الفوائد أو الربح المعلوم، أو هامش الإيجار التي أداها المفوت، إما مقابل قروض ممنوحة من لدن المؤسسات المتخصصة، أو مؤسسات الإثمان والهيئات المعتبرة في حكمها، المرخص لها قانونا بالقيام بهذه العمليات، أو من لدن مؤسسات الأعمال الاجتماعية التابعة للقطاعين العمومي وشبه العمومي، أو القطاع الخاص وكذا المنشآت، أما في إطار عقد المرابحة أو (اجارة منتهية بالتمليك) المبرمج مع مؤسسات الائتمان، والهيئات المعتبرة في حكمها للقيام بعمليات التملك أو الاستثمار .

ويراد بمصاريف التملك مصاريف وتكاليف العقد الصحيحة، ورسوم التمبر والتسجيل، والرسوم المدفوعة إلى المحافظة العقارية لأجل التحفيظ والتقييد، وكذا مصاريف السمسرة، ومصاريف العقود المتعلقة بتملك العقار المفوت، وتقيم هذه المصاريف جزافيا بنسبة 15%  من ثمن التملك ما عدا إذا أثبت  الخاضع للضريبة أن المصاريف المذكورة تقدر بمبلغ أعلى، بينما يراد بنفقات الاستثمار نفقات تجهيز الأرض والبناء وإعادة البناء، والتوسيع وتجديد والتحسين المثبتة بصفة قانونية[11]، بينما يعاد تقييم ثمن التملك المضاف إليه بضرب هذا الثمن في المعامل المطابق لسنة التملك، محسوبا من لدن الإدارة استنادا إلى الرقم الاستدلالي الوطني لتكلفة المعيشة. وفيما يخص السنوات السابقة لسنة 1946 يحسب المعامل استنادا إلى سعر جزافي نسبته 3% عن كل سنة. في حين تشمل إعادة التقييم كذلك قيمة الاكتتاب أو التملك من لدن الشركات التي يغلب عليها الطابع العقاري[12].

أيضا وفي نفس السياق، نجد أنه تم التنصيص من خلال الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 77-1، على أنه: ” في حالة تفويت عقارات مكتسبة عن طريق الإرث، فإن ثمن التملك الواجب اعتباره هو:

_  إما القيمة التجارية للعقارات المسجلة في إحصاء التركة المعد من طرف الورثة خلال الاثني عشرة شهرا الموالية للشهر الذي توفي فيه المورث.

_  وإما عند عدم ذلك، القيمة التجارية للعقارات على حالتهم يوم وفاة المورث حسب ما صرح بها الملزم مع مراعاة حق الإدارة في إجراء المراجعة المنصوص عليها في الفقرةX  بعده”.

واستمر العمل بهذا المقتضى، إلى أن تم تعديل الفقرة الخامسة من البند الثاني من المادة 65 من المدونة العامة للضرائب، وذلك بمقتضى قانون المالية لسنة 2013 بحيث نص على ما يلي: ” في حالة تفويت عقارات وقع تملكها عن طريق الإرث، يمثل ثمن التملك الواجب اعتباره:

مقال قد يهمك :   دور مبدأ التفريع في تكريس الحكامة الجهوية بالمغرب

_  ثمن التملك بعوض من طرف الهالك للعقار الذي ورثه المفوت مضافة إليه مصاريف الاستثمار المشار إليها أعلاه بما فيها المصاريف المتعلقة بالترميم والتجهيز أو ثمن تكلفة في حالة بنائه من طرف الهالك .

_ أو إذا تعذر ذلك ومع مراعات أحكام المادة 224  أدناه، القيمة التجارية للعقارات يوم نقل ملكيته إلى الهالك عن طريق الإرث أو الهبة كما صرح بها الوارث المفوت”.

 هذا التعديل الذي أصبح بموجبه ثمن التملك؛ هو آخر ثمن تملك بمقابل من لدن المورث، وفي حالة عدم تحقق ذلك يعد ثمن التملك هو القيمة التجارية للعقارات يوم نقل ملكيتها بدون عوض إلى المورث، وذلك إما عن طريق الهبة أو الإرث، والإشكال الذي قد يطرح في هذا الصدد هو أن الفترة الفاصلة بين آخر تفويت سواء كان بعوض أو بدون عوض قد تطول وذلك من شأنه أن تصبح قيمة العقار اضعاف قيمتها خلال آخر تفويت، وذلك إما بمناسبة أشغال عمومية من شأنها تعبيد طريق مجاورة للعقار أو إيصاله بالكهرباء أو دخول العقار للمجال الحضري أو إلى غير ذلك من الأسباب التي من شأنها الرفع من قيمة العقار، الأمر الذي من شأنه أن يفوت على الدولة تحصيل ضريبة أكبر من حيت القيمة.

 في حين كان ثمن التملك يتمثل سابقا؛ في القيمة التجارية للعقارات المسجلة في إحصاء التركة الذي يتم إعدادها من طرف الورثة، وذلك داخل أجل 12 شهر الموالية للشهر الذي توفي فيه المورث، وفي حالة لم يتم إعداد احصاء التركة المذكور يكون ثمن التملك هو القيمة التجارية للعقارات في حالتها يوم وفاة المورت. وقد تم تعديل هذا المقتضى للمرة الثالثة بموجب قانون المالية لسنة 2018، هذا التعديل الذي يمكن اعتباره عدول عن تعديل سنة 2013، وذلك نظرا لكونه طرح اشكالات قانونية ودستورية عدة [13]، بحيث أصبحت الفقرة الخامسة من المادة 56 من المدونة العامة للضرائب، بعد دخول قانون المالية لسنة 2018 حيز التنفيذ تنص على ما يلي: ” في حاله تفويت عقارات وقع تملكها عن طريق الإرث يمثل ثمن التملك الواجب اعتباره، مع مراعات أحكام المادة 224 أدناه:

_  إما القيمة التجارية للعقارات، يوم وفاة الهالك المقيدة في الجرد الذي انجزه الورثة.

_ وإما إذا تعذر ذلك، القيمة التجارية للعقارات يوم وفاة الهالك كما صرح بها الخاضع للضريبة”.

المطلب الثاني: المعاملات العقارية المعتبرة بيعا والخاضعة للضريبة على الأرباح العقارية

لقد حدد المشرع المغربي المعاملات المعتبرة بيعا، والمشمولة بتطبيق الضريبة على الأرباح العقارية، وذلك من خلال المادة 61 من المدونة العامة للضرائب، وتتمثل هذه المعاملات في بيع العقارات الواقعة بالمغرب، أو تفويت حقوق عينية عقارية متعلقة بتلك العقارات، وأيضا المعاوضة المعتبرة بيعا مزدوجا والمتعلقة بالعقارات، أو الحقوق العينية العقارية، أو الأسهم أو حصص المشاركة  في شركات يغلب عليها الطابع العقاري وغير المسعرة ببورصة القيم، وأخيرا قسمة العقارات المشاعة بمدرك، وفي هذه الحالة لا تفرض الضريبة إلا على الربح المحصل عليه من التفويت الجزئي الناتج عن المدرك المذكور.

الفرع الأول: بيع العقارات الواقعة بالمغرب أو تفويت حقوق عينية عقارية متعلقة بها

بالنسبة لبيع العقارات أو تفويت الحقوق العينية المرتبطة بها، يجب التمييز بين نوعين من البيع، فهناك البيع الرضائي والبيع غير الرضائي.

الفقرة الأولى: عقد البيع الرضائي

معلوم أن البيع الرضائي؛ هو عملية من شأنها نقل ملكية العقار المبيع، وكذا الحقوق المادية والمعنوية المرتبطة به من البائع إلى المشتري، مقابل ثمن يلتزم به هذا الأخير[14]، و بالتالي فإن الواقعة المنشئة للضريبة على الأرباح العقارية فهي متوفرة في هذه الحالة، لكن يجب في هذا الصدد التميز بين طبيعة العقد؛ هل هو عقد تام أم معلق على أجل أو شرط؟ بحيث لكل صنف من هؤلاء مميزات خاصة به، وبالتالي تترتب عليه نتائج مغايرة لباقي الأصناف الأخرى، فبالنسبة لعقد البيع التام والذي يكون قابل للتنفيذ مباشرة بعد إبرام العقد والتوقيع عليه من لدن الأطراف، وبالتالي هذا الصنف لا يطرح أي إشكال طالما أن العقد محقق و قابل للتنفيذ، أما بالنسبة للعقد المعلق على أجل محدد فهو يعتبر بذلك عقدا واقفا، وفي هذه الحالة قد يطرح إشكال متمثل في وقت استحقاق الضريبة على الأرباح العقارية، الناشئة عن بيع تم وفق عقد معلق على أجل، فهل تكون مستحقة من تاريخ إبرام العقد؟ أم انطلاقا من انصرام الأجل المعلق عليه العقد؟ وبصيغة أكثر دقة، هل الواقعة المنشئة للضريبة هنا هي عملية البيع في حد ذاتها أم تحقيق الربح؟

وفي هذا الصدد وبالرجوع للمدونة العامة للضرائب، نجد أن المشرع قد نص في المادة 61 على ما يلي: “… تعتبر أرباحا عقارية لتطبيق أحكام الضريبة على الدخل الأرباح المثبتة أو المحققة بمناسبة بيع عقارات واقعة بالمغرب أو تفويت حقوق عينية عقارية متعلقة بالعقارات المذكورة …” وبالتالي نستنتج من هذا أن الواقعة المنشئة للضريبة على الأرباح العقارية، هي الأرباح سواء المثبتة أو المحققة وليس عملية البيع في حد ذاتها .

 كما نجد صنف ثالث من عقود البيع وهو العقد المعلق على شرط معين وهنا وجب علينا التمييز بين نوعين من الشروط، حيث هناك الشرط المانع وكذا الشرط الفاسخ، فبخصوص الشرط الفاسخ، فهنا يكون العقد قائم كما تترتب أتاره القانونية، إلا أنه يكون قابل للفسخ في حلة عدم تحقق الشرط المعلق عليه، وفي هذه الحالة تكون الضريبة على الأرباح العقارية محققة، طالما أن العقد يكون محققا قبل فسخه، أما بخصوص بيع العقار وفق عقد معلق على شرط مانع، في هذه الحالة عدم تحقق الشرط يؤول دون إبرام العقد من أساسه، وبالتالي لا تفرض في هذه الحالة الضريبة على الأرباح العقارية.

ويوجد نوع آخر من عقود البيع الرضائي ويتعلق الأمر ببيع الثنيا[15]، هذا الأخير الذي يلتزم المشتري بمقتضاه، بعدم تمام انعقاده، بأن يرجع المبيع للبائع في مقابل رد الثمن، شريطة أن لا تتجاوز مدة الاسترداد ثلاث سنوات[16]، وهو الأمر الذي يدفعنا للتساؤل حول ما إذا كان التزام المشتري بعدم تمام عقد البيع، على أن يرجع المبيع للبائع داخل الأجل المتفق عليه، من شأنه عدم استحقاق الخزينة للضريبة على الربح العقاري الذي حققه البائع؟

الفقرة الثانية: عقد البيع غير الرضائي

المشرع الضريبي عندما عدد العمليات التي تتحقق بمناسبتها الأرباح العقارية، الخاضعة لأحكام الضريبة على الدخل، من خلال المادة 61 من المدونة العامة للضرائب، لم يميز عند إشارته لبيع العقارات الواقعة بالمغرب أو تفويت حقوق عينية مرتبطة بتلك العقارات، بين البيع الرضائي والبيع غير الرضائي، كما هو الشأن بالنسبة لمسطرة تحقيق الرهن[17]، بحيث ينقضي الرهن سواء الرسمي أو الحيازي ببيع الملك بيعا جبريا بالمزاد العلني وفقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون،[18] وبالتالي البيع هنا يتم بدون أي مناقشة أو تفاوض أو حتى اتفاق مسبق، من لدن الأطراف بخصوص شروط أو محتويات عقد البيع، بحيث تنتقل الملكية من صاحب العقار الأصلي إلى من رسا عليه المزاد العلني، حيث لامجال للتفاوض بين صاحب العقار ومن يرغب في اقتنائه، الأمر الذي يتنافى معه عنصر الرضى ليكون بذلك البيع غير رضائي، كما أنه لم يصدر عن البائع أي بصفة شخصية، وإنما ثم عن طريق المحكمة في شكل بيع بالمزاد العلني، ومن تم يخرج من نطاق تطبيق الضريبة على الأرباح العقارية[19].

الفرع الثاني: المعاوضة المعتبرة بيعا مزدوجا

 المعاوضة طبقا لظهير الالتزامات والعقود المغربي، هو عقد بمقتضاه يعطي كل من المتعاقدين للآخر على سبيل الملكية شيئا منقولا، أو عقاريا، أو حقا معنوي، في مقابل شيء أو حق آخر من نفس النوع أو من نوع آخر،[20] وبذلك فالمعاوضة تدرج ضمن التصرفات التي تتم بمقابل،[21] وهو اتفاق يتم بموجبه تخلي شخص مدين لفائدة دائنه عن ملكية شيء أو حق، وفاء للدين،[22] ومنه فكلما تعلق الأمر بعقار  متخلى عنه أو حق عيني مرتبط به، إلا وأخضع للضريبة على الارباح العقارية،[23] بحيث تنص المادة 61 من المدونة العامة للضرائب على أنه: “… تعتبر أرباحا عقارية لتطبيق أحكام الضريبة على الدخل، الأرباح المثبتة أو المحققة بمناسبة … المعاوضة المعتبرة بيعا مزدوجا والمتعلقة بالعقارات أو الحقوق العينية العقارية أو الأسهم أو حصص المشاركة المنصوص عليها أعلاه…”.

الفرع الثالث: قسمة العقارات المشاعة بمدرك

لقد جاء في المادة 61 من المدونة العامة للضرائب على أنه: “… تعتبر أرباحا عقارية لتطبيق أحكام الضريبة على الدخل الأرباح المثبتة أو المحققة بمناسبة: … قسمة العقارات المشاعة بمدرك وفي هذه الحالة لا تفرض الضريبة إلا على الربح المحصل عليه من التفويت الجزئي الناتج عن المدرك المذكور…”، والمدرك هو أداء مبلغ مالي نقدا أو عينا، مخصص أصلا لإحداث توازن في العقارات أثناء القسمة، أو المعاوضة بين الأطراف، وأداء المدرك لا يغير شيئا من طبيعة العملية، وإنما هو جزء لا يتجزأ من قيمة العقار الذي وقع تفويته من لدن المستفيد من المدرك.

المبحث الثاني: الاستثناءات والإعفاءات الضريبية المرتبطة بالمعاملات العقارية المعتبرة بيعا

لقد تم التنصيص على الاستثناءات والاعفاءات المرتبطة بالمعاملات العقارية المعتبرة بيعا، في كل من المادة 62 و 63 من المدونة العامة للضرائب، بحيث نصت المادة 62 في فقرتها الثالثة على أنه لا تخضع للضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية:

  • إلغاء عملية التفويت المنجز بمقتضى حكم قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به.
  • فسخ تفويت بالتراضي لعقار إذا تم  هذا  الفسخ خلال الأربع وعشرين ساعة من التفويت الأول.
مقال قد يهمك :   خالد خالص: حصانة عضو مجلس هيئة المحامين

كما تم تخصيص المادة 63 للإعفاءات، لكن قبل الوقوف عند مضمون المادة 63 (الفرع الثاني) سأعرج أولا على التطور التاريخي لهذه الإعفاءات (الفرع الأول).

المطلب الأول: التطور التاريخي للإعفاء من الضريبة على الأرباح العقارية

فيما يخص الإعفاء من الضريبة على البيوع العقارية، فقد شملة انطلاقا من الفصل5 من القانون المالي لسنة 1978، الربح المحصل عليه من تفويت عقار، أو جزء عقار فيما يخص الجزء المستعمل كسكنى رئيسية، من طرف المالك منذ خمس سنوات على الأقل في تاريخ التفويت المذكور، هذه المدة التي تم تمديدها إلى ثمان سنوات بموجب الفصل 4  من قانون المالية لسنة 1980، كما أضاف هذا الأخير إلى قائمه الإعفاءات الربح المحصل عليه من لدن كل شخص يفوت خلال السنة المدنية عقارات لا يتجاوز مجموع قيمتها 30000 درهم.

 عموما نحن اليوم أمام لائحة مهمة من الإعفاءات، شملت الدخول العقارية السنوية التي لا تتجاوز 30000  درهم، عندما يتوفر الخاضع للضريبة على عدة دخول عقارية، يتجاوز مبلغها الإجمالي الدخل الخاضع للضريبة الحد المشار إليه أعلاه، يتعين عليه إيداع الإقرار السنوي برسم الدخول العقارية المنصوص عليها قانونا[24]، وأداء الضريبة المستحقة برسم هذه الدخول بصورة تلقائية[25]، مع الإشارة إلى عدم جواز الجمع بين الحد الأدنى المعفى المشار إليه أعلاه، وبين الإعفاءات التي سبق للخاضع للضريبة أن استفاد منها برسم دخول أخرى[26]، ودون الإخلال بالمقتضيات القانونية الجاري بها العمل[27]، نجد الربح المحصل عليه من لدن كل شخص، يقوم خلال السنة المدنية بتفويت عقارات لا يتجاوز مجموع قيمتها 140 ألف درهم، ثم الربح المحصل عليه من تفويت عقار أو جزء عقار، يشغله على وجه سكنى رئيسية مدة ستة سنوات على الأقل في تاريخ التفويت المذكور، مالكه أو أعضاء الشركات ذات الغرض العقاري المعتبرة ضريبيا شفافة[28]، غير أن مدة أقصاها سنة تبتدئ من تاريخ إخلاء المسكن تمنح للخاضع للضريبة قصد انجاز عمله، يمنح هذا الإعفاء كذلك للخاضع للضريبة، في حالة تفويت عقار أو جزء من عقار تم اقتناؤه في إطار عقد (إجارة منتهية بتمليك) وتخصيصه لسكناه الرئيسية، ويمنح هذا الإعفاء كذلك للأرض التي شيد فوقها البناء في حدود مساحته المغطاة خمس مرات[29].

و ينضاف إلى ذلك كل من الربح المحصل عليه، من تفويت حقوق مشاعة في عقارات فلاحيه واقعة خارج الدوائر الحضارية، فيما بين الشركاء في الإرث، وفي حالة تفويت لاحق يتكون الربح المفروضة عليه الضريبة، من زائد ثمن التفويت على تكلفة التملك من لدن الشريك أو الشركاء في الإرث، الذين استفادوا من الإعفاء. وتحدد التكلفة المذكورة وفق الشروط المنصوص عليها قانونا[30]، ثم الربح المحصل عليه بمناسبة تفويت السكن الاجتماعي[31]، والذي يشغله مالكه على وجه سكنى رئيسية منذ أربع سنوات على الأقل في تاريخ التفويت المذكور، على أن تراعى في ذلك الأحكام القانونية الجاري بها العمل[32]، وأخيرا التفويتات بغير عوض الواقعة على الممتلكات المذكورة، والمنجزة بين الأصول والفروع وبين الأزواج والإخوة والأخوات، وبين الكافل والمكفول في إطار كفالة تم اسنادها بناء على أمر أصدره القاضي المكلف بشؤون القاصرين[33].

أما بالنسبة لحالتي الإعفاء بسبب السكنى الرئيسية، المنصوص عليها في الفقرة الثانية ( باء و دال) من المادة 63 من المدونة العامة للضرائب، قد تطرح إشكال وهو كيفية إثبات شغل المسكن قبل تفويته على سبيل السكنى الرئيسية، وهل يصح إثباته بمختلف وسائل الإثبات المتوفرة والممكنة، وسنحاول ابراز رأي القضاء الاداري في هذه المسألة، من خلال   القرار عدد 283 الصادر عن محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 26/01/2012 و الذي جاء فيه :
“….وبخصوص الوسيلة المستمدة من خرق مقتضيات المادة 63 من المدونة العامة للضرائب ، والتي تنص على أن الربح المحصل عليه من تفويت عقار أو جزء عقار يشغله الملزم على وجه السكنى الرئيسية ، منذ ثمان سنوات على الأقل من تاريخ التفويت المذكور يعفي من الضريبة ، وأن المستأنف عليه تمسك بكون السكن موضوع الفرض اتخذه سكنا رئيسيا لزوجته الثانية لمدة تفوق ثمان سنوات .
وحيث أن مفهوم السكن الرئيسي تنطبق على سكنى الملزم ما دامت إدارة الضرائب لم تثبت أن المستأنف عليه لا يقيم بشكل دائم مع زوجته الثانية… وحيث أن سكناه مع زوجته الثانية لا يعتبر سكنا ثانويا، لأنه ملزم شرعا بتوفير لكل زوجة سكنى مستقلة وأن القوانين الضريبية إنما تفسر لصالح الملزم، وأن الحكم المطعون فيه مصادف للصواب وواجب التأييد “.

المطلب الثاني: الاعفاءات المرتبطة بالمعاملات العقارية المعتبرة بيعا من خلال المادة 63 من المدونة العامة للضرائب

 

نوع الاعفاء

 

الاعفاءات حسب المدونة العامة للضرائب

 

العقارات المعفاة حسب قيمتها

الربح المحصل عليه من لدن كل شخص يقوم خلال السنة المدنية بتفويت عقارات لا يتجاوز مجموع قيمتها 140.000 درهم
 

 

 

 

 

 

العقارات المعفاة حسب مدة استغلالها

 الربح المحصل عليه من تفويت عقار أو جزء من عقار يشغله على وجه سكنى رئيسية منذ ستة 6 سنوات على الأقل في تاريخ التفويت المذكور مالكه أو أعضاء الشركات ذات الغر ض العقاري المعتبرة ضريبيا شفافة وفقا لما ورد في المادة 3° – 3 أعاله.

غير أن مدة أقصاها سنة تبتدئ من تاريخ إخلاء المسكن تمنح للخاضع للضريبة قصد إنجاز عملية التفويت.

كما تعفى عمليات تفويت عقار أو جزء من عقار يشغله مالكه على وجه سكنى رئيسية أو أعضاء الشركات ذات الغرض العقاري المعتبرة شفافة وفق المادة 3- 3 °أعاله، قبل انصرام أجل 6 سنوات السالف الذكر، وفق الشروط التالية:

الالتزام بإعادة استثمار ثمن التفويت في اقتناء عقار مخصص للسكنى الرئيسية داخل أجل لا يتعدى ستة أشهر من تاريخ تفويت العقار الأول المخصص للسكنى الرئيسية؛

– لا يجوز للخاضع للضريبة الاستفادة من هذا الاعفاء إلا مرة واحدة؛

–  ألا يتجاوز ثمن تفويت العقار المذكور أربعة ماليين 000 000 4 درهم؛

– يجب الاحتفاظ بمبلغ الضريبة على الدخل برسم الربح الناتج عن تفويت العقار السالف الذكر الذي كان يفترض أداؤه، لدى الموثق إلى غاية اقتناء عقار آخر يخصص لسكنى رئيسية.

 

العقارات المعفاة حسب مساحتها ويمنح هذا الإعفاء كذلك للأرض التي شيد فوقها البناء في حدود مساحته المغطاة خمس5  مرات
 

العقارات المعفاة حسب نوعية العقد المبرم بشأنها

 

يمنح هذا الإعفاء كذلك للخاضع للضريبة، في حالة تفويت عقار أو جزء من عقار تم اقتناؤه في إطار عقد “إجارة منتهية بالتمليك” و تخصيصه لسكناه الرئيسية.

 

 

 

 

العقارات المعفاة حسب نوعها

الربح المحصل عليه من تفويت حقوق مشاعة في عقارات فلاحية واقعة خارج الدوائر الحضرية فيما بين الشركاء في الإرث.

في حالة تفويت الحق يتكون الربح المفروضة عليه الضريبة من زائد ثمن التفويت على تكلفة التملك من لدن الشريك أو الشركاء في الإرث الذين استفادوا من الإعفاء.

تحدد التكلفة المذكورة وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 65 من المدونة العامة للضرائب.

– الربح المحصل عليه بمناسبة تفويت السكن الاجتماعي كما هو منصوص عليه في المادة 92-I°-28 من المدونة العامة للضرائب، والذي يشغلـه مالكه علـى وجـه سكنى رئيسية منذ أربع (4(  سنوات على الأقل في تاريخ التفويت المذكور.

المبحث الثالث: الضريبة على الأرباح العقارية بين ضمانات الملزم  وحقوق الإدارة

لقد عمل المشرع المغربي على سن مجموعة من الضمانات لفائدة الملزم، بغية خلق نوع من التوازن في العلاقة بين الملزم والإدارة الضريبة، هذه الأخيرة التي تبقى متمتعة بمجموعة من الصلاحيات، التي تسهل عليها عملية أداء مهمتها على أكمل وجه.

المطلب الأول: حقوق وواجبات الملزم بالضريبة على الأرباح العقارية

يتمتع الخاضع للضريبة بمجموعة من الحقوق المكفولة له بمقتضى القانون، هذه الحقوق التي تقابلها بعض الالتزامات التي يضمن القانون أيضا الالتزام بها، وذلك من خلال مجموعة من الجزاءات التي تتخذ في حق كل المخالفين.

الفرع الأول: التزامات الخاضعين للضريبة على الأرباح العقارية

يعد الإقرار الضريبي من أهم التزامات الخاضع، التي تعبر عن روحه المواطنة وكذا وعيه بالتزاماته تجاه الدولة، وتعد الضريبة على الأرباح العقارية من الضرائب التصريحية، أي المبنية على إقرار الملزم،[34] بحيث من واجب الملزم إيداع إقرار أو تصريح بعمليه التفويت المعتبرة بيعا، وذلك وفق مطبوع نموذجي معد مسبقا من قبل الإدارة الجبائية، ومرفقا بجميع الأوراق المثبتة المتعلقة بمصاريف التملك، وفي المقابل يستلم هذا الأخير وصل بالإيداع، وذلك داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ التفويت،[35] وفي حالة عدم تقديم الملزم للتصريح المذكور وأدائه الضريبة تلقائيا داخل الأجل القانوني، المحدد في 30 يوما الموالي لتاريخ اجراء التفويت، يكون حينها عرضة لتطبيق في حقه مقتضيات المادة 175 من المدونة العامة للضرائب.

كما يلتزم الخاضع للضريبة أيضا، في حال قامة الإدارة بتصحيح الأساس المصرح به[36]، بجواب هذه الأخيرة داخل أجل ثلاثين يوما الموالية لتاريخ تسلمه التبليغ بالتصحيحات المدخلة من قبلها، وفي حالة عدم جوابه داخل هذا الأجل، تفرض الضريبة عليه بناء على الأساس الجديد المعتمد من قبل الإدارة، ولا يمكنه أن ينازع فيها، إلا وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 235 من المدونة العامة للضرائب.

الفرع الثاني : حقوق الملزم بالضريبة على الأرباح العقارية

إن من أهم الضمانات المقدمة للملزم، غير أن الضريبة مبنية على إقراره التلقائي، يبقى من حقه كذلك أن ينازع في الضريبة من حيث الوعاء وكذا من حيث التحصيل، وذلك وفق مسطرة خاصة بالمنازعات الضريبية، والتي تتميز بالأساس بثلاث درجات، بحيث هناك مرحلة التظلم النزاعي أمام الإدارة، وكذا مرحلة  الطعن أمام اللجان المحلية أو الوطنية حسب الحالة، وتبقى المرحلة القضائية هي آخر مرحلة.

مقال قد يهمك :   العلم اليقيني بالقرار الإداري موضوع دعوى الإلغاء وأثره على أجل الطعن

وتبقى من أهم الضمانات المكفولة قانونا للملزم، تقييد المشرع المغربي للإدارة الجبائية عند تصحيح الأساس،  بمسطرة معينة وإلزام هذه الأخيرة باحترام المسطرة المذكورة، وذلك تحت طائلة إلغاء إجراء التصحيح[37]، كما يعد من بين الضمانات المكفولة للخاضع أيضا، إلزام الإدارة بالتبليغ وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب.

وكما سلف الذكر يحق للخاضع الذي لم يقبل بمجموع أو بعض مبلغ الضرائب المفروضة عليه، أن يوجه مطالبته إلى مدير الضرائب أو الشخص المفوض من لدنه لهذا الغرض[38]، ويتولى في المقابل هذا الأخير أو الشخص المفوض من لدنه، البت في المطالبة بعد البحث الذي تقوم به المصلحة المختصة، وإذا لم يقبل الخاضع للضريبة القرار الصادر عن الإدارة، أو في حالة عدم جواب هذه الأخيرة داخل أجل الثلاثة أشهر الموالية لتاريخ المطالبة، جاز له أن يرفع الأمر إلى المحكمة المختصة داخل أجل 30 يوما الموالية إما لتاريخ تبليغ القرار المذكور أو لانصرام أجل الجواب السالف الذكر[39].

وكما يضمن المشرع للملزم الحق في المطالبات النزاعية، فيبقى من حق هذا الأخير التقدم أيضا بالمطالبات الاستعطافية، ويتعل الأمر باستعطاف الإدارة من أجل إعفاء الملزم كليا أو جزئيا من غرامات وزيادات التأخير.[40]

كما يستفيد الملزم أيضا من حقه في التمسك بتقادم حق الإدارة في استيفاء الضريبة على الأرباح العقارية، وذلك بعد حلول 31 ديسمبر من السنة الرابعة التالية للسنة التي اكتشفت فيها الإدارة بيع عقار أو حق عيني عقاري، كما هو محدد في المادة 61 من المدونة العامة للضرائب، وذلك على إثر إما تسجيل محرر أو إقرار الخاضع للضريبة.[41]

المطلب الثاني: حقوق الإدارة الضريبية في ميدان الضريبة على البيوع العقارية

تتميز الإدارة الضريبية بضمانات عديدة، تجعلها في أغلب الأحيان الطرف الأقوى، ولعل من أهم الضمانات الممنوحة للإدارة الضريبية في ميدان الضريبة على الأرباح العقارية الناشئة عن التفويتات المعتبرة بيعا، هي مسألة التصحيح، فإذا لاحظ مفتش الضرائب فيما يتعلق بالأرباح العقارية، بعد الاطلاع على إقرار الخاضع للضريبة المنصوص عليه في المادة 83 من المدونة العامة للضرائب، أو ذاك المنصوص عليه في المادة 221 المكررة من نفس المدونة، ما يستوجب القيام ببعض التصحيحات أو تقدير ثمن التملك، أو نفقات الاستثمار غير المبررة أو هما معا، أو القيمة التجارية للأملاك  المبيعة، وجب عليه أن يبلغ إلى الخاضع للضريبة، وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب، الأساس الجديد المصحح وكذا أسباب ومبلغ التصحيحات المزمع القيام بها داخل أجل لا يتجاوز تسعين يوما  الموالية لتاريخ إيداع الإقرار الأول، أو الإقرار التصحيحي  المنصوص عليهما على التوالي في المادتين 83 و221 المكررة من المدونة العامة للضرائب، غير أنه يمكن للإدارة أن تقوم بالتصحيحات السالفة الذكر إلى غاية 31 ديسمبر من السنة الرابعة الموالية لتاريخ :

  • إيداع الإقرار المنصوص عليه في المادة 83- I من المدونة العامة للضرائب، في حالة عدم احترام الشروط المشار إليها في المادة 241_ – II المكررة من نفس المدونة.
  • إيداع الإقرار المنصوص عليه في المادة 83- – II من المدونة العامة للضرائب.

إذا أبدى الخاضع للضريبة داخل أجل الثالثين يوما الموالية لتاريخ تسلم التبليغ موافقته على أساس فرض الضريبة المبلغ إليه، صدر أمر بالاستخلاص من أجل  تحصيل الضريبة.

وإذا قدمت ملاحظات من قبل الخاضع للضريبة داخل أجل الثالثين المشار إليه أعلاه، ورأى المفتش أن جميعها أو بعضها لا يستند إلى أي أساس صحيح، وجبت متابعة الإجراءات وفقا لأحكام المادة 221- – II  من المدونة العامة للضرائب، ويترتب على الإخفاءآت المعترف بها من لدن الأطراف في العقد فرض ضريبة إضافية داخل أجل التصحيح المنصوص عليه في المادة 232 من المدونة العامة للضرائب.

ومن الضمانات المكفولة للإدارة أيضا كون مطالبات الملزم لا تحول دون التحصيل الفوري للمبالغ المستحقة وإن اقتضى الحال، الشروع في مسطرة التحصيل الجبري مع مراعات استرداد مجموع أو بعض المبالغ المذكورة بعد صدور الحكم أو القرار[42].

الخاتمة:

وفي الختام، ونظرا لكون الضريبة على الأرباح العقارية تعد من الضرائب التصريحية، فهي تعتبر من الضرائب التي تطرح مجموعة من الاشكالات على مستوى الواقعي أو العملي، ولعل أهم هذه الاشكالات نجد مشكل التهرب الضريبي، هذا المشكل الذي لم يسلم منه أي نظام ضريبي في العالم، وذلك راجع لعدة أسباب إما سياسية أو أنثروبولوجية واحيانا تكون الأسباب اقتصادية كما يمكنها أن تكون شخصية أو تشريعية إلى غير ذلك، كما أن التهرب الضريبي يمكن أن يتخذ صورتين فإما أن يكون عن سوء نيه وإما عن جهل الملزم بالتزامه الضريبي، لذلك يجب على الحكومة اعتماد سياسات رمزية من أجل تجديد روح المواطنة لدى الملزمين، كما أن هناك اشكالات أخرى تتعلق بالأمن القانوني وصياغة النصوص الضريبية مما يجعلها مليئة بالثغرات القانونية التي يستغلها الملزم السيئ النية، لنكون بذلك أمام تهرب قانوني، بحيث لا يخالف فيه الملزم القانون وإنما يتحايل عليه أو يستغله لفائدته.


الهوامش:

[1] – ظهير شريف رقم 1.77.372 بتاريخ 19 محرم 1398 (30 دجنبر 1977). يتضمن الأمر بتنفيذ قانون المالية لسنة 1978 رقم 77-1. الجريدة الرسمية عدد 3400- بتاريخ 31/12/1977 الصفحة  3737

*  الحق العين العقاري طبقا للمادة 8 من مدونة الحقوق العينية هو سلطة مباشرة يخولها القانون لشخص معين على عقار معين ويكون الحق العيني  اصليا او تبعيا.

[2] – جواد العسري. حكامة المالية العامة يالمغرب ( قراءة في تعديل الضريبة على الدخل صنف أرباح عقارية على ضوء قانوني المالية لسنتي 2013 و 2018 ). الطبعة الاولى. مطبعة الأمينة. سنة 2019. الصفحة 83.

[3] – جواد العسري. نفس المرجع. الصفحة 84.

[4] – قانون المالية رقم 06.43 للسنة المالية 2006. الجريدة الرسمية عدد .5487. 11 ذو الحجة 1427 الموافق لفاتح يناير 2007.

[5] – ظهير شريف رقم 1.19.125 صادر في 16 من ربيع الآخر 1441( 13 ديسمبر 2019 ) بتنفيذ قانون المالية رقم 19.70 للسنة المالية 2020.

[6] –  ظهير شريف رقم 1.12.57. صادر في 14 صفر 1434 ( 28 ديسمبر 2012 ). بتنفيذ قانون المالية رقم 115.12. للسنة المالية 2013.

[7] – ظهير شريف رقم 1.17.110. صادر في6 ربيع الآخر 1439 (25 ديسمبر 2017). بتنفيذ قانون المالية رقم 86.17 . للسنة المالية 2018.

[8] –  ظهير شريف رقم 1.79.413 بتاريخ 11 صفر 1400 (31 دجنبر 1979). يتضمن الأمر بتنفيذ قانون المالية لسنة 1980. الجريدة الرسمية عدد 3504مكرر بتاريخ 31/12/1979 الصفحة  3210

[9] – المادة 224 من المدونة العامة للضرائب.

[10] -المادة 224 من المدونة العامة للضرائب.

[11] – المادة 61 الفقرة الثانية من المدونة العامة للضرائب.

[12] – المادة 65 الفقرة الثانية من المدونة العامة للضرائب.

[13] – أنظر جواد العسري. نفس المرجع. الصفحة 88.

[14] – الفصل 478 من ظهير الالتزامات والعقود

[15] – الفصل 585 من ظهير الالتزامات والعقود

[16] – الفصل 586 من ظهير الالتزامات والعقود

[17] – حفيظة الغازي. الضريبة على الأرباح العقارية في ظل المدونة العامة للضرائب. الطبعة الأولى. سنة 2018. ص28

[18] – المادة 163 بالنسبة للرهن الحيازي والمادة 213 بالنسبة للرهن الرسمي من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية

[19] – بلعيد حفيظ. الاشكاليات المرتبطة بالإعفاء وتطبيق الحد الأدنى للضريبة على الأرباح العقارية . مقال منشور بمجلة دفاتر المجلس الأعلى. عدد 8. سنة 2005. ص 140.

[20] – الفصل 619 من ظهير الالتزامات والعقود

[21] – اسماعيلي صالح. مسكرة تضريب الارباح العقارية على ضوء المدونة العامة للضرائب. رسالة لنيل ديبلوم الماستر في القانون العام. مسلك العلوم والتقنيات الضريبية. كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. جامعة الحسن الأول سطات. السنة الجامعية 2013.2014 ص 10.

[22] – حفيظة الغازي . المرجع السابق. ص 29.

[23] – بلعيد حفيظ. المرجع السابق. ص 128.

[24] – المادة 82 المكررة مرتين من المدونة العامة للضرائب

[25] – الفقرة الأولى من المادة 173 من المدونة العامة للضرائب

[26] – الفقرة الأولى من المادة 73 من المدونة العامة للضرائب

[27] – البند الثاني من الفقرة الثانية من المادة 144 من المدونة العامة للضرائب

[28] – الفقرة الثالثة من المادة 3 من المدونة العامة للضرائب

[29] – المادة 63 من المدونة العامة للضرائب

[30] – المادة 65 من المدونة العامة للضرائب

[31] – البند 28 من الفقرة الأولى من المادة 92 من المدونة العامة للضرائب

[32] – الفقرة الثانية من المادة 3 من المدونة العامة للضرائب

[33] – القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الاطفال المهملين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.172 بتاريخ 13 يونيو 2002.

[34] – تم التنصيص على الالتزامات المتعلقة بالإقرار في المواد من 148 الى 155 .

[35] – المادة 83 من المدونة العامة للضرائب.

[36] – المادة 224 من المدونة العامة للضرائب.

[37] – البند 8 من المادة 220 من المدونة العامة للضرائب.

[38] – المادة 235 من المدونة العامة للضرائب

[39] – المادة 243 من المدونة العامة للضرائب

[40] – المادة 12 من الظھير الشريف رقم 1.00.175صادر في 28 من محرم 1421 ( 3 ماي 2000(  بتنفيذ القانون رقم 97.15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية.

[41] – المادة 232 من المدونة العامة للضرائب.

[42] – المادة 235 من المدونة العامة للضرائب

تعليقات الزوار ( 0 )

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)